دانييل بايبس
/ ترجمة بسام درويش
/
Feb 04, 2002
سـامي العريان، الأسـتاذ المُعَيَّن في جامعة جنوب فلوريـدا، تامبا (يو إس إف)، ربمـا يفقد وظيفتـه في أي يوم من الأيام القادمة. التغطية الإعلامية التي تحدثت عن مشاكل هذا العالِم في مجال الكمبيوتر صوّرته وكأنه ضحيةٌ لحملةٍ ضد السَّحَرة تحت ستار سياسي، وبذلك، غفلت عن قصة ارتباطاته الحقيقية مع الإرهاب.
النقد الذي وجهه أحد محرري صحيفة نيويورك تايمز لجامعة جنوب فلوريدا لتفكيرها بطرد العريان يعطي انطباعاً أن قضيتَه لا تتعدى كونها موضوعَ خطبةٍ ألقاها منذ زمن بعيد دعى فيها "لانتصار الإسلام" و "الموت لإسرائيل." أما "صالون.كوم" فقد ذكرت أن الأستاذ الفلسطيني قد يُطرد من وظيفته لمجرّد تقصيره في إعلام مشاهدي أحد البرامج التلفزيونية أن آراءه السياسية "لا تعكس بالضرورة" آراء الجامعة.
ويبدو أن إدارة الجامعة هي أيضاً قد أصابها الارتباك، وظهر ذلك بتصريحاتها المتضاربة عن الأسباب التي تدفعها إلى التفكير بطرد العريان. فمرة تذكر بأن السبب هو كون نشاطاته "خارجة عن حدود وظيفته.. ولها آثار سلبية على الاهتمامات الحقيقية للجامعة." ومرة أخرى تعلن أنه في حال استمرار تواجده في حرم الجامعة فهي "لن تستطيع أن تضمن سلامة د. العريان وسلامة الطلاب والكليّة والموظفين الذين حوله". كذلك توجه له الإدارة تهمة القيام بالدخول إلى حرم الجامعة رغم صدور قرار يمنعه من دخولها. إضافة إلى كل هذا، تتشكّى الإدارة مما سببته قضيته من خسارة مادية جسيمة للجامعة.
الحقيقة أنه ليس هناك عذرٌ واحدٌ من هذه الأعذار الواهية يمكن أن يُنظرَ إليه كسببٍ حقيقي وراء الاستغناء عن العريان. للأسف، إنّ تقصي المشكلة ليس بالأمر السهل، لكن ولحسن الحظ، هناك مصدر يمكن الرجوع إليه. هذا المصدر هو المراسل الصحفي نفسه الذي كان أول من حقق في القضية وأدّى إلى كشف قصة العريان في سنة 1994 . لقد تحدث ستيفن إمرسون بالإسهاب عن القصة المثيرة لهذه الجامعة حيث خصص لها فصلاً من كتابه الجديد الذي يضع النقاط على الحروف، وهو "الجهاد الأميركي: الإرهابيون الذين يقيمون بيننا".
في هذا الكتاب وفي كتابات أخرى له، يكشف إمرسون عن نشاطات الأستاذ الكريم نلخّصها كالتالي:
العريان أسس منظمتين، اللجنة الإسلامية لفلسطين،( ICP ) ومشروع دراسات العالم والإسلام ( WISE )، وقد ثبت، بناء على شهادة من إدارة الهجرة والجنسية، بأنّ هاتين المنظمتين قد استُخدمتا كواجهة لتسهيل دخول الإرهابيين إلى الولايات المتحدة الأميركية.
في مؤتمرات اللجنة الإسلامية لفلسطين، غالباً ما يقف الخطباء "ليتحدثوا متغاضين عن أعمال العنف التي تُرتَكبُ ضد إسرائيل والإسرائيليين واليهود وأهداف غربية،" ثم يشرعون بعد ذلك في استجداء التبرعات لتمويل هذه الأعمال. هذا أيضاً بشهادةٍ من دائرة الهجرة والجنسية.
العريان نفسه قام بكتابة رسائل لجمع التبرعات من أجل هذه القضايا، وهذا بشهادة من مكتب التحقيقات الفدرالي.
العريان استخدم مكتبه في الجامعة، على الأقل لمرة واحدة، للقيام بنشاطات عمل لصالح اللجنة الإسلامية من أجل فلسطين.
اللجنة الإسلامية لفلسطين عُرفت بأنها ذراع الجهاد الإسلامي في أميركا، وهي منظمة إرهابية لها سجل في قتل أمريكيين وعلى سبيل المثال الشابة أليسـا فلاتو ذات العشرين سنة من العمر. يقول أحد مسؤولي حملة التبرعات عن هذه اللجنة، "إننا نفضل أن ندعوها هنا باسم اللجنة الإسلامية من لفلسطين لأسباب أمنية."
تمثلت خدمات العريان بقيامه بدور الكفيل للمدعو رمضان عبد الله شلاّح لتأمين تأشيرةِ دخولٍ له إلى الولايات المتحدة. قام العريان بدعوة المذكور إلى مدينة تامبا، ثم أوكل إليه إدارة شؤون مشروع دراسات العالم والإسلام، كما عيّنه عضواً في مجلس اللجنة الإسلامية لفلسطين، وشجّع إدارة الجامعة على تعيينه أستاذاً لدراسات الشرق الأوسط. وفي وقت لاحق، غادر رمضان شلاح مدينة تامبا ليستلم مهام وظيفة أخرى: لقد أصبح الآن الأمين العام للجهاد الإسلامي.
يذكر إمرسون أنه خلال عملية تفتيشٍ لمكاتب مشروع دراسات العالم والإسلام قام بها مكتب المباحث الفدرالي، "تم الكشف عن مجموعة كبيرة من المواد الدعائية لحملات التبرعات للإرهابيين وكانت أكبر من أي مجموعة أخرى من هذا النوع تجري مصادرتها في الولايات المتحدة." كذلك اكتشف رجال المباحث دلائل كثيرة على ارتباطات بين المؤسسة مع الإرهابيين الدوليين.
وباختصار، فلقد كان العريان طرفاً متمماً للشبكة الإرهابية التي وجدَ الأميركيونَ اليومَ أنفسَهم في حربٍ معها. قضيتُه ليست في الحقيقة قضيةَ حريةِ تعبير جامعية بل هي قضية أستاذٍ تشيرُ الدلائلُ على مسؤوليته في كونه جزءاً من جهازٍ إرهابيٍّ سبق له وأن قتلَ أميركيين.
إن أجهزة الإعلام (نستثني منها بكل جدارة صحيفة "تامبا تريبيون") تجاهلت بشكل كبير النشاطات الإرهابية للأستاذ العريان، كما تجاهل نشاطاته اتحاد العمل الجامعي والجماعات الطلابية والمنظمات الإسلامية ودعاة الحقوق المدنية.
لكن، ولحسن الحظ، كان هناك ستيف إمرسون مع ما لديه من وثائق وتفاصيل. لقد جاء كتابه "الجهاد الأميركي" يوضح لشعب وحكومة الولايات المتحدة، أكثر من أي مصدر آخر وبشكل مفصّل دقيق وشجاع، أن عدوّهما في هذه الحرب ضد الإرهاب، لا يقيم فقط في كهوف أفغانســتان، إنما بين ظهرانيهم مباشرة وحتى داخل أفضل جامعاتهم.
إن تشجيعَ ومساندة رئيسة جامعة جنوب فلوريدا Judy Genshaft (jgensha@admin.usf.edu) على الوقوف بوجهِ ضغوطِ جماعاتِ المخدوعين لا بدّ وأن يساعدَها على اتّخاذِ القرارِ الصحيح فيما يتعلق بوضع العريان. إنَّ قيامها بطرده أمرٌ حيويّ لسببين مهمين، أحدهما لتبرئة مؤسستها من تهمة "جامعة الجهاد"، وثانيهما للتأكيد بأن الجامعات الأميركية تقوم أيضاً بدورها في الحرب ضد الإرهاب.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط