نهلة الحناوي
/
Jun 21, 2006
"يافاطر رمضان يا خاسر دينك، بكره القطة السوده هتاكل مصارينك"..
تلك هي كلمات اغنية مصرية كنت اسمعها وانا طفلة في المدرسة اتذكرها الآن وانا في الغربة واضحك.
(رمضان شهر الصوم والتقوى والعرفان و......الخ) كأن الله لم يأمرنا بالتقوى إلا في شهر رمضان!
كنت كثيراً ما اسأل، لماذا نصوم رمضان، فكان الرد متنوعاً: كي تشعري بالفقراء.. أو، لأن الله امرنا بهذا.. أو، لأنه صحي.. أو، ليعلمنا الصبر والتسامح.. وغير ذلك!
اسمحوا لي أعلق على هذا الهراء بالعامية المصرية بقولي "كلام إيه ده؟"، وبعبارة أوضح، إنه ليس حقيقياً على أرض الواقع. دعوني اعلق على هذه المقولات وفقا للواقع لعلنا ننقذ الأجيال القادمة من هذا االنفاق والتناقض.
أولاً: أليس هناك أي أسلوب آخر للشعور بالفقراء غير الإمتناع عن الطعام والشراب. أي إحساس بالفقراء هو هذا ونحن نتناول اشهى واحلى أصناف الطعام في هذا الشهر والتي لا يحلم بها الفقير وربما لم يتذوقها طول حياته.. هذا الفقير الذي يقولون لنا بأننا نصوم ن اجله؟ هل سوف تحلّ مشكلة الفقير بامتناعنا عن الطعام والشراب لمدة عشر ساعات يوميا خلال شهر رمضان؟ أليس تخصيص شهر كامل لـ "التفكير" بإيجاد حلول لمشكلة الفقر وللقيام بحملة جدية لمساعدة الفقراء هو أمر أفضل من هذا الصيام الكاذب؟
ثانياً: "لأن الله امرنا بهذا"!.. إجابة لم تكن ولن تكون مقنعة لعقل بشري مفكر متعلم، ولن تكون أساساً لشعب طامح في التقدم. لأنه "فرض" او لأنه "في القرآن" لا يعني عدم سؤالنا او طلبنا للإقناع.
ثالثاً: ما هي فائدة رمضان صحياً؟ وهل يمارس العرب رمضان بطريقة صحية؟ إنهم يأكلون على الإفطار احلى المأكولات وأعظمها ضرراً للمعدة. كتل من السمن والزبد، بحور من الزيت والنشويات، اصناف متنوعة من البروتينات تليها السكريات. كل هذا على معدة لم يدخلها شئ طيلة النهار. ومع مشاهدة البرامج الرمضانية تتهافت الحلويات على أفواه الفاطرين ولا يتوقف فم الفرد عن مضغ الطعام حتى السحور، ولذلك ليس من الغريب ان ادوية آلام المعدة والتقلصات هي اكثر الأدوية التي تباع في رمضان!
رابعاً اي صبرٍ هو هذا الذي يقول العرب بأنهم يعوّدون أنفسهم عليه في رمضان؟ اكثر الخلافات والحوادث تحدث في رمضان خاصة عند اقتراب الساعة اربعة. يفقد الفرد سيطرته على نفسه لأنه لا يستطيع التوقف عن التفكير في الطعام. تتأخر مواعيد العمل في كثير من الدول العربية وتأخذ بعض الدول شبه اجازة رسمية لمدة شهر كامل. يذهب الفرد الى العمل بلا طاقة اوقدرة على التركيز في العمل وحين يحدث خطأ في العمل يكون الرد بسيطاً جداً "انا صائم". يرجع الفرد الى البيت ليأخذ قيلولة حتى صلاة المغرب لكي لا يشعر بالجوع. هل هذا هو الصبر؟
خامساً: شهر التقوى. كأن الله لم يأمر المسلمين بالتقوى إلا في هذا الشهر. حين تذهب الى بار او فندق وتطلب خمرة يقول لك الجارسون "آسف لا نبيع الخمر في شهر رمضان" ، ترى عدد المحجبات زاد وارتفع مرة واحدة وعدد المصلين في الجامع، سبحان الله اصبح الضعف. كأن المسلمين اصبحوا ملائكة في رمضان. من كان يعربد ويسكر طيلة السنة يلبس قناع التقوى في رمضان.
حين امشي في الشارع وينظر لي شاب ويبحلق في كل قطعة من جسدي حتى اشعر كأن يده ستمتد علي ككلب مسعور ثم يقول "استغفر الله العظيم، احنا في رمضان".
التلفاز في شهر رمضان: قبل الإفطار يتكون من برامج لأشهى واحلى وأحدث المأكولات، وبرامج دينية لا تقدم ولا تؤخر حيث يقوم الشيخ الذي ربما لا يستطيع الكتابة والقراءة بالكلام على نفس المواضيع التي لم تتغير منذ عقود.
بعد الفطور: برامج كوميدية تليها الفوازير وبرامج الفنانين. ثم تبدأ المسلسلات تلو الأخرى. ولا يمكن ان ننسى المسلسلات الدينية او التاريخية التي لا تمت للتاريخ بشيء. لا ننسى ان برامج قبل الفطور يجب ان تكون محتشمة وليس بها اثارة اما بعد الفطورفيصبح احتشام المذيعات في خبر كان!
خلاصة هذا الكلام، رمضان هو الشهر الذي يكشف نفاق العرب وضعفهم وكذبهم. الساعة الواحدة عند الغرب لها قيمتها وانتاجها اما عند العرب شهر بأكمله ليس له قيمة. كيف يمكن ان نتقدم وننافس الدول العظمى ونحن في هذا التراخي والكسل. متى وكيف سنتخلص من هذا التناقض وادّعاء التديّن المستمر. متى سنخرج من هذا النظام القبلي المتخلف. شهر رمضان لدى العرب هو كناية عن الكسل والنوم والأكل؛ إنه شماعة يعلقون عليها خيبتهم.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط