الاسم لدى الناقد / Jul 01, 2006

من خلال قراءتي لمقالة للسيد نزار نيوف فهمت أن الديانة العلوية ديانة معتدلة ومسالمة وقريبة من المسيحية. ولفت نظري في مقالة السيد نيوف قوله ان العلويين يمارسون تقليد "القربان المسيحي"، وذلك يعني أنهم يؤمنون بيسوع المسيح كما نؤمن به نحن؟..

ترافيس. ج.

==============

سيد ترافيس،

طرحنا سؤالك على مطّلعٍ على شؤون ومعتقدات الطوائف الإسلامية فأجابنا بما يلي:

في الحقيقة ليس ثمة في العقيدة النصيرية أي طقس يطلق عليه تسمية «القربان المسيحي»؛ والذكر الوحيد للقربان جاء في كُتيب "كتاب تعليم ديانة النصيرية"، تعريفاً للقربان: «تقديس الخبز، الذي يتخذه المؤمنون الصادقون ذكرى لأرواح إخوانهم، ومن أجلهم يقرءون القدّاس». والقربان المُشار إليه هنا من ورق الريحان، وليس من خبز قمح كما في الديانة المسيحية، كما لا يمثل جسد المسيح ودمه.

وتقدّر العقيدة النصيرية يسوع المسيح، لكن فهمها ليسوع يختلف عن الفهم المسيحي، فهو فهم قرآني، مع ملاحظة أنهم يقولون عن مريم ابنة عمران التي جاء ذكرها في القرآن إنها آمنة بنت وهب أم محمد.

إن وجود تقدير ليسوع لا يجعل النصيرية مسيحية، فنحن نجد لدى صوفيين مسلمين تقديراً كبيراً للمسيح، مثلاً ابن عربي. ولا يقوم المسيح في العقيدة العلوية بأي دور مكون للوعي الديني. والثالوث النصيري، إذا ما جاز لنا التعبير، هو: علي ـ محمد ـ سلمان الفارسي. وبهذا الخصوص نذكر أن الآراء التي تخص جذور النصيرية، هي:

1 ـ إنهم من بقايا مسيحيين، انفصلوا عن الكنيسة (H. Lammens).

2 ـ من أصول فينقية (R. Dussaud)

3 ـ من الشيعة الغالية (L. Massignon) وهو رأي مؤرخي الفرق الإسلامية المسلمين: الشهرستاني، والنوبختي، والبغدادي.

 

وفي الواقع، يستند الرأي الأول إلى أن تقويم الأعياد النصيرية يتضمن مجموعة أعياد مسيحية، ولكن كون الأعياد النصيرية تحتوي أعياداً إسلامية سنية وشيعية، فمن الصعب قبول نظرية جذورهم المسيحية؛ ويعلق عبد الرحمن بدوي في كتابه مذاهب الإسلاميين على ذلك:

 

«لكن ينبغي أن نلاحظ أن هذه الأعياد الشعبية ذات الطابع المسيحي لا تدل على شيء بالنسبة إلى عقائدهم، إنما هو التجاور مع النصارى هو الذي أدّى إلى أن [تتأثر] هذه الاحتفالات الشعبية من جانب النصيرية ببعض الأعياد المسيحية، تماماً كما هي الحال في مصر حتى اليوم، إذ يحتفل المصريون المسلمون شعبياً بعيد الغطاس، وعيد سبت النور وهو السابق مباشرة على يوم عيد القيامة أو الفصح عند النصارى، وبعيد القديسة دميانة في محافظة كفر الشيخ ومحافظة الدقهلية (خصوصاً في ميت دمسيس) ـ ولا تدل أمثال هذه الاحتفالات الشعبية على أي تأثير عقائدي أو ديني، بل هي مشاركة اجتماعية زالت منها كل معانيها الدينية الأصل».

 

بشأن العلاقة بين المسيحيين والنصيريين، فالتاريخ لم يسجل أي تصادم بين هاتين الطائفتين؛ والقضية تعود بالدرجة الأولى إلى الطبيعة الجغرافية لتواجد الطائفة العلوية في بلاد الشام وتركيا. وعلى أي حال لا نعتقد أنه يجب تعليق الآمال على أن طائفة مُضطهدة تاريخياً من قبل الأكثرية السنية يمكن لها أن تحوز على وعي ضد الاضطهاد. ففي بلاد الشام لدينا مثال على ذلك العلاقة الدموية بين الدروز والمسيحيين، مع أن النظرة السنية للدروز تضعهم في مصاف «الكفار»، إلاّ ذلك لم يساعدهم على بناء جسور طيبة مع الأقليات الأخرى. ما يجب ذكره هنا، أن التشريعات الإسلامية المجحفة بحق المسيحيين لا تقتصر على السنة، فالتاريخ الشيعي في إيران يحفل بتشريعات قاسية فيما يخص غير المسلمين، وبهذا الصدد نشير إلى النقاش الدائر حالياً في إيران بصدد فرض ارتداء ثياب خاصة على المسيحيين واليهود والزرادشتيين. وهذه التشريعات لها جذورها في المذهب الشيعي في إيران وفي تاريخ الدولة الصفوية.

لبناء علاقة سليمة بين الطوائف الإسلامية وغير الإسلامية، يتوجب على المسلمين أولاً نسخ مجموعة كبيرة من آياتهم القرآنية، وتجاوز التشريع الإسلامي نفسه، والاعتذار على جرائمهم ضد الإنسانية.

=========

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط