مازال "ابو احمد" يدور حول نفسه ويبحث عن أسباب لمُعادة المسيحيين الّذين يعملون معه، لقد أصبح شغله الشاغل هو البحث في سلة زبالته النتنة عن تهم يلصقها بزملائه المسيحيين، فيُصدِر فتاوى تقشعرّ لها الابدان، وباتت كلّ عبارة يقولها المسيحي ولو كانت "صباح الخير" يحلّلها بخباثة مقرفة، بإلهام من قرآنه وكتبه الاسلاميّة العنصريّة.
أبو أحمد الحالة الوبائيّة لهذا العصر الذي يُجسّد الشريعة الإسلاميّة العنصريّة، يبذل قصارى جهده ليشوّه صورة الإنسان المسيحي الصالح، فهذا المعلّم، المربّي، المُهذِّب، يدخل إلى الصّفوف الثانويّة وينفث سمومه بين عقول الطّلاب الغضة، فيصفُ لهم جهنم بنارها الدّائمة الاشتعال، محذرا ايّاهم أن يتجنبوا الضحك لئلا يقودهم الفرح والضحك الى العذاب والبكاء.
الضحك بعرف أبي أحمد من الامور المكروهة خصوصًا إذا كان الضاحك هو إنسان مسيحي مع مسلم، لأنّ المسلم في هذه الحالة يقع في مطب، فالعقاب الإلهي سينزل على كليهما ولكن طبعا حظ المسيحي من العقاب سيكون أفظع وأشدّ حزما منه مع المسلم.
أتعجب من إنسان مثل أبي أحمد الّذي يرى العالم كلّه بمنظار أسود خبيث، وإن دلّ هذا على شيء فإنّه يدلّ على سواد قلبه وخباثة شريعته، لقد انقلبت المعاير في هذا الانسان، فالضحك الذي هوعلاج لأمراض كثيرة كما ذكرت الراهبة إفلين متّى ـ رحمها الله ـ في كتابها: "مشاعل من نور"(1) وكما أجمع عدد كبير من الباحثين أن الضحك يحرّك عضلات كثيرة الامر الذي يعود بالفائدة على الضّاحك، أصبح الضحك بعقيدتة القذرة سببا اخر لدخول الجحيم، وما أكثر أسباب دخول الجحيم في سنة محمد.
يقوم طلاب المرحلة الثانوية في المدرسة التي أعمل بها بالعمل ـ وتحت إشرافي ـ على مشروع مناهض للعنف، وبعد أن بذلنا مجهودا كبيرا في فكرة نبذ جميع أنواع العنف الجسدي، والكلامي، والعنف ضد الممتلكات، يقف أبو أحمد أمام عدسة التصوير ويقول: "لا يحلّ للمسلم أن يضرب المسلم بما لا يليق.."
جنّ جنوني لخطورة هذه العبارة وكانت بمثابة فشل ذريع للمشروع.
ما وراء هذه العبارة من خطورة يكمن في أنه قد يحلّ للمسلم أن يضرب غير المسلم بما يليق من جهة، من جهة اخرى أبو أحمد يحلّل العنف إذا كان يرى أن الوضع يستحق ذلك، فشل المشروع وفشلتُ أنا في رسالتي التربويّة، أيّ رسالة تربويّة سيستخلص السّامع لعبارة أبي أحمد، وقد أعطى شرعيّة للعنف؟
قال السّيّد المسيح: "لا تقاوموا الشّر بالشرّ، بل قاوموا الشر بالخير".
أليست عبارة المسيح هذه رسالة سامية قد تقود العالم المتعب إلى السلام وهدوء نفسه؟ بالمقابل فإنّ عبارة أبي أحمد بشكل مباشر أوغير مباشر تقود العالم الى الحرب؟
ولكن أبو أحمد لم يقلْ إلا ما قرأه في قرآنه والاحاديث والوثيقة العمريّة.
والمصيبة أنّ عدداً كبيراً من العاملين معي الذين يحملون شهادات جامعية، يلتفون حول هذا النّوع الرّخيص، الخبيث من الشيوخ مثل أبي أحمد وأمثاله كالقرضاوي وعمرو خالد ويهتفون: "لا اله الا الله.." والسعادة والاعجاب يغمران قلوبهم من فيض "رحمة محمد".
شلّة متعفني الافكار تعمل جاهدة لتعفين أفكار المجتمع كّله، وهذا العفن الذي يخترق المجتمع سيُرجع الشرق الى مزبلة التّاريخ بعد أن استطاعت بعض الفئات المتنوّرة أن تدفع بالشرق نحو الرقي الحضاري ولكن! أبو أحمد وشلّته يقفون بالمرصاد لجبران خليل جبران ولنوال السعداوي ونبيل فياض ووفاء سلطان وأبو موسى الحريري ومصطفى جحا ولكلّ من يحاول أن ينوّرعقول الاجيال الصاعدة.
كان السيّد عميت وهو محاضر في جامعة حيفا دائما يقول: "التّراجيديا في الشرق هي أنّنا ـ أي اليهود ـ على حقّ وهم على حقّ".
أخطأت يا استاذي لأنّ التراجيديا في الشرق هي أن الشريعة المحمديّة العنصريّة لا تريد رؤية يهودي ولا مسيحي بالشرق. شر ما في الشريعة الإسلامية أنها قتلت ضمائرهذه الامّة وجعلتهم عبيدا ينساقون الى ذلّهم بقناعة لا مثيل لها وأن الله راضٍ عنهم وسوف يهبهم بيوتاً للّدعارة في جّنته الطاهرة.
في الجنة ستسبح شلة القمامة في أنهار من خمر ويُشبعون غرائزهم بحوريات وهّاجة منيرة، أمّا الفئات المتنوّرة فإنّها سوف تتلوى بنار جهنم وكلما نضجت جلودهم سوف يستبدلها الله بجلود اخرى.
يمكنك أن تشعر برائحة "الفطيسة" من بعد كيلومترات، والاسلام اليوم بدأ يؤثر حتى خارج صحرائه القاحلة وها هو يجتاز المناطق التي احتلها وقت عصابة محمد الارهابي. وضع مأساوي يعيشه العالم كله دفع بالولايات المتحدّة الامريكية أن تضحي بأبنائها البواسل وبمالها في محاولة لإعادة الهدوء إلى الشرق والعالم كلّه.
واعجباه! أمّة تزني بالحلال وترجم الزانية، أمّة تقتل بتعليم من الله بينما الله هو الحياة، أمة تضطهد الوديع وتساير الشرس، أمّة تلتحف بالدين وهي حافية القدمين، أمّة تدعي الاعجاز العلمي وهي في حضيض العلم، أمة تدّعي التاريخ المجيد وتاريخها قتل وغدر، أمّة ترتدي الحجاب والمخفي أعظم، أمة تدّعي الرحمة وتفجّر الابرياء، أمّة تدّعي الامانة والفساد يعشعش في أعماقها.
ألا تعجبون من مثل هذة الأمّه؟؟
لقد باتت الشريعة الاسلاميّة بضاعة كاسدة في السوق فترى أبا أحمد وشلّته يجلسون في المجامع في محاولة فاشلة منهم لتسويق ما قد تعفن لديهم. ها هو أبو أحمد يتصدّر أحد المجامع ويقول بفخر واعتزاز: "إن تعلّم الشريعة في مصر هو من أصعب المواضيع وهو يوازي الطّبّ."
لا أعرف إذا كان هذا الانسان عاقلا أم أنه هارب من إحدى مصحّات الامراض النفسيّة ـ لعلّ الدكتورة وفاء سلطان تسعفنا في هذا الموضوع ـ سمعت هذه الجملة من أبي احمد وُصعقت، كيف يمكن لإنسان من أمثال أبي أحمد أن يوازي بين الطّبّ والشّريعة؟
الطّبّ يا سادة! الرسالة الانسانية التي تُنقذ حياة الإنسان وتخفّف من أوجاعه ساعة المرض، أصبح بإرادة أبي أحمد موازياً للشريعة الاسلاميّة.
أولئك يا أبا أحمد يسهرون الليالي منكبّين على الدراسة وحفظ المصطلحات العلمية، يمضون أكثر من سبع سنوات من الجهد وأحيانا لا يملكون الوقت حتّى لقضاء إجازة العيد مع أهلهم، ويبذلون قصارى جهدهم في سبيل حياة الانسان، ويقضون أوقاتهم في المستشفيات بين المرضى، بينما أنت وأشكالك تسهرون الليالي على التخطيط لعمليات إرهابية، وتمضون أوقاتكم بتنمية الحقد المتأصل بنفوسكم المريضة، وتفجّرون أنفسكم في مطعم أو حافلة ركاب فتقضون على حياة أسر كاملة..
أراهم يتراكضون بين أقسام المستشفى محاولين إعادة الحياة لمن سلبتم منهم الحياة نتيجة عملية إرهابيّة من تخطيطكم مستوحاة من شريعتكم. هم يبنون، أنتم تفجّرون، هم يحاولون إعادة الحياة لضحايا الإرهاب، بينما أنتم تقفون مصفقين مهلّلين على صوت نحيب الامهات، هذه هي المعادلة وليست كما قلت، هم على القطب النقيض لكم.
لم أستطع أن أتمالك نفسي أمام هذا "الهبل" الذي يتفوّه به أبو أحمد فقلت بهدوء: "ماذا تحتاج الشريعة للدراسة؟ الشريعة هي ما ينشأ الإنسان عليه في بيته من قيم وأخلاق."
وكأني سكبت ثلجا على جسد دافىء في ليلة شتائيّة قارسة البرودة، وطفق أبو احمد بوعظي وتهذيبي، مستخدما الة التسجيل أي العنعنة(2) على دأبه، وختم جرس المدرسة الذي أعلن ابتداء الحصّة محاضرة أبي احمد "القيّمة" التي لم أفهم منها سوى أنّي مسيحي ولا يجوز لي التدخل بأمور الاسلام التي ليست من إختصاصي، فندمت على السّاعة التي نطقت بها عبارتي التي وضعتني في قفص الإتهام وقلت لنفسي: "أربط الحمار وين بدو صاحبو" فليكن الطّبّ موازياً للشريعة بل ذهبت لأكثر من ذلك فليكن تعلّم الشريعة في الازهر "الشريف" أصعب الف مرّة من تعلّم الطّبّ.
(1) مشاعل من نور، الجزء الثاني، الراهبة افلين متّى، صفحة 145.
(2) العنعنة اي الاحاديث النبوية.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط