بسام درويش
/
Oct 28, 2005
لم يعد هناك من بيان يصدر عن فئة سورية معارضة أو تدّعي المعارضة، إلا ويتضمن إشارة إلى ما يسمونه بـ "قضية الأكراد العادلة".
ما هي على التحديد "قضية الأكراد العادلة" هذه؟
ما أعرفه هو أنّ هناك قضية عادلة واحدة للشعب السوري كله، وهي استبدال النظام الديكتاتوري الفاسد بنظام ديموقراطي حر يضمن لجميع فئاته حقهم في ظل دستور واحد وعلم واحد.
الشعب السوري يتكون من فئات دينية وإثنية متعددة. هناك السنّة والشيعة والعلويون والدروز والاسماعيليون والمرشديون والإيزيديون، وهناك الروم الأرثذكس والروم الكاثوليك والموارنة والبروتستانت، وهناك الأرمن والأكراد والجركس، وقبل أولئك وهؤلاء، هناك السريان سكان سوريا الأصليون الذين تسمّت البلاد باسمهم. فلماذا الحديث عن قضية عادلة للأكراد وحدهم دون غيرهم من كل هؤلاء؟..
هل "قضية الأكراد" إلا جزءاً لا يتجزأ من قضية واحدة كبيرة وشاملة، اسمها "قضية الشعب السوري مع النظام الحاكم، أم أنّ للأكراد حلماً بحقوق مميزة؟
*********
إنّ التركيز الدائم على "عدالة" هذه "القضية" ينطوي على أبعاد خطرة جداً لا يمكن ولا يجب أن تخفى على أحد. فالأكراد حين يتحدثون عن "قضيتهم العادلة"، لا يعنون بكل تأكيد موضوعَ مواطنةٍ وتجنسٍ ومساواة، إنما هم يتحدثون عن طموحاتٍ سياسية لتأسيس دولة كردية مستقلة على جزء من العراق وسوريا وتركيا! وهكذا وبالتالي، حين يركّز الآخرون على ما يكرره الأكراد عن هذه "القضية العادلة" فإنما يساعدونهم من حيث يدرون أو لا يدرون في ما يجب أن يُنظَر إليه على أنه مؤامرة على سوريا.
تصوّروا كل فئة من فئات الشعب السوري تطالب بدولة مستقلة. دولة للدروز ودولة للعلويين، ودولة للسنة، ودولة للمسيحيين، وأيضاً دولة للأرمن أو للجركس.. ولمَ لا؟.. فالأرمن والجركس سيقولون "إذا كان للأكراد حق بتأسيس دولة وقد هاجروا إلى هذه المنطقة كما هاجرنا نحن إليها، فيحق لنا أيضاً المطالبة بجزء من أرض سوريا.
ترى هل نسينا فئة أخرى غير هؤلاء؟.. بالتأكيد!.. كل فئة صغيرة ستطالب بدولتها عملاً بمنطق "ما حدا أحسن من حدا.. والعدد ليس هو المهمّ!!"
*********
إذا كان من حقِّ فئةٍ من الفئاتِ أن تطالبَ بدولةٍ فهي فئةُ السريان. الأرض كلها كانت أرضهم، ولغتهم كانت هي السائدة في بلاد الشام من مغربها إلى مشرقها ومن شمالها إلى جنوبها. إن اقلّ ما يجب عمله هو الاعتراف بلغتهم لغةً فخرية لسوريا تتصدر عبارة من عباراتها قبة البرلمان وتُفتَتَحُ به جلساته. لغةٌ يجب أن يكون لها قسم خاص في الجامعات لتدريسها كمادة أساسية تعتبر شرطاً من شروط التخرّج.
*********
إنَّ نظاماً علمانياً حراً ديموقراطياً هو وحده الذي سيكفل حقوق الجميع دون تمييز بينهم، لا على اساس دين ولا عرق ولا لغة. وتصميم الأكراد على استغلال هذه المرحلة التي تمرّ بها الأمة، أمرٌ يرفضه كل سوري يؤمن بوحدتها وبعظمة تراثها.
***************
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط