بسام درويش
/
Jan 31, 2016
لفترة تقارب العشرين سنة، كان القس أميل حداد يتصل بي هاتفياً بضع مرات في السنة ليطمئن عن صحتي ويسأل عن عائلتي ويؤكّد لي أنّه يذكرني دائماً في صلواته اليومية.
عمل القس أميل راعياً لكنيسة في كاليفورنيا إلى أن قرر أن يستقيل من عمله ليؤسس مع القس غاري أنسديل منظمة "سفراء السلام." بعدها، أخذ يسافر إلى مختلف بلاد العالم، يقابل مسؤولين سياسيين وقادة دينيين بارزين، داعياً إياهم للعمل على إرساء التسامح الديني وتقبل الآخر. وكان من ثمار تلك الرحلات وثيقة الحقوق الدينية التي وقع عليها الأزهر والتي عاد الأزهر ليتراجع عنها في وقت لاحق.
كان صديقاً حقيقياً لم يعتب علي يومأً لقلّة اتصالي به كما كان يفعل هو دائماً. كان يقول لي، "يا بسام عند المحبة تنعدم كل الشكليات، ولا يهم من هو الذي يتصل بالآخر."
كان يخاطبني دائماً بعبارة "يا طيّب"، وكنت أجيبه بقولي، "إذا كان هناك من إنسانٍ طيب فهو أنت."
ستة أشهر مرت بعد آخر اتصال له. لم أعرف ما الذي حصل فجعل القس يتوقف عن الاتصال بي. ظننتُ أنه لربما كان في رحلة طويلة هذه المرة.
بعثتُ له رسالة مرفقاً بها مقالة جديدة كتبتها فلم أتلقّ منه جواباً على الرغم من أنه كان يكتب لي أو يتصل بي بعد كل مقالة أكتبها.
كتبت له مرة أخرى وانتظرت، وطال انتظاري، وها أنذا اليوم أشعر بخجلٍ ما بعده خجل لطول ذلك الانتظار. فالبارحة، خطر بفكري أن أبحث عن اسمه في محرك البحث، فجاءني الخبر المفاجئ. صديقي القس أميل هو حقاً في رحلةٍ طويلة جداً. لقد رحل عن هذا العالم منذ أكثر من سنة دون أن أسمع بخبر رحيله.
ألقيت برأسي على مكتبي وبكيت.
وداعاً يا أميل. وداعاً يا طيّب!
بسام
==============
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط