بسام درويش
/
Aug 02, 2013
موقف العالم الغربي من انتفاضة الجيش المصري والأحداث الدائرة الآن موقفٌ يصعب على الشعب المصري فهمه؛ وأعني بالشعب المصري الغالبية العظمى التي خرجت إلى الطرقات تطالب بعزل الرئيس محمد مرسي. وقد عبرت شرائح كبيرة من الشعب عن غضبها لموقف الغرب وبالذات للموقف الأمريكي من الأحداث.
لا شك بأن للشعب المصري أن يعبّر، ليس فقط عن حيرته من هذا الموقف، إنما أيضاً عن غضب عارم. إذا كيف للغرب الذي عانى ولا زال يعاني من الإرهاب الإسلامي، أن يقف موقف المعارض لحركةٍ أطاحت بحكم رئيسٍ لو قدِّر له أن يدوم، لكان قد غير المشهد السياسي ليس في مصر وحدها، بل ربما، وخلال أعوم قليلة، المشهد في الشرق الأوسط كله، محولاً إياه إلى منطقة إسلامية تغلي عداءً للغرب وتشكل أعظم خطرٍ عليه وكذلك على إسرائيل!
ألم يعِ الغرب حتى الآن ما يمثله خطر الإسلاميين عليه وعلى أمن العالم كله واستقراره؟ وألم يرَ الغرب هذا الخطر في خطب محمد مرسي وغيره من قادة الأخوان؟
الجواب على هذا هو: طبعاً... الغرب يعي ذلك. لكن، ليس الغرب هو الذي دفع بالأخوان إلى الحكم. الشعب المصري هو الذي انتخبهم ودفعهم إلى الحكم، وهو نفسه الذي عاد للمطالبة بالخلاص منهم بعد أن رآهم غير صالحين لحكم البلاد، لا بل بعد أن شعر بخطرهم على مستقبل البلاد. كل ما فعله الغرب هو أنه دعم الشعب في مسيرته لتحقيق الديموقراطية، وقد كان للشعب ماأراد حين وصل مرسي وأخوانه إلى الحكم عن طريق انتخابات ديموقراطية.
السؤال الآن، هل يعقل أن يتوقع الشعب المصري من الغرب أن يسارع إلى مساندة حركة عسكرية وهي تطيح برئيس منتخب بشكل ديموقراطي؟
وحدهم الذين ينامون ويستيقظون على نظريات المؤامرة هم الذين يقولون بأن الغرب هو الذي أوصل الأخوان إلى الحكم...! الشعب المصري هو الذي أوصلهم إلى الحكم، وعلى هذا الشعب أن يفهم أن حكومات الغرب التي دعمته في مسيرته الديموقراطية لا يعقل أن يساند حركة عسكرية تطيح بحكومة جاءت عن طريق تلك الانتخابات الديموقراطية نفسها. ألن يقال عن موقف كهذا بأنه ازدواجية في المبادئ؟
الغرب ليس مغرماً بالأخوان ومن شابههم؛ لا بل إنه بالأساس لم يكن سعيداً بوصولهم إلى الحكم. الغرب لا يتمنى رؤية دولة في الشرق الأوسط بحجم مصر يحكمها إسلاميون، ولكنه في الحقيقة في موقف لا يحسد عليه إطلاقاً. هذا الغرب أراد للشعب المصري ولغيره من الشعوب العربية ربيعاً يحقق حلمهم بأنظمة ديموقراطية، وقد تحقق لها بالفعل ما أرادت، لكنه، ومن ناحية أخرى، سعيد كل السعادة بأن الشعب هو نفسه الذي عرف خطأه، وما على هذا الشعب إلا أن يتفهم موقف الغرب وأن يعجّل في مسيرته نحو الاستقرار وبناء دولة ديموقراطية حقيقية يعيش في ظلها كل مواطنيها بجميع طوائفهم وأعراقهم بحرية وكرامة.
عين الغرب على الديموقراطية ولكن قلبه ليس مع الأخوان إنما مع شعب مصر. وهؤلاء الذين ينادون اليوم بتحالف مع روسيا، انتقاماً من الغرب لاعتقادهم بأنه لم يقف معهم، لا يظلمون الغرب إنما يظلمون أنفسهم ومستقبل بلادهم، لأنه ليس هناك من دولة تحالفت مع الروس إلا وأصبح شعبها أفقر وأتعس من الروس أنفسهم.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط