بسام درويش
/
Jul 31, 2006
"هذا ما جناه اللهُ وأمّتُهُ وحزبُه عليَّ وما جَنيتُ على أحد!.."
يقول لسان حال لبنان.
************
منذ أن تأسس لبنان وعيون العرب عليه.
لكنها ليست عيون أخوةٍ عطوفين أو أبٍ وأمٍّ حنونيْن.. إنها عيون حاسدة وقلوب كارهة!
هذا البلد الصغير، كان له أعظم الأفضال على الشرق الأوسط برمّته. كان منارة للعلم والتجارة والحرية والأدب يغمر نورها المنطقة كلها.
كان ملجأ للهاربين من الاضطهاد السياسي، لا بل كان ملجأ حتى لهؤلاء الذين كانوا يكرهونه ويتآمرون عليه حين كانوا في الحكم؛ وعندما دارت الأيام عليهم لم يجدوا إلا لبنان مقراً لهم أو معبراً يهربون من خلاله بجلدهم إلى الأمان.
كان مثالاً يُحتذى به في نظامه التعددي الديني، حيث لم يكن هناك من طائقة في العالم إلا وكان لها مكان آمن تمارس فيه عبادتها وشعائرها بكل حرية دون خوف من أحد.
كان "بلد الفرصة" للعرب كما هي أميركا الآن لهم ولغيرهم من شعوب العالم. كانوا يجدون في نظامه الاقتصادي الحر المستقر أرضاً خصبة لأموالهم التي كانوا يخشون عليها في بلادهم من التأميم أو المصادرة.
كان مركزاً حضاريا يبعثون بأبنائهم إليه لتحصيل العلم بعيداً عن مدارسهم وجامعاتهم المتخلفة.
وكان فوق كل شيء واسطتهم إلى العالم الحر من خلال مركزه المحترم في العالم كله.
كان اسم هذا البلد الصغير معروفاً في الغرب والشرق أكثر من اية دولة شرق أوسطية أخرى، فإذا سُئِلَ عربي خارج حدود بلده عن موطنه كان يُعرّف عن نفسه بأنه من المنطقة التي يقع فيها لبنان!
كان لبنان مقصد السيّاح من العالم كله، وللعرب جنةً يقصدونه للراحة والاستشفاء.
مع كل ذلك، فقد تمنوا له دائماً الخراب وعملوا على خرابه وخربوه.
حكام سوريا تآمروا عليه طمعاً به إذ كانوا دائماً ينظرون إليه كقطعة أرض مسلوخة يريدون استرجاعها.
الفلسطينيون الذين استضافهم لبنان بقلب رحب، تآمروا عليه آملين بتحويله وطناً لهم.
المصريون جعلوا منه ساحة لمؤامراتهم ضد سوريا بعد أن تحررت من حكمهم.
ولم يكن هناك من دولة عربية إلا واتخذت لبنان ساحة لمؤامراتها ضد دولةٍ أخرى.
وكانت غايتهم أولا وأخيراً السيطرة عليه لأنه كان شوكة في أعينهم لسبب مهم جداً: كونه دولة مسيحية.
وخلال العقدين الماضيين انضمت إيران إلى قافلة المتآمرين على لبنان، وللسبب نفسه أيضاً: إنهاء ما تبقّى من أثر مسيحي فيه.
إنّ ما يجري اليوم في لبنان ليس إلا تنفيذاً لمؤامرةٍ دنيئة للخلاص من المسيحيين فيه. ولأن إيران اصبحت اللاعب الأول فيه عن طريق عملائها الشيعة، فإنذ مصير السنّة والدروز وطوائف أخرى لن يكون أفضل من مصير المسيحيين.
لذلك، فإنّ نجاح إسرائيل في قضائها على عملاء إيران لن يكون لصالح أمنها فقط، إنما وبالنتيجة لصالح لبنان، لا بل ولصالح الشرق الأوسط برمّته. فأطماع إيران وأحلام شيعتها قديمة لن تتوقف عند حدود لبنان.
=============
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط