بسام درويش / Aug 29, 2006

أن يمدّ الأصوليون يدهم إلى العلمانيين أو لأي فئة أخرى لا تتفق معهم في اتجاهاتاهم لغاية التنسيق معهم للإطاحة بالنظام الحالي في سورية، أمرٌ لا يستدعي حقاً تحريك أيّ من الحاجبين.  فانطلاقاً من مبدأ التقية، لن يكون بالمستغرب أن يتعاملوا مع الشيطان نفسه للوصول إلى أهدافهم.

وأن يمدّ العلمانيون يدهم إلى الأصوليين أو اشباههم، والتنسيق معهم لأجل الغاية نفسها، فإنّ ذلك لا يجب أن يثير الاستغراب ايضاً. فوجود الأصوليين أمرٌ لا مفرّ من الاعتراف به، فهم شريحة من شرائح المجتمع وحربنا مع ايديولوجيتهم لا يعني إنكار وجودهم.

 

أما حين يبلغ "التنسيق" و"التعاون" بالعلماني حدّ "الصلاة على النبي واصحابه وآل بيته أجمعين"، وحدّ الإشادة بالمجتمع المسلم المحافظ، فآنذاك نعرف أن النفاق قد بلغ ذروته مع هذا "العلماني"، وأن الفشل قد بلغ به درجة عشرة على ميزان ريختر، بما معناه انه قد هدم آخر لبنةٍ في بناء مصداقيته.

**********

أن يبلغ السعي للوصول إلى السلطة حدّ الطلب من طائفة دينية بأكملها، الانسحاب إلى جبالها وقراها، لأنّ جماعات منها قد أجرموا وأعاثوا في البلاد فساداً.. فهذا يعني بالتالي أن نطلب من كل فئة أخرى الانسحاب من الخارطة البشرية لسوريا لما ارتكبه أفرادٌ أو جماعاتٌ منها من جرائم بحق طوائف أخرى.  

علماني كهذا لن يجد من يصدّقه، لا أصولي ولا علماني.

علمانيّ كهذا يدفعنا إلى الشكّ بأنه كان أساساً في يوم من الأيام علمانياً.

كوننا علمانيين نؤمن بفصل الدين بكل أشكاله عن الدولة لا يجب أن يعني بأي شكل من الأشكال تشجيعاً على الكراهية بين أبناء الديانات والطوائف والمطالبة بعزلهم بعضهم عن بعض. صراع العلماني هو لفصل الايديولوجيات الدينية عن الحكم، وليس لفصل الناس الذين يؤمنون بهذه الإيديولوجيات عن الأمة.  

********* 

السياسة نفاق.. قد يقول قارئي العزيز!

نعم.. السياسة نفاق، ولذلك أصابنا القرف من السياسيين.

لذلك لا نتطلع إلى سياسيين، إنما إلى وطنيين؛ والوطنية ليست سياسة.

إننا نتطلّع إلى وطنيين يؤمنون بأن سوريا هي لجميع أبنائها. إلى وطنيين يؤمنون بسورية واحدة غير مجزأة إلى دويلات دينية علوية وسنية ومسيحية ودرزية وشيعية وغيرها. نتطلّع إلى سورية علمانية يعيش في ظل نظامها جميع أبنائها دون أن يكون لدينِ فئةٍ منهم سلطةً على فئةٍ أخرى.

وهذا لن يتمّ إلا على يد وطنيين علمانيين صادقين وليس على يد سياسيين منافقين.

السياسيون يعملون لبرنامجهم، وبرامجهم مصالح شخصية.

أما الوطنيون فيعملون لأجل الوطن، والوطن لا يمكن أن يكون وطناً إن لم يكن للجميع.

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط