من المسؤول عن خطف البنات القبطيات؟
"ان قاع جهنم محجوز لاولئك الذين يقفون على الحياد عندما تتعرض القيم للخط" (دانتى)
تعد جريمة خطف الأنثى من الجرائم التي توصف بالبشاعة في المجتمعات المتحضرة والعقوبة عليها عقوبة رادعة، فاحترام النساء والأطفال والأقليات باعتبارهم الكيانات الضعيفة في المجتمع هي سمة تميز المجتمع المتحضر عن المجتمع البدائي حتى أن مجرد التحرش بالأنثى في حد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون بشدة وقبل البدء في أي عمل في أمريكا سواء كان صغيراً أم كبيراً لابد من التوقيع على إقرار بعدم التحرش الجنسي والعقوبات رادعة لمن يخالف هذه اللوائح تبدأ بالفصل من العمل وتنتهي بالمحاكمات الجنائية، وإذا كانت الأنثى قاصراً "أي أقل من 18 عاماً" فالتحرش بها مشكلة كبيرة جداً أما خطفها واغتصابها فهو أم الكبائر بحق في المجتمعات الغربية.
ماذا جري لمصر؟ وكيف تمارس أبشع الجرائم ضد الفتيات القبطيات بلا رادع من ضمير أو أخلاق أو قانون أو قيود مجتمعية؟ وما هي الأسباب وراء هذه الظاهرة السوداء؟ وكيف يوافق مجتمع يعد مهد الحضارة الإنسانية وفجر الضمير على هذه الجرائم البشعة؟
هل هي ظاهرة؟
السؤال الأول المطروح هل ما يحدث من اختطاف للفتيات القبطيات وإجبارهن للتحول للإسلام يمثل ظاهرة أم حالات فردية؟ إذا كانت الظاهرة هي نمط من السلوك يتكرر على مدى فترة طويلة فإن ما يحدث في مصر ضد الفتيات القبطيات هو ظاهرة بكل تأكيد، وهي ظاهرة احتجت عليها الكنيسة القبطية منذ أكثر من ربع قرن وبالتحديد في مؤتمر الإسكندرية الذي عقد تحت رئاسة قداسة البابا شنودة في 17 ديسمبر 1976، وذكر المؤتمر أن "هناك ضغوط تحدث لتحويل الفتيات القبطيات إلي اعتناق الإسلام وتزويجهن تحت الإرهاب بزوج مسلم" وطالب المؤتمر بإرجاع الفتيات المخطوفات إلي أهاليهن. إذن نحن أمام ظاهرة عمرها يزيد عن ثلاثة عقود في شكلها الحديث، ولكنها بالطبع تكررت عبر خمسة عشر قرناً منذ الغزو العربي.
السؤال الثاني: هل هي ظاهرة واسعة الانتشار؟
هنا تكون الإجابة مركبة فإذا تحدثنا عن الضغوط والاغراءات التي تمارس لأسلمة الفتيات القبطيات فنحن أمام ظاهرة منتشرة. أما إذا كان الحديث فقط عن اختطاف الفتيات القبطيات وإجبارهن للتحول للإسلام فنحن إزاء ظاهرة محدودة الانتشار.
السؤال الثالث: هل هي ظاهرة مخططة؟
هي بالتأكيد ظاهرة مخططة وسنتحدث لاحقاً عن أبعاد هذا المخطط. ولكن يثور سؤال آخر هل الحكومة هي التي تخطط لهذه الظاهرة؟ هذا سؤال آخر مركب فالحكومة لا تجتمع لتضع خطط لكيفية خطف البنات القبطيات ولكنها شريك متواطئ ومساهم بخلق هذا المناخ أما التخطيط الحقيقي فتقوم به أفراد وجماعات وجمعيات ومنظمات مصرية وإقليمية ولكن ما تخطط له الحكومة وتنفذه هو تهميش وضع الأقباط في المجتمع المصري وهذا يقودنا إلي السؤال الرئيسي ما هي الأسباب الرئيسية وراء ظاهرة خطف وأسلمة البنات القبطيات؟
1- مسئولية الدولة:
من المعروف أن أحد المهام الرئيسية للدولة وفقاً لتعريفها الحديث هي حفظ الأمن، فالحاجة إلي الأمن والأمان هي ثاني الحاجات الإنسانية وفقاً لمثلث ماسلو للحاجات، ومن ثم فالمهمة الرئيسية وفقاً للعقد الاجتماعي المفترض بين المواطن والدولة هي حفظ الأمن الداخلي والخارجي، وحفظ الأمن الداخلي يتم عبر ما يسمي "بالأمن الوقائي"، و"العقوبات القانونية الرادعة "لمن يعتدي على أمن وسلامة المجتمع.
الدولة لا توفر للأقباط لا الأمن الوقائي ولا الأمن القانوني الرادع ومن ثم تتحمل المسئولية الأولي عن ما يحدث للأقباط في مصر، فهي هنا شريك في الجريمة بتقصيرها في أداء مهامها وشريك أيضاً في الجريمة بتواطئها مع المجرمين القتلة والخاطفين؛ لأن جهازها الأمني النشط يعرف الكثير والكثير عن الجرائم التى تقع ضد الأقباط ومنها جرائم خطف البنات القبطيات ويتستر على ذلك، أنظر ما كتبه عصام الدين حسن أحد الناشطين في المنظمة المصرية لحقوق الإنسان "الدولة مسئولة عن حماية مواطنيها إزاء انتهاك حقوقهم من قبل مواطنين آخرين، ومع ذلك فإن المنظمة تلاحظ أن الدولة بصفة عامة لا تتحرك إلا لمواجهة ما تعتقد أنه يشكل تهديداً لها ولهيبتها كسلطة، ونظام حكم، بينما بدت في عديد من الحالات في موقف المتفرج أمام استخدام القسر والعنف من قبل جماعات الإسلام السياسي الذي وصل في بعض القرى لحد اغتصاب سلطة القضاء وعقد المحاكمات وتنفيذ العقوبات".
الدولة إذن مسئولة بالتقصير ومسئولة بتواطؤ جهازها الأمني ومسئولة أخيراً باشتراك عناصر من جهازها الأمني ذاته في الجرائم ضد الأقباط. وكما هو معروف ومتداول فإن بعض أفراد الشرطة اشتركوا في جرائم القتل التي حدثت ضد الأقباط في الكشح، وفي حادثة الزاوية الحمراء التي راح ضحيتها أكثر من مائة قبطي أعلن وزير الداخلية النبوي إسماعيل وقتها أن البوليس لم يتدخل في البداية لأسباب سياسية وفهم الأقباط أن الأسباب السياسية تعني إعطاء الفرصة للمتطرفين للانتقام حتى يشفوا غليلهم ويشعروا بنشوة النصر. لقد كنت شاهد عيان على حادثتي بنتين قبطيتين ولم يتدخل البوليس المصري وكان يعلم كل شئ إلا عندما وصلت الأمور إلي شيخ الأزهر والقيادات العليا في الدولة بواسطة من البابا شنودة وفي أقل من 24 ساعة تم إرجاع البنتين. ماذا يمكن أن يسمي هذا وماذا عن الغلابة الذين لا يملكون وساطة؟
الأخطر من هذا أنه لم تقدم الدولة متهم واحد خلال ثلاثة عقود بتهمة خطف البنات القبطيات إلي القضاء رغم تعدد وكثرة هذه الحوادث ورغم بشاعة الجريمة ،إلا يمثل هذا عمل مشين من قبل الدولة ويلطخها بالعار؟
إن الحفاظ وصيانة الوحدة الوطنية هو مسئولية رئيس الدولة كما ينص الدستور ووفقاً للقسم الذي أداه السيد الرئيس أمام الشعب، ولهذا طالب الأستاذ محمد حسنين هيكل أن يتولى الرئيس ملف الوحدة الوطنية بنفسه ولا يتركه للأجهزة الأمنية لأن هذا يمثل مسئوليته الدستورية. إن أوضاع الشعب القبطي بأكملها مسئول عنها قسم الأقباط بمباحث أمن الدولة ويرأسه ضابط برتبة عقيد مع مجموعة أخري من الضباط فهل يعقل أن يترك أهم ملف مصري في يد عدد من الضباط الصغار؟ إن تحويل الملف بأكمله إلي الرئيس هو الخطوة الأولي إذا كنا نريد البدء بجدية في مناقشة هذا الملف بعيداً عن هذا العبث الأمني.
إننا نناشد السيد الرئيس أن يترك منتجع شرم الشيخ ولو لبعض الوقت ويعود للقاهرة ويتعرف بنفسه عن كيف تسير الأمور بعيداً عن التقارير المزيفة التي تصله ونحن على استعداد لمساعدته إذا كان لديه الرغبة لمعرفة حجم المشاكل التي يعانى منها الأقباط.
2- التحريض الديني القاتل:
من يتابع الحقل الثقافي والإعلامي والتعليمي في مصر يلاحظ أن هناك كم يملأ مجلدات من الفتاوى المحرضة ضد الأقباط بدءاً بتكفيرهم والدعوة إلي قتالهم مروراً بكل أنواع الظلم الواقع عليهم وانتهاءً بالتحريض على خطف بناتهم. وأصحاب هذه الفتاوى مجرمين في حق الأقباط وحق الوطن، أما التنفيذ بعد ذلك فيعتبر واجباً دينياً. إن المتطرفين ومن يحرضهم لهم إله عجيب يحلل لهم كل ما يرغبون فيه من شهوات وأفعال آثمة إنه إله ملاكي يسير وفقاً لرغباتهم الدنيئة.
تعالوا نستعرض عينات من هذه الفتاوى السامة القاتلة:
ـ ما جاء في كتاب الإيمان بالله لشيخ الأزهر الأسبق عبد الحليم محمود قوله "إن المسيحيين أشبه بمرض خبيث معد، وأنه يجب على المسلمين أن يظلموهم، وأن يسيئوا معاملتهم ويحتقروهم ويقاطعوهم حتي يضطروهم إلي اعتناق الإسلام".
ـ "أما معاشرة النساء الأسيرات معاشرة الأزواج ففي هذا تكريم لهن، إذ يفعل بهن السيد ما يفعله مع زوجته"
(الشيخ محمد متولي الشعراوي – الأهرام 9/2/92)
ولماذا كان يصرخ الشيخ وصحبه إذن لاغتصاب الصرب للنساء البوسنيات أم أن ما هو حلال على المسلم حرام على غيره إنها جرائم إنسانية بشعة بصرف النظر عن الدين أو العرق ؟؟
ـ مثل ما كان يردده خطيب مسجد الجمعية الشرعية بأسيوط يوم الجمعة على الملأ لسنوات طويلة: "إن نسوان المسيحيين حلال لكل مسلم".
وكاتب هذه السطور سمع بنفسه أحد مهاويس التطرف الديني وهو يقول من إحدى الزوايا "إن اغتصاب المسيحيات حلال لإجبارهن على دخول الإسلام".
ـ خذ مثلاً أخر الفتاوى التي أصدرها شيخ الأزهر السابق جاد الحق على جاد الحق في سياق إجابته على سؤال موجه عن زواج المسلمة من مسيحي، ورداً على هذا السؤال فقد أصدر شيخ الأزهر السابق فتوى بنيت على بحث فقهي مستفيض أنتهي فيها إلي أن أهل الكتاب اليهود والنصارى من الكفار، وأنه لا تحل المسلمة زوجاً لغير المسلم سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو غيرهما وأن أهل الدينين يصدق عليهم وصف الكفار ووصف المشركين.
(ا المستشار محمد سعيد العشماوي فتوى ومقال جريدة الأهالي 10/4/96).
ـ ومن ذلك الفتوى التي صدرت من لجنة الفتاوى بالأزهر عام 96 عن حكم المسلمة من زواج النصراني، وجاء الرد: لا يجوز لأن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، وتنسب الأطفال إلي الطرف المسلم لأن الولد يتبع خير الوالدين ديناً كما تقول القاعدة الفقهية.
ـ وأيضاً ما ذكره هشام خليفة المحامي في باب "مع القانون" بجريدة الأهرام بتاريخ 16/9/96 "أما الفعل الذي يتضمن الكفر مثل التردد على الكنائس"
ـ "إن الإسلام ينفرد بين أديان الدنيا بأنه الدين الوحيد الذي يمكن أن نسميه ديناً وأيضاً إن النصرانية التي أرسلها الله على عيسي عليه السلام ضاعت بعد موته" (حسين مؤنس – مجلة أكتوبر 15/3/92)
ـ "المسلم في تعامله مع المسيحيين يشعر أنه الأعلى ولا يأتي على باله أن هؤلاء القوم من الكفار هم من يستحقون التقدير والاحترام.. وكذلك ليسوا محل القدوة والإعتزاز، بل هم كالأنعام، بل هم أضل منها، مهما عملوا من الأعمال الدنيوية الناجحة" (مجلة المسلمون 29/10/1993)
ـ انظروا مثلاً ما يكتبه زغلول النجار في جريدة الأهرام أسبوعياً من سموم يبثها ضد غير المسلمين: "الكفار والمشركين والمنافقين، خاصة من كان منهم من أهل الكتاب الذين حرفوا دينهم، أمثال اليهود المجرمين الذين كانوا ركازة الكفر عبر التاريخ ولا يزالون هكذا إلي اليوم وإلي أن يرث الله تعالي الأرض ومن عليها.. من يمثلون أبشع صور الكفر" (الأهرام 15/7/2002)
"ومواقف بعض أهل الكتاب من مواثيقهم وما أحل بالكافرين منهم من دمار نتيجة نقضهم لمواثيقهم من أمثال أتباع كل من موسى وعيسي عليهما السلام ثم إلي تبرئة السيد المسيح مما ألصق به من دعاوى الألوهية الكاذبة" (الأهرام 1/1/2002)
"يتضح أن الديانة اليهودية ليست ديناً من الأديان بقدر ما هي حالة مرضية تعتري الفطرة السوية فتخرجها عن إطارها الإنساني إلي دائرة الشياطين" (الأهرام 22/7/2002)
ـ قول عبد الجواد يس "في حكم الوطنية.. المسلم والنصراني واليهودي والملحد سواء.. وفي حكم الإسلام ليسوا كذلك على الإطلاق، وإنما لهم أحكام في شريعة الإسلام مخالفة لشريعة المسلمين، ففي دولة الإسلام أيا كان اسمها فلا مفر من الجزية ولا مشاركة في الحكم ولا اعتماد عليهم في دفع ولا جهاد وإنما هم دوماً في حالة ينبغي أن تشعرهم بقوة الإسلام وعظمته وبره وخيره وكرامته وسماحته، أي في حالة تدفعهم على الجملة في الدخول فيه" (المصدر: عبد الجواد ياسين ـ مقدمة في فقه الجاهلية المعاصر 1986)
ـ خذ مثلاً الرأي الذي أدلي به مصطفي مشهور المرشد السابق للإخوان المسلمين للأهرام ويكلي بتاريخ 3/4/1997 وقال "أن على الأقباط أن يدفعوا الجزية بديلاً عن التحاقهم بالجيش حتى لا ينحاز المسيحيون الذين في صفوفه إلي صف الأعداء عند محاربة دولة مسيحية"
ـ تعالوا نقرأ ما كان يدرس في كتاب "أصول التربية" على طلاب كلية التربية بجامعة أسيوط ـ فرع سوهاج
· المسيحية قدست المسيح وهو نفس الشيء مع الماركسيين
· المسيحية كاليهودية توليفة مصرية يهودية
· المسيحية تقوم على اليهودية واليهودية ليست ديناً
· المسيحية طعمت بالوثنية
· المسيحية تحولت إلي ديانة وثنية
· المسيحية تم فيها عبث بشري جعلها توليفة لليهودية والوثنية
· بولس الرسول تظاهر بالنصرانية لتحريف المسيحية
ـ بل لك أن تتخيل ما يقرأ أطفال المدارس فيما يسمي بالمدارس فيما يسمي بالمدارس الإسلامية وأيضا الحكومية(بالمناسبة 22% من مجمل التعليم في مصر هو تعليم إسلامي يبث الكراهية ضد الآخر الديني ويدعو إلي نفيه واستئصاله) ففي أحد الكتب المقرر على الأطفال نقرأ:
· المسلم يغسل يديه قبل الأكل وبعده
· المسلم يمشي في هدوء ووقار
· الضالون هم النصارى
· إن الدين المقبول عند الله هو الإسلام ولا دين يرضاه الله سوي الإسلام
إن هذه الفتاوى المسمومة لو اخذ بها المسلمون لكانت النتيجة استئصال كامل للأقباط من مصر، ولكن نحمد الله أنّ الكثير من المسلمين اكثر رقيا وإنسانية من شيوخهم ومن تراثهم.ولذلك لا عجب في إطلاق البعض على المتطرفين "حزب الجمعة"، فالمسلم يظل إنسانا عاديا إلى ان ينتظم وراء أحد هؤلاء الشيوخ يوم الجمعة وعندها يتحول إلى كائن عجيب يود افتراس كل ما هو غير مسلم وان لم يجد يفترس جماعته ونفسه كما حدث في أفغانستان والجزائر والسودان.. الخ
ماذا نتوقع من المجرمين والأوغاد وهم يبحثون عن سبب شرعي لتحقيق مآربهم الدنيئة أليست هذه الفتاوى والكتابات السامة هي التي خلقت مبدأ "الاستحلال" أي استحلال أموال وأرواح وبنات الأقباط، المعتدون ليسوا وحدهم المجرمين الأوغاد ولكن كل من يلقي لهم بهذه الفتاوى شريك كامل في الجريمة.
3- أحكام قضائية عنصرية:
ليست فقط الفتاوى والكتابات هي التي تحرض على استحلال كل ما هو قبطي ولكن القضاء ساهم أيضاً في هذا المزاد بعدد لابأس به من الأحكام العنصرية وتكفينا الأحكام المضحكة التي صدرت ضد قتلة الأقباط عبر نصف قرن لتوضح أن القضاء ليس بريئاً مما يقع على الأقباط خذ مثلاً:
· في أحد الأحكام جاء أن المسلم هو الشخص الشريف وأن من ليس مسلماً فهو يفتقر إلي الشرف (القضية رقم 2473 لسنة 1953 السيدة زينب)
· حكم بإنهاء حضانة أم قبطية لأبنها المسلم عندما أسلم زوجها وقالت المحكمة تبريراً أنه يخشى أن يتأثر الطفل بعادات الكفر إن بقي مع الأم (القضية رقم 17 لسنة 1961 محكمة استئناف إسكندرية)
· ألغيت وصاية أب قبطي على ولديه عندما أسلمت الأم لأنه حسب قول المحكمة يتعين أن يتبع الأولاد الدين الأصلح والإسلام هو أصلح الأديان. (القضية رقم 462 لسنة 1958 محكمة الإسكندرية الابتدائية)
· أما الشهود في القضية فكلهم من غير المسلمين الذين لا تجوز شهادتهم شرعاً لأن المشهود عليه مسلماً. وذلك عملاً بفقه المذهب الحنفي المجمع عليه، لأن الشهادة من باب الولاية، ولا ولاية لغير المسلم على المسلم (حكم محكمة النقض 221 لسنة 40 ق أحوال شخصية 19 مايو 1970)
· أن من دخل الإسلام تطبق عليه المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ومن ثم لا يحق له الرجوع إلي المسيحية مرة أخري وإلا أنطبق عليه حكم المرتد (حكم محكمة القضاء الإداري بتاريخ 8/4/1980)
· إن الزوج يقتاد الزوجة إلي الفراش (كذا) ومن ثم فلا يمكن أن يكون أدني منها في الإيمان. وقد قال الله تعالي في سورة البقرة الآية 221 "ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا" وقد قال رسول الله "الإسلام يعلي ولا يعلي عليه" وقد استنبط الفقه الإسلامي من ذلك بالإجماع بأن المسلمة لا تحل للكافر، وهكذا يجب التفريق بين الزوجين ويعاقب غير المسلم إن كان قد بني بها (كذا)، أما المرأة المسلمة فتبرأ وإذا تحول هو إلي الإسلام بعد الزواج فلا يعتمد عليه بهذا الزواج لأنه كان باطلاً ابتداءً ولا يصححه تحوله إلي الإسلام (حكم محكمة الإسكندرية الصادر في 21 أبريل 1957).
· إن الشخص الذي يتحول عن الإسلام هو في حكم القانون ميت (تقرير النيابة العامة بالإسكندرية 29/5/72)
هذه مجرد عينة من الأحكام القضائية العنصرية وفي الفم ماء كثير
4- خطف البنات عملية مخططة:
ليست عملية خطف وأسلمة الفتيات القبطيات هي استجابة لهذا الهوس والتحريض العنصري ضد الأقباط فحسب ولكنها أيضاً عملية منظمة ومخططة من قبل جمعيات ومنظمات داخل مصر وممولة تمويل محلي وعربي حيث يكمن دورها الأساسي في إغراء وإغواء البنات القبطيات، إما بطرق الدهاء والمكر والإغراء أو بالقوة إذا استلزم الأمر ذلك. وفي محاضرة ألقاها في لندن منذ أربعة أعوام أحد كبار رجال الكنيسة القبطية وهو نيافة الأنبا أثناسيوس الراحل مطران بني سويف السابق حيث كشف عن جانب من أساليب هذه الجمعيات في خطف البنات القبطيات من خلال محاولة احتوائهن عن طريق الصداقات التي تنتهي في النهاية إما بالإغراء الجنسي أو بالخطف والتحفظ الإجباري عليهن في عدة بيوت منتشرة في أنحاء مصر، وإجبارهن على اعتناق الإسلام. وقد أوضح نيافته من خلال رواية إحدى البنات القبطيات التي استطاعت أن تهرب. وكانت هذه المحاضرة شهادة على عصر بأكمله ومدى ما وصل إليه هذا العصر من انحطاط وصرخ في نهاية المحاضرة التي أحتفظ بتسجيل لها متي يارب تخلصنا من هذا الذل.
وقد سمعنا من قبل عن جمعية الهداية الإسلامية التي أسسها حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية الأسبق ودورها في حركة الأسلمة وقد تردد أن أحد المراكز حاليا الذي يحمل اسم بلدة فلسطينية يقوم بنفس الدور. وقد كشف المرحوم د. فرج فودة في 19/9/85 في حديث لمجلة شبيجل الألمانية عن حجم الأموال التي تتدفق على هؤلاء المتأسلمين من العربية السعودية ومن ليبيا ومن أثرياء عرب. والغريب أنه بعد 16 عاما من حديث المرحوم فرج فودة نشرت جريدة لوموند الفرنسية مقالة بتاريخ 25/9/2001 بعد أحداث 11 سبتمبر بعنوان "الذراع المالي لبن لادن يمتد من الخليج إلي أوروبا" وذكرت حجم التدفق المالي على المتأسلمين المخربين في مصر وفي كل أنحاء العالم عبر شبكة مالية عبارة عن تكوين هلامي من عشرات الشركات والجمعيات الخيرية والبنوك ومن ضمن ما ذكرت "بنك التضامن الإسلامي" و "بنك فيصل الإسلامي" و "بنك دبي الإسلامي" و "دار المال الإسلامي" و "منظمة الإغاثة الإسلامية" وكان أحد أهداف هذه الأموال الدعوة إلي الإسلام بكل الطرق وقد تدفق الكثير من هذه الأموال على مصر لأسلمة الأقباط والفتك بهذه الأقلية المتجذرة في التاريخ المصري وفي التراب المصري؟ وياله من هدف تعيس كيف يمكن تخيل منطقة الشرق الأوسط بدون المسيحيين كما قال بحق الكاتب محمد حسنين هيكل والأمير طلال بن عبد العزيز لقد أزداد عدد المسلمين عدة مئات من الملايين في العقود الخمسة الأخيرة نتيجة التكاثر والتحول كما قال هنتنجتون ومع هذا ازدادوا ضعفاً وفقراً وبؤساً واستبداداً فهل ينقصهم بضعة ملايين من الأقباط ليضغطوا عليهم بكل هذه الوسائل المشينة لكي يتركوا ديانة آبائهم؟!
5- ضمير الأغلبية المسلمة
للأسف باستثناء قلة قليلة من المصريين فإن ضمير الأغلبية الحساس جداً تجاه نساء البوسنة وكوسوفوا ومتطرفي أفغانستان ومجاهدي الشيشان ضمير واسع ويبلع الجمل فيما يتعلق بالأقباط ومشاكلهم والاعتداء على بناتهم، لقد عماهم التعصب الديني عن رؤية المخاطر التي تهدد الوطن وعن الإحساس بالألم الذي يشعر به شريك الوطن، بل وضعف الحس الإنساني الذي يشترك فيه البشر، فالإنسانية وجدت قبل أن توجد الأديان والأوطان. وكما يقول جلال أمين "المسلمون والأقباط ليسوا طوائف بل أغلبية وأقلية: والأغلبية مسئولة عن استتباب الأمن أكثر من الأقلية لأن الأغلبية بيدها البوليس والحكومة والجرائد والإذاعة والتليفزيون والمدارس. بل المفروض أن تكون الأغلبية أقدر على ضبط النفس من الأقلية لأن لديها الشعور بالثقة بالنفس المتولد من كونها أغلبية والمفروض أن لديها من القوة ما يسمح لها بدرجة أكبر من الصبر والتسامح وأن من لديه القدرة هو أقدر على العفو من الضعيف".
وللأسف يا عزيزي د. جلال فإن الأغلبية هي التي صنعت التوتر والأقلية القبطية هي التي حافظت على استقرار البلد عبر تسامحها المفرط وامتصاصها للأزمات وتحملها المستمر لرزالات الأغلبية.. ان ما تقوم به الأغلبية يمكن ان يسمى "تواطؤ الأغلبية الصامت". وصدق المرحوم فرج فودة بقوله ان القاهرة ستحترق بأكملها إذا تحول بواب عمارة مسلم إلى المسيحية وأضيف وستحرق مصر بأكملها إذا اختطف شاب قبطى فتاة قاصر مسلمة واغتصبها واجبرها على التحول للمسيحية.ولكن بالطبع العملية العكسية تهلل لها وسائل إعلام الدولة ويبتهج بها الوجدان المتعصب.وإذا تحدثنا بالوثائق عن هذا العار المسمى بالتعصب وجرائمه المتعددة ضد الأقباط يخرج علينا صبيان الأمن في أجهزة الإعلام لاتهام الضحية وشتمها.
6- سلبية الأقباط:
تضاءل ثقة الأقباط في كل أجهزة الدولة وإحساسهم بانحيازها ضدهم من رجل الشرطة إلي رجل القضاء، ضاعف من سلبيتهم وإحساسهم بالحيرة، وجعلهم يلتجئون إلينا في الخارج أو ينتظرون معجزة سمائية تحدث لهم.
وفي العام الماضي أيقظتني في الخامسة صباحاً مكالمة من قبطي من بني سويف بمصر وهو يصرخ ساعدني على إنقاذ ابنتي الوحيدة التي تدرس بكلية التجارة وتم اختطافها من قبل أحد المسلمين وجاءني بزوجته التي أخذت تبكي وتنتحب على التليفون وأحسست بمدي قساوة الظلم عندما تتواطأ دولة بكل جبروتها ضد مواطن أعزل، ورغم أننا نفعل كل ما نستطيع لمساعدة هؤلاء المساكين ولكن يجب على الأقباط أن يخرجوا عن سلبيتهم هذه ويحتجوا ضد كل هذه الممارسات الظالمة بكل الطرق السلمية القانونية المحلية والدولية. فماذا بقي لهذا المواطن وغيره يحافظون عليه بعد فقدانه لابنته الوحيدة، لماذا لا يذهب هو وزوجته أمام القصر الجمهوري ويضربا عن الطعام ،وهو حق قانوني له، لتنبيه الضمير الإنساني إلي مأساته؟ لماذا لا يذهب هؤلاء ويحتجون أمام مقر الأمم المتحدة بالقاهرة؟ لماذا لا يذهبون إلي مندوبي وكالات الأنباء والصحافة الأجنبية المتواجدين بكثافة في القاهرة.
في ظل تقاعس الدولة وتواطئها فإن استنهاض الضمير العالمي هو الوسيلة الأكثر فاعلية لكشف هذه الذئاب ومن يقف خلفهم.
لقد سخرت الولايات المتحدة جهازها الإعلامي الضخم لكشف وغد واحد وهو عدي صدام حسين، فمن يساعد الأقباط الغلابة في كشف عشرات الأوغاد المنتشرين داخل الجسد المصري؟
magdikh@hotmail.com
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط