د. خالد منتصر / Apr 23, 2006

الإعجاز العلمي فى القرآن وهم صنعته عقدة النقص عند المسلمين

القرآن كتاب دين وهداية وليس كتاب فيزياء أو كيمياء

                              

القرآن كتاب دين وهداية وليس كتاب كيمياء أو فيزياء، وإنكار الإعجاز العلمي فى القرآن ليس كفراً ولا هو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، فالقرآن ليس مطلوباً منه ولا ينبغي له أن يكون مرجعاً فى الطب أو رسالة دكتوراه فى الجيولوجيا، والآن نستطيع أن نقول وبكل راحة ضمير وإنطلاقاً من خوفنا سواء على الدين أوعلى العلم أن الإعجاز العلمي فى القرآن أو الأحاديث النبوية وهم وأكذوبة كبرى يسترزق منها البعض ويجعلون منها "بيزنس"، وأن عدم وجود إعجاز علمي لاينتقص من قدر القرآن ككتاب مقدس وعظيم ومعجز أيضاً ولكنه إعجاز الأفكار العظيمة التى تحدث عنها، والقيم الجليلة التى بشر بها، والثورة التى صنعها والتى كانت شرارتها الأولى العقل وإحترامه وتبجيله، ومن يروجون للإعجاز العلمي لايحترمون هذا العقل بل يتعاملون معنا كبلهاء ومتخلفين ماعلينا إلا أن نفتح أفواهنا مندهشين ومسبحين بمعجزاتهم بعد كلامهم الملفوف الغامض الذى يعجب معظم المسلمين بسبب الدونية التى يحسون بها وعقدة النقص التى تتملكهم والفجوة التى مازالت تتسع بيننا وبين الغرب فلم نعد نملك من متاع الحياة إلا أن نغيظهم بأننا الأجدع والأفضل وأن كل ماينعمون به ومايعيشون فيه من علوم وتكنولوجيا تحدث عنها قرآننا قبلهم بألف وأربعمائة سنة، كل هذا الكلام يرددونه وبجرأة وثبات وثقة يحسدون عليها. ذلك كله يتم بالرغم من أن الرد بسيط والمنطق مفحم ولايحتاج إلى جدل، فبرغم وجود القرآن بين أيدينا كل هذه السنين فما زلنا أكثر الشعوب فقراً وجهلاً وتخلفاً ومرضاً، ومازلنا نستورد العلم والتكنولوجيا من هؤلاء الكفرة ونستخدم الدش والتليفزيون والفيديو والإنترنت وهى بعض من منجزاتهم نستغلها ونسخرها للهجوم عليهم وعلى ماديتهم ومعايرتهم بجهلهم بالإعجاز العلمي، والمشكلة أننا الأفقر والأجهل والأمرض وكل أفاعل التفضيل المهينة تلك، لأننا لم نتبع الخطوط العريضة التى وضعها لنا القرآن والقيم الرفيعة التى دعا إليها من عدل وحرية وتفكر وتدبر فى الكون وسعى وعمل وجد وإجتهاد، وليس السبب فى تأخرنا كما يقول حزب زغلول النجار وشركاه أننا لم نقرأ جيداً الإعجاز العلمي، فالقرآن شرح لنا طريق الهداية والخلاص ووضع لنا العلامات الإرشادية ولكنه لم يسع أبداً إلى شرح التكوين الإمبريولوجى للجنين ولا إلى تفسير التركيب الفسيولوجى للإنسان ولا إلى وضع نظريات الفلك والهندسة وعلم الحشرات، والرد المنطقي الثاني على جمعية المنتفعين بالإعجاز العلمي هو أن منهج تناولهم للكشوف والتنبؤات العلمية للقرآن منهج مقلوب ومغلوط فنحن ننتظر الغرب الكافر الزنديق حتى يكتشف الإكتشاف أو يخرج النظرية من معمله ثم نخرج لساننا له ونقول كنت حأقولها ماهى موجودة عندنا بين دفتي القرآن، ونتهمهم بالغباء والمعاندة والتكبر ولانسأل أنفسنا إذا كانت تخريخاتهم ودعبساتهم فى القرآن الكريم التى يقولون عنها إعجاز علمي بهذا الوضوح فلماذا لم يحدث العكس فتخرج النظريات بعد دراسة القرآن ونسبق بها الغرب ونغيظهم ونقهرهم بعلمنا الفياض بدلاً من الإنتظار على محطة الكسل المشمسة المخدرة كل منا يعبث فى لحيته ويلعب فى أصايع قدميه وبفلى فى رأس جاره متربصين بالكشوف والقوانين والإنجازات الغربية التى ما أن تمر علينا حتى نصرخ دى بتاعتنا ياحرامية، مع أن الحقيقة أننا نحن اللصوص المتطفلين على موائدهم العلمية العامرة ؟!!، وللأسف نظل نحن المسلمون نتحدث عن العلاج بالحجامة وبول الإبل وحبة البركة وهم يعالجون بالهندسة الوراثية ويقرأون الخريطة الجينية، ونظل حتى هذه اللحظة غير متفقين على تحديد بدايات الشهور الهجرية فلكياً بينما هم يهبطون على سطح القمر ويرتادون المريخ ويراقبون دبة النملة من خلال أقمارهم الصناعية.

 

الإعجاز العلمي خطر على العلم وعلى الدين كما ذكرنا وذلك للأسباب التالية:

 

ـ منهج العلم مختلف عن منهج الدين، وهذا لا يعيب كليهما ولا يعنى بالضرورة أن النقص كامن فى أحدهما، فالمقارنة لا محل لها ومحاولة صنع الأرابيسك "العلمديني" بتعشيق هذا  فى ذاك محاولة محكوم عليها بالفشل مقدماً، فالعلم هو تساؤل دائم أما الدين فيقين ثابت، العلم لا يعرف إلا علامات الاستفهام والدين لا يمنح إلا نقاط الاجابة، كلمة السر فى العلم هى القلق أما فى الدين فهى الاطمئنان، هذا يشك وذاك يحسم، وكل القضايا العلمية المعلقة والتى تنظر الاجابات الشرعية لن تجد اجاباتها عند رجال الدين لسبب بسيط هو أن من عرضوها منتظرين الاجابة قد ضلوا الطريق فالاجابة تحت ميكروسكوب العالم وليست تحت عمامة الفقيه، والعلم منهجه متغير وقابل للتصديق والتكذيب ويطور من نفسه بمنطقه الداخلي وربطه بالدين يجعل الدين عرضة للتصديق والتكذيب هو الآخر، ويهدد العقيدة الدينية بتحويلها إلى مجرد قارب يمتطيه المتاجرون بالدين معرض ببساطة للعواصف والأمواج تأخذه فى كل إتجاه، ويتحول الدين إلى مجرد موضوع ومعادلة ورموز من السهل أن تتغير وتتغير معه معتقدات المؤمنين ببساطة ويتملكهم وسواس الشك ويأخذ بتلابيبهم ويزعزع إيمانهم، وكذلك جر العلم من المعمل إلى المسجد يجعل معيار نجاح النظرية العلمية هو مطابقته للنص الديني سواء كان آية أو حديث نبوي وليس مطابقته للشواهد والتجارب العلمية والمعملية، فتصبح الحجامة هى الصحيحة علمياً وجناح الذبابة هو الشافي طبياً وبول الإبل هو الناجع صحياً لمجرد أن هذه الوسائل وردت فى أحاديث نبوية، ويصير العسل دواء لمرض البول السكرى بدون مناقشة لأعراضه الجانبية فى هذه الحالة ذلك لأن المفسرين جعلوا منه شفاء قرآنياً لكل الأمراض، ويصمت الجميع خوفاً من إتهامات التكفير وإيثاراً للسلامة لأن الطوفان عالي والجميع يريد تصديقه.

 

ـ هذا الخلط بين الدين والعلم من خلال تضخيم حدوتة الإعجاز العلمي المخدرة تغري رجل الدين بالتدخل فى شئون العلم وتعطيل تقدمه وشل إنجازاته، والأمثلة كثيرة على هذا التعطيل فى بلادنا المسلمة؛ فهذه النظرة الكوكتيل التى تنظر من خلال عمامة رجل الدين إلى الأمور العلمية هي التى عطلت قانون زرع الأعضاء حتى هذه اللحظة فى مصر، وهي التى تقنع البعض بأن ختان الإناث فريضة دينية، وتجعل معظم رجال الدين يتشبثون برؤية الهلال كوسيلة لتحديد بدايات الشهور الهجرية برغم التقدم الهائل فى علوم الفلك ...الخ، والأخطر أنها تجعل علماء المسلمين دراويش فى مولد أو كودية زار، فيجهدون أنفسهم فى دراسة فوائد الحجامة أو يؤلفون رسالة دكتوراه فى فوائد بول الإبل.. الخ، يمارسون كل ذلك وهم يعرفون تمام المعرفة  أنهم يكذبون ويدجلون ويمارسون شعوذة لا علماً، ويؤلفون نصباً لا إبداعاً، ويركنون إلى الدعة والتراخي والترهل فيكفيهم أنهم أصحاب العلم اللدني لدرجة أن البعض فسر تقدم الغرب العلمي بأن الله قد خدمنا وسخرهم لخدمة المسلمين يعنى هم يتعبوا وإحنا ناخد على الجاهز!!.

 

ـ القرآن كتاب سماوى محكم وشامل، أحدث ثورة وتغييراً شاملاً فى مجتمع صحراوي بدوي ضيق ومنه إلى الكون كله، ولكى تحدث هذه الثورة كان لابد أن يتكلم القرآن مع أصحاب هذا المجتمع البدوي بلغته ومفاهيمه بمافيها المفاهيم العلمية السائدة فى هذا الوقت، ومهما كانت هذه المفاهيم والأفكار العلمية ساذجة أو مغلوطة بمقاييسنا العصرية فإنها كانت ضرورة وقتها وإلا لكنا أمام كتاب ألغاز غامض وليس كتاباً دينياً هادياً ومرشداً ولابد أن يكون واضحاً لكى يقنع ويهدي ويرشد، ولا يعني وجود هذه الأفكار أن القرآن منقوص ففى اعتقادي أن وجود هذه المفاهيم هى دليل قوة لأنها تحترم مبدأ هاماً وترسخه وهو أن الدين الإسلامي وكتابه الجليل الكريم المقدس يتفاعل مع الواقع بقوة وحميمية وهذه هى معجزته الحقيقية فهو ليس ألواحاً أو أوامر قبلية تهبط فجأة مجتمعة ومتكاملة بدون وضع أدنى إعتبار للبشر الذين سينفذون أو الواقع الحياتي الذى سيحتوي ويتفاعل مع هذه الأوامر والنواهي والأفكار، ويؤيد كلامي هذا علوم القرآن المختلفة مثل أسباب النزول والناسخ والمنسوخ.. الخ التى تشير كلها إلى الصفة التفاعلية مع الواقع التى يحملها القرآن، وهو ما ينفي عنه أنه كتاب تنجيم علمي وألغاز كونية تستعصي على الفهم ولن تحل إلا بعد ألف سنة. فالقرآن قد نزل للتفهيم وليس للتعجيز، ومايفعله بهلوانات الإعجاز العلمي من لوي لعنق الألفاظ وتعسف فى تفسيرها للدلالة على الإعجاز العلمي هو تعارض وتناقض مع جوهر فكرة القرآن الذى يخاطب ويلتحم بالواقع ويتفاعل معه.

 

فكرة أنه لايوجد فى القرآن إعجاز علمي فكرة قديمة ليست وليدة اليوم ولست أنا أول من رددها ولكن رددها من قبل أناس لايمكننا أن نشكك فى إسلامهم وغيرتهم على دينهم، وقد أحس الكثير من المفكرين المسلمين المستنيرين بخطر هذه المحاولة المتعسفة التى تحمل بداخلها ديناميت شديد الإنفجار وأول ما سيفجره هذا الديناميت هو الدين نفسه، ومنذ أكثر من نصف قرن هاجم الشيخ الراحل الإمام الأكبر محمود شلتوت هذه المحاولات وسخر منها قائلاً لسنا نستبعد إذا راجت عند الناس فى يوم ما ـ نظرية دارون مثلاً  ـ أن يأتي إلينا مفسر من هؤلاء المفسرين الحديثين فيقول أن نظرية داروين قد قال بها القرآن الكريم منذ مئات السنين، ورفض الشيخ شلتوت فى كتابه تفسير القرآن الكريم ص 13 عن التفسير بالإعجاز العلمي قائلاً  "إن هذه النظرة للقرآن خاطئة من غير شك، أولاً: لأن الله لم ينزل القرآن ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف، ثانياً: لأنها تحمل أصحابها والمغرمين بها على تأويل القرآن تأويلاً متكلفاً يتنافى مع الإعجاز ولايستسيغه الذوق السليم، ثالثاً: لأنها تعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم فى كل زمان ومكان، والعلوم لاتعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الأخير فقد يصح اليوم فى نظر العلم مايصبح غداً من الخرافات"، إنتهى كلام الشيخ شلتوت فهل يكفره تجار الإعجاز العلمي ودجالوه؟!، تحدث الشيخ وكأنه يتنبأ بماسيفعله بنا د. زغلول النجار بصفحته المفروشة التى تؤجرها له الأهرام كل يوم إثنين والتى لم تتوفر لعمالقة الفكر المصرى طوال تاريخه ولكنه زمن الدروشة الذى جعل صوت العقل أخرس ويد التنوير مشلولة وتجار الدين مليارديرات ونجوم فضائيات وسماسرة فتاوى، المهم أن شيخنا الجليل قد تصدى لمحاولات مروجي وهم الإعجاز العلمي ونجح وقتها لأن هذه المحاولات كانت مجرد بذور جنينية ولم تكن قد انتظمت فى شكل تيار كاسح وحزب شرس كماهو الحال الآن، ولكن هل هناك من آخرين تصدوا من قبل لهذه الظاهره؟  الإجابة عند المفكرة الإسلامية العظيمة د. بنت الشاطئ.

 

2

 

بنت الشاطئ تصف تجار الإعجاز العلمي بأنهم مجرد حواة!

 

كانت أعنف المعارك حول الإعجاز العلمي للقرآن المعركة التى خاضتها د. بنت الشاطئ ضد د. مصطفى محمود فى أوائل السبعينات، وبالتحديد فى أهرام الجمعه شهري مارس وأبريل، وملاحظة سريعة على تغير الزمن والفكر والمنطق ففى نفس الجريدة بعد أكثر من ثلاثين سنة وفى عصر هستيريا الدروشة يحتل د. زغلول النجار أضعاف مساحتها ليزيف وعى البسطاء بنفس الحديث المكرر الساذج الذى هاجمته المفكرة الجريئة بنت الشاطئ وهى ترد على مقالات مصطفى محمود فى مجلة صباح الخير وكأن عقارب الزمن فى مصر المحروسة ثابتة محنطة فى مكانها لاتتحرك.

كانت بنت الشاطئ فى مقالاتها فى منتهى العنف وكأنها كانت تتنبأ بماسيحدث من سيطرة لجيش الإعجاز العلمي الذى كون هيئة ومؤسسة ميزانيتها جبارة تفوق ميزانية دولة بكاملها، وسأقتبس هنا عباراتها الحادة الجامعة المانعة التى ردت بها على مصطفى محمود وحزب الإعجاز العلمي الذى كان مازال فى مهده حينذاك ولم يتحول إلى سرطان بعد.

تكتب بنت الشاطئ فى المقدمة عن كيفية التعامل مع القرآن فتقول، "لابد أن يكون فهمنا لكتاب الإسلام محرراً من كل الشوائب المقحمة والبدع المدسوسة، بأن نلتزم فى تفسيره ضوابط منهجية تصون حرمة كلماته فنرفض بها الزيف والباطل، ونتقي أخذة السحر، وفتنة التمويه، وسكرة التخدير"، وتحذر من أن "الكلام عن التفسير العصري للقرآن يبدو فى ظاهره منطقياً ومعقولاً يلقى إليه الناس أسماعهم، ويبلغ منهم غاية الإقناع، دون أن يلتفتوا إلى مزالقه الخطرة التى تمسخ العقيدة والعقل معاً، وتختلط فيها المفاهيم وتتشابه السبل فتفضي إلى ضلال بعيد، إلا أن نعتصم بإيماننا وعقولنا لنميز هذا الخلط الماسخ لحرمة الدين المهين لمنطق العصر وكرامة العلم"، والبعض رد بالطبع على د.بنت الشاطئ وهاجمها متعجباً ومتسائلاً "هي زعلانه من إيه، هو فيه حد يزعل من إن كتابه الكريم يحتوى على نبؤات وتفسيرات علمية"!!  وترد الكاتبة على من يدقون طبول الجهل محاولين إسكات صوت الحجة بالضوضاء وليس بالإقناع والمنطق وتصفها بأنها فكرة سامة فتقول "الدعوة إلى فهم القرآن بتفسير عصري ـ علمي ـ على غير ما بينه نبى الإسلام، تسوق إلى الإقناع بالفكرة السامة التى تنأى بأبناء العصر عن معجزة نبي أمي بعث فى قوم أميين، فى عصر كان يركب الناقة والجمل لا المرسيدس والرولز رويس والبوينج وأبوللو، ويستضئ بالحطب لا بالكهرباء والنيون، ويستقى من نبع زمزم ومياه الآبار والأمطار لامن مصفاة الترشيح ومياه فيشي ومرطبات الكولا!! ونتورط من هذا إلى المزلق الخطر، يتسلل إلى عقول أبناء هذا الزمان وضمائرهم، فيرسخ فيها أن القرآن إذا لم يقدم لهم علوم الطب والتشريح والرياضيات والفلك والفارماكوبيا وأسرار البيولوجيا والإلكترون والذرة فليس صالحاً لزماننا ولا جديراً بأن تسيغه عقليتنا العلمية ويقبله منطقنا العصرى".

 

هكذا وضعت هذه المفكرة الإسلامية الجريئة يدها على مكمن الخطر، فالقرآن طبقاً للإعجاز العلمي وتفسيراته سيصبح هو قبلة العلم والتى سيصدم من إتجهوا إليها إذا لم يجدوا فيها ضالتهم العلمية ويغيروا إتجاه بوصلتهم الإيمانية، وهنا يصبح القرآن دمية فى أيدى المهرجين يدوسون على أزرارها لتتحرك كما يشاءون وكما يوسوس لهم هواهم وليس كما يقصد القرآن، وتشبه الكاتبة الإسلامية دعاة ومدّعي الإعجاز العلمي بحواة الموالد الشعبية فتقول، "الذى لاأفهمه، وما ينبغي لى أن أفهمه، هو أن يجرؤ مفسرون عصريون على أن يخرجوا على الناس بتفاسير قرآنية فيها طب وصيدلة وطبيعه وكيمياء وجغرافيا وهندسة وفلك وزراعه وحيوان وحشرات وجيولوجيا وبيولوجيا وفسيولوجيا.. الخ، إلا أن أتخلى عن منطق عصري وكرامة عقلي فآخذ فى المجال العلمي بضاعة ألف صنف معروضة فى الأسواق! وإلا ان أتخلى عن كبرياء علمي وعزة أصالتي فأعيش فى عصر العلم بمنطق قريتي حين يفد عليها الباعة الجوالون بألف صنف، يروج لها ضجيج إعلاني بالطبل والزمر عن كل شيء لكل شيء أو بتاع كله فى فكاهتنا الشعبية الساخرة بالإدعاء" .

 

تشبيه بنت الشاطئ لدعاة الإعجاز العلمي بالحواة هو تشبيه دقيق ومهذب فالتشبيه الأكثر دقة هو أنهم نصابون متاجرون بمشاعر المسلمين المتعطشين لأى تفوق أو إنتصار علمي فى عصر هم فيه فى مؤخرة العالم، ويكفي هذا الدليل البسيط المسمى بإعجاز بيت العنكبوت والذى ردت عليه الكاتبة بشكل منطقي وواضح ولايحتمل اللبس مما جعلهم يقعون فى حيص بيص ويتحولون إلى مسخرة ويتعرون أمام مؤيديهم، والمسألة ببساطة أن دعاة الإعجاز العلمي إكتشفوا فى تأنيث القرآن للعنكبوت إعجازاً علمياً فى قوله تعالى "مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً"، وتبنى د. مصطفى محمود هذا الرأي واعتبره من الإعجاز العلمي قائلاً "لأن العلم كشف مؤخراً أن أنثى العنكبوت هى التى تنسج البيت وليس الذكر، وهى حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة أيام نزول القرآن"، وترد د. بنت الشاطئ ساخرة أنه وقع فى خطأ لايقع فيه المبتدئون من طلاب اللغة العربية فالقرآن فى هذه الآية يجرى على لغة العرب الذين أنثوا لفظ العنكبوت من قديم جاهليتهم الوثنية، كماأنثوا مفرد النمل والنحل والدود، فلم يقولوا فى الواحد منها إلا نملة ونحلة ودودة، وهو تأنيث لغوى لاعلاقة له بالتأنيث البيولوجى كما توهم المفسر العصرى، فأى عربي وثني من أجلاف البادية كان ينطقها هكذا فأين الإعجاز العلمي فى هذا الكلام؟! والمصيبة أن المفسر العصري يوقع نفسه فى فخ يقرب المسلم من الكفر وليس من الإيمان نتيجة البلبلة والتناقض و"اللخبطة" التى يقع فيها، فالقرآن الذى يصف بيت العنكبوت بالوهن والضعف يأتى المفسر العصري تحت شهوة الإعجاز العلمي فيهدم المعبد على ساكنيه ويصرح بأن "خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الصلب ثلاث مرات وأقوى من بيت الحرير وأكثر مرونة" ص 211 كتاب التفسير العصري لمصطفى محمود!!!  وعلى هذا المنوال يمضي إمام الإعجاز العلمي فى كتابه فيستنبط الإعجاز العلمي من قوله تعالى "أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً" بانه لاتفسير لها إلا أن تكون الأرض كروية دوارة نصفها ليل ونصفها نهار! ص 146، وهذا تفسير فى منتهى التعسف فقد جرى على لسان العرب آتيك ليلاً أو نهاراً دون أن يدّعي أعرابي أنه قد أتى بالإعجاز العلمي، أما ثالثة الأثافى فهى إستنباطاته العلمية من آية آل عمران "أفغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون"، فقد توصلت عبقريته الإعجازية إلى مالم يخطر على عقل بشر فقد إستنبط منها كل هذه القوانين "قانون الضغط الأوسموزى وقانون التوتر السطحي وتماسك العمود المائى والتوازن الأيونى وقانون التفاضل الكيميائي بين هورمون وهورمون وقانون رفض الفراغ والفعل ورد الفعل"! وضع أنت كل ماتريد من علامات تعجب، وأرجوك أخبرني قارئي العزيز بالله عليك كيف توصل هؤلاء العباقرة الأفذاذ من هذه الآية إلى كل هذه القوانين دفعة واحدة ولك مني مليون جنيه بدون الإتصال بزيرو تسعمية وذلك إذا فهمت وأفهمتني فأنا كمايقول المثل الشعبي غلب حماري!

 

كانت هذه هى معركة بنت الشاطئ مع مصطفى محمود، والتى لجأت إلى مقالاتها لحل معركة داخلية ومشكلة شخصية فكرية كادت تعصف بي كان محورها ما آمنت به حينذاك من إعجاز علمي وماحدث بعدها من زعزعة لهذا الإعجاز جعلتني أطلب الحل وأبحث عن التفسير وكان الحل والتفسير أنه لثبات الإيمان وترسيخه لابد أن نقول أنه لايوجد إعجاز علمي فى القرآن وأنه كتاب دين تعامل مع معارف وعلوم عصره فقط، وهذه هى قصة معركتي الداخلية الشخصية التى تصلح دلالة على خطورة الربط بين النسبي وهو العلم بالمطلق وهو الدين.

 

مازلت أذكر عندما كنت صغيراً أذهب بصحبة أبي إلى مسجد قريتنا فى دمياط يوم الجمعة، المشهد محفور فى الذاكرة كأنه الأمس القريب خطيب كفيف جهير الصوت يكرر ما يقوله كل أسبوع من أدعية مسجوعة وإنذارات للمصلين بالجحيم والثعبان الأقرع، حتى الأخطاء النحوية كانت تتكرر بنفس الكم ونفس الإيقاع ولكن أهم ما علق فى الذاكرة حتى الآن مما كان يكرره الشيخ فى كل خطبه هو تفسيره للآية رقم 34 من سورة لقمان "ويعلم ما فى الأرحام" والتى كان صوته يتهدج حينها بالتحدى لكل من يتجرأ على القول بأنه يستطيع أن يكشف عن جنس الجنين وهو بداخل الرحم فقد كان العلم فى الآية يفسر عنده على أنه العلم هل الجنين ذكر ام أنثى؟ وعرفت بعدها عندما قرأت تفسير الطبري بأن شيخنا معذور فهذا هو ما كتب فى هذا التفسير وغيره من التفاسير، وكنت وقتها مبهوراً بالشيخ وأشجع فيه قدرته على التحدى، وعندما كبرت ودخلت كلية الطب كان جهاز الموجات فوق الصوتية "السونار" وقتها هو أحدث الموضات فى التكنولوجيا الطبية، وعرفت من خلال دراستى قدرته على تحديد نوعية جنس الجنين، ولكن بعض الأخطاء البسيطة التى حدثت فى تحديده من أطباء الأشعة جعلتني اهتف سبحان الله وأخرج لسانى لأغيظهم وظللت على يقيني وتأييدي لشيخ قريتنا فى دمياط، وعندما تخرجت تزامن وقت تعييني طبيباً مع الضجة التى حدثت حول جنس الطفل القادم للأمير تشارلز والأميرة ديانا وعرفت أنه قد تم تحديده فى بدايات الحمل الأولى بواسطة عينة من السائل الامنيوسى المحيط بالجنين وقد بلغت دقة هذا التحليل نسبة مائة فى المائة وبدأت السنة الزملاء هى التى تخرج لإغاظتى وبدأ يقيني وتأييدي لشيخ قريتنا يهتز رويداً رويداً، وعندما تمت ولادة طفلي الأولى داعبني زميلي طبيب النساء والولادة بقوله "ما كنت تقولنا علشان نولده هناك فى أمريكا وهم يشكلوه زي مانت عايز"، وكانت ثورة الهندسة الوراثية واللعب بالجينات قد بدأت تغزو العقول وتسيطر على جميع المنتديات والمجلات العلمية، وبدأت أتجنب الحديث مع الزملاء وبدأ يقيني وتأييدي لشيخ قريتنا ينهار، وهاجمنى زلزال الشك حتى تصدعت الروح وتساءلت: أين الإعجاز العلمي الذى عشت فى كنفه أقرأ عنه وأفاخر به الأجانب الغرباء الذين لا تحتوي كتبهم الدينية على مثل هذا الإعجاز الذى سبقنا به العلم منذ ألف وأربعمائة سنة، وإلتمست النجدة عند شيخنا الشعراوي لعله يكون طوق النجاة، فاستمعت إلى حديثه التلفزيوني الذى يدافع فيه عن الإعجاز العلمي فى هذه الآية بالذات ويقول: إلا أن الله لم يكن يقصد الذكر والأنثى وإنما يعلم ما فى الأرحام يعنى يعلم مستقبلهم وأغلقت جهاز التليفزيون حفاظاً على ما تبقى من قواي العقلية لأنه حاول الخروج من الفخ بتعسف واضح! وهنا كان الخطر الذى ينطوي عليه التلاعب بمثل هذه الكلمات من أمثال "الإعجاز العلمي فى القران"، فالقرآن كما ذكرنا من قبل ليس كتاباً فى الفيزياء ولا البيولوجيا ولا الجيولوجيا، وليس مطلوباً منه ذلك، ولكنه كتاب دينى يضع ضوابط وخطوطاً عامة للأخلاقيات والسلوك والمعاملات، ويتعامل مع المطلق والعموميات وربطه بالعلم الذى يتعامل مع النسبي والمتغير فيه خطورة شديدة على الدين وعلى العلم كليهما على السواء، فالدين سيتأثر عندما نربط بين اية ونظرية عملية تثبت عدم صحتها بعد فترة، والعلم أيضاً سيتأثر عندما نكبح جماحه ونخلخل منهجه الأساسي وهو منهج التساؤل الدائم والقلق المستمر، فالدين إكتفاء والعلم ظمأ، الدين إنسان يعيش فى يقين حاد والعلم مريض بالشك المزمن، الدين يجمع فى جعبته أقصى ما يستطيع من البديهيات والعلم يلقى أقصى ما يمكنه منها فى سلة المهملات، الأول وهو الدين مجاله الأساسي ماوراء الواقع أما الثاني فملعبه الأساسي هو الواقع، وعندما نحاول ان نقرأ الثاني بعيون الأول كنا كمن يحاول ان يرسم لوحة بقوس كمان أو يعزف على العود بفرشاة ألوان، أو يحاول التدريس للمصريين فى فصل لمحو الأمية باللغة الصينية!!  كل هذا لا يعني أنهما على طرفي نقيض، ولا يعني أيضاً أن كليهما صورة للآخر فى المرآة، فكل منهما له مجال للبحث لا تطغى فيه أمواج طرف على شاطئ الطرف الآخر وتنحره، وأيضاً لا يلتهم فيه طرف بأقدامه الأميبية الطرف الثاني ويحاول هضمه وتمثله.

 

3

 

ظاهرة د. زغلول النجار

راجت تجارة الإعجاز العلمي وانتعش بيزنس التفسير العصري على يد الدكتور زغلول النجار، وهو الظاهرة التى لمعها المذيع أحمد فراج والذى قدم لنا من قبل الشيخ الشعراوي، وفى البداية قدم لنا الدكتور زغلول نفسه على أنه مفسر للآيات الجيولوجية فى القرآن بإعتبارها من صميم تخصصه، ولكنه ما لبث أن أعجبته اللعبة وعرج على التفسيرات البيولوجية والفيزيائية والكيميائية والزراعية والفلكية إلى آخر هذه القائمة التى كلما استطالت وازدحمت كلما تضخم بالتالي البيزنس وتراكمت الثروة، وقد أصبح زغلول النجار مؤسسة تمشي على قدمين تدعمه مؤسسة أكبر وهى هيئة الإعجاز العلمي فى السعودية والتى تسرطنت وصارت مافيا تتحدث بالمليارات مستغلة الجهل المطبق والفقر المدقع وعقدة النقص المزمنة التى يعيشها المسلمون ونظرية المؤامرة التى تتلبس عقولهم، وتزييفاً للعقول وسداً وهمياً للفجوة العلمية الرهيبة بيننا وبين الغرب ضخت الأموال فى جيوب سماسرة الإعجاز العلمي وعقدت المحاضرات وجندت وسائل الإعلام بما يشبه جلسة دخان أزرق يتخدر فيها المسلمون بأحلام الإعجاز العلمي والتفوق الإيماني ثم ينامون بعدها مرتاحي البال أنهم قد انتصروا على الغرب الكافر، وكان سن الحربة ومقدمة الرمح المسنون اللامع فى هذه الحرب الحلم هو زعيم الإعجازيين زغلول النجار.

 

أخطر خلل فى ممارسة أصحاب بازارات الإعجاز العلمي هو كيفية التعامل مع اللغة، فهم يتعاملون مع اللغة على أنها مطية لتفسيراتهم الوهمية، وعجينة تتشكل فى أيديهم حسب الرغبة فتارة تصبح الكلمة لها معنى وتارة أخرى يحملونها معنى آخر تماماً لم يكن على البال أو الخاطر إلا بال وخاطر أصحاب فضيلة وفخامة البيزنس الإعجازي، فاللغة أصلاً وببساطة هى كود أو شفرة أو منظومة صوتية أو دوال صوتية وكتابية نعبر بها عن أنفسنا، فلو قلنا كلمة شجرة مثلاً كان هذا الصوت الذى نطقته هو المعبر عن هذا الشيء ذى الجذع والأوراق الخضراء.. الخ، ولكى تصبح اللغة ذات وظيفة محددة وغرض واضح ولكى تنجح فى توصيل المعنى وتساهم فى تواصل البشر كان لابد أن يتفق هؤلاء البشر فى بقعة ما على أن هذا الكود الصوتي هو الذى يدل على هذا الشيء بالذات، فلاعلاقة بين الصوت "شجرة" وبين الشجرة الفعلية سوى إتفاقنا وإلا أصبح هذا الصوت المنطوق عبثاً وهراء فى الفضاء لامعنى له، ولو كنا قد إتفقنا كلنا كعرب على أن الشجرة إسمها زعريط مثلاً لكان هذا الزعريط هو المنطبع فى الذهن.

إذا فهمنا اللغة بهذا الفهم السابق شرحه سهل علينا كشف حقيقة العبث اللغوى الذى يمارسه الإعجازيون، فكلمات القرآن الكريم كانت موجودة فى قاموس العرب حين نزل القرآن عليهم، وإذا لم تكن لهذه الكلمات دلالة عندهم فى ذلك الحين لكان القرآن قد تحول إلى مجموعة ألغاز وأحاجي لغوية ولكان معطلاً عن الفهم ومن ثم الإيمان به، وحتى الكلمات البسيطة التى لم تكن موجودة فى قاموسهم ولم تكن لها مدلولات حينذاك تولى الرسول شرحها مثل كلمة سقر مثلاً وهى كلمة تدل على شئ غيبي لمكان فى جهنم، وعلينا حين نحاول فهم وتفسير القرآن أن نفهمه ونفسره من خلال هذه الوظيفة اللغوية وهى التوضيح وليس "التلغيز" والتعجيز لأن القرآن نزل باللغة العربية وليس بلغة الإسبرانتو وهو رسالة ومن أولى شروط الرسالة أن تكون واضحة وبلغة محددة، وأدق اللغات فى العالم هى لغة العلم التى تتحول أحياناً من فرط دقتها وتجريدها إلى رموز ومعادلات، ولاينفع معها ما يدعيه الإعجازيون من أنهم يستخدمون التأويل أو المجاز فى إثبات الإعجاز العلمي، وهذا خلط وخطأ كبير ويفتح أبواب البلبلة أمام المسلمين لأننا حينها من الممكن أن نقوم بتأويل أبيات شعرية مثلاً على أنها إعجاز علمي نتيجة هذا الخلط بين وظيفة اللغة فى الأدب والمسموح فيها بالمجاز والتاويل وبينها فى العلم وهو المحدد الواضح الذى لا يحتمل إستعارة أو كناية أو تأويلاً، فحيث ينبغي إستعمال لغة محددة لا أستطيع أن أقول أنني كنت أقصد كذا تأويلاً، فمثلاً عندما أصدر أمراً لشخص بأن يقفز من النافذة وتنكسر رقبته وأدفعه حينها لا أستطيع أن أدعى أمام البوليس بأننى كنت أقصد أن يقفز من نافذة قلبى ووجداني!!!  وسأقوم بتجربة سريعة من الممكن أن تجربها عزيزي القارئ فى أشعار وكتابات أدبية اخرى لتعرف قدرة التأويل عند الإعجازيين و لتصبح من سماسرة الإعجاز العلمي فى الشعر ولكنك للأسف لن تصبح مليارديراً مثل حزب الإعجاز الزغلولي لأن الشعراء فقراء والأخطر أنهم مدانون فى كتب الفقه، فمثلاً يصف شاعرنا العظيم المتنبي الحمى فى البيت الشهير الذى يقول:

وزائرتي كأن بها حياء

فليس تزور إلا فى الظلام

وبعد قراءة هذا البيت من الممكن تدبيج وإختراع عدة أبحاث فى جامعات بوركينافاسو وجزر القمر والإسكيمو  تتحدث عن أن أغلب أنواع الحمى تتصاعد حدتها فى الليل وبهذا نثبت أن المتنبي لم يكن كاذباً حين إدعى النبوة.. الخ!!!  صدقوني ليست هذه سخرية ولكنه نفس الأسلوب الذى يتبعه زغلول النجار فى صفحته المؤجرة بالجريدة الموقرة.

 

استعمال اللغة المتعسف الذى سبق شرحه وإيضاح خلله، ولوى عنق العبارات لتتفق مع تفسيرات سماسرة الإعجاز، كل هذا خلق فجوة واسعة وعميقة بيننا وبين فهم القرآن على حقيقته وحول المسألة إلى لعبة جلا جلا نستطيع بها إخراج أى معنى مسبق فى أذهاننا بمجرد فرد الكلمة وثنيها وتشكيلها وعجنها وفعصها حتى تخدم أوهام البعض العنصرية المريضة بداء التفوق المزيف المخلوق من سراب، والأمثلة على هذا التعسف المضحك المبكى الذى يمارسه الإعجازيون كثيرة وسنختار منها بعض الأمثلة التى تشير إلى عملية النصب الإعجازي فى مولد سيدى زغلول، وسأورد الآية ثم أورد إعجازها العلمي الذى يدعونه ويليها معنى الكلمة الحقيقى المتعارف عليه فى قاموس العرب حينذاك والذى أوصل الدلالة اللغوية الصحيحة وإعتمد عليها المفسرون:

 

ـ الآية :" فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد فى السماء".

الإعجاز: الآية أخبرتنا بالحقيقة العلمية أنه كلما ارتفع الإنسان فى السماء إنخفض الضغط الجوي وقل الأوكسيجين وصعب التنفس.

المعنى الحقيقي فى قاموس العرب: يصعد في "كذا " بتشديد الصاد تعنى محاولة على مشقة فى عمل مستحيل، فالمراد من الآية هنا هو تشبيه ضيق صدر الكافر بضيق الشخص الذى يحاول الصعود إلى السماء فلا يستطيع لأنها عملية مستحيلة، ولاعلاقة لهذا بما يقوله الإعجازيون أنه صعد إلى  السماء فعلاً.

 

ـ الآية: "والأرض بعد ذلك دحاها"

الإعجاز: أثبت القرآن قبل 1400 سنة أن الأرض ليست كروية فحسب بل إنها بيضاوية كبيضة النعامة أو كالأدحية.

المعنى الحقيقى فى قاموس العرب: دحا الأرض أى بسطها ومدها، أما الأدحية التى يزعم سماسرة الإعجاز أنها أشارت لأحدث البحوث الفلكية التى أثبتت الشكل البيضاوى للأرض فهى لا تعني بيضة النعامة ولكنها تعنى مبيض النعامة أى المكان الذى تبيض فيه وسمي كذلك لأن النعامة تدحوه برجلها أى تبسطه وتوسعه فكيف يصبح بقدرة قادر دليلاً على الشكل البيضاوى، ولو سلمنا مع الإعجازيين أنها بمعنى البيضة فسنوقع أنفسنا فى فخ شائك ومطب خطير وهو أننا سنجد أنفسنا مطالبين بإثبات أن الشعراء كانوا يملكون في أشعارهم إعجازاً علمياً، والأخطر أنه سيأتي البعض ويطلبون منا أن نعتبر الشعر الجاهلي كتاباً سماوياً ينافس القرآن حاشا لله، وإلا فليرد الإعجازيون ويفسروا هذا البيت الشعري الذى قاله شاعر عربي  قبل عصر النبوة وهو زيد بن عمرو بن نفيل، تقول الأبيات:

أسلمت وجهي لمن أسلمت         له الأرض تحمل صخراً ثقالاً

دحاها فلما رآها إستوت          على الأرض أرسى عليها الجبالا

وإذا سايرنا الإعجازيين فى إستنتاجاتهم الوهمية علينا وقتها أن نمنح هذا الشاعر لقب نبي ونطلق على شعره الشعر المقدس المنزل لأنه يحتوى على إعجاز!!!

 

ـ الآية: "خلق الإنسان من علق"، والآية الأخرى "ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العقة مضغة".

الإعجاز العلمي:  كما كتبه د. زغلول النجار فى جريدة الأهرام 11 أكتوبر 2004  فالآية تشير إلى مرحلة جنينية محددة هى مرحلة العلق وهي ديدان حلقية تحيا فى الماء العذب وتعيش متطفلة على العديد من العوائل الفقارية، والجنين فى مطلع الأسبوع الثالث يأخذ هيئة دودة العلق فى شكلها.

المعنى الحقيقى فى قاموس العرب: العلق هو الدم الغليظ ولاعلاقة له بهذه الدودة التى يتخيلها د. زغلول والتى لاتمت بصلة لشكل الجنين فى الإسبوع الثالث الذى لايشبه الدودة من قريب أوبعيد ولكنه التعسف ولوي الحقائق ومعاملة اللغة بشكل انتهازي، يجعل استنتاجاتهم من المضحكات المبكيات.

 

أدّى هذا العبث والتدليس اللغوي إلى فتح طرق عبث وتدليس جديدة من أهمها قولهم أن هذه الإشارات الكونية الإعجازية التى يدعونها لم تذكر من قبل فى أى كتاب، وبهذا وقع الإعجازيون وأوقعونا معهم فى بلبلة وشك وتخبط فقد وجدنا الكثير مما يتحدثون عنه موجود فى أشعار عربية وأساطير سومرية وبابلية وفرعونية وفى كتب مقدسة أخرى، والحل الذى يريحنا من هذه البلبلة أن نتخلص من مرض جنون العظمة وعقدة الإضطهاد ونعترف بأن ماتم ذكره هو تفاعل مع وإستجابة لمعطيات ومعارف ومعلومات الواقع العربي حينذاك، وأنها ليست من الإعجاز العلمي ولاتمت له بصلة، وأن هذه الأساطير أو الكتب المقدسة لا تحتوي هى الأخرى على أى نوع من الإعجاز العلمي، وسندلل على كلامنا بالأدلة الدامغة مثل:

 

ـ الآية رقم 45 من سورة النجم والتى قام سماسرة الإعجاز بلوي عنقها لكى تتسق مع شعاراتهم كنوع من تحلية البضاعة أمام الزبون، الآية هي "وإنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى"، وإستخدموها لإثبات أن القرآن قد سبق الغرب فى إثبات أن الرجل هو المسئول عن تحديد جنس المولود، ولنسمع شعر زوجة أبى حمزة العيني والذى هجرها بعد ان ولدت بنتاً فقالت:

ما لأبى حمزة لا يأتينا             ظل فى البيت الذى يلينا

غضبان ألا نلد البنينا               تا لله ما ذلك فى أيدينا

ونحن كالأرض لزراعينا           ننبت ما قد زرعوه فينا.

هل نصرخ كما صرخ الإعجازيون ونقول إن هذه المرأة البدوية البسيطة يتساقط من فمها إعجاز علمي ويجب أن نقيم لها مقاماً وكعبة!!.

 

الآية 12  سورة المؤمنون، "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين"، وقد كتب د. زغلول النجار في مدى إعجازها صفحة كاملة يوم 20 سبتمبر 2004  وعن تشابه تركيب جسم الإنسان مع التركيب الكيميائي للطين، وأخذ يعطينا د. زغلول محاضرة فى نسبة الألومنيوم والسليكون والماغنسيوم والبوتاسيوم وأكاسيد الحديد فى كل من الإنسان والتراب، ولكن ماهو رأي د. زغلول إذا أحضرنا له أدلة على أن هذا الكلام قد قيل فى أساطير سومرية وبابلية ونرجوه الرجوع لكتاب فراس السواح مغامرة العقل الأولى ليعرف من خلال الأساطير أن الإله مردوخ البابلي خلق الإنسان من طين وكذلك إنكى السومري والإله خنوم الفرعوني الذي كان يصور فى النقوش على هيئة صانع الفخار، وحتى فى الأساطير الإغريقية يخلق برومثيوس الإنسان من تراب وماء، وتسربت هذه الفكرة لسفر التكوين 7:2 حيث يقول "وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ فى أنفه نسمة حياة"، وفى سفر أشعياء 8:64 حيث يقول "والآن يارب أنت أبونا نحن الطين وأنت جابلنا"، وهذا يثبت أن كل هذه المعلومات التى يقولون عنها إعجازاً علمياً هى معارف كانت متداولة فى ذلك العصر وكل هذه الأساطير سواء سومرية أو بابلية أو فرعونية أو إغريقية، أو حتى الكتب السماوية سواء كانت توراة أو إنجيلاً أو قرآناً لاتحمل أى إعجاز علمي، أعتقد أن د. زغلول لن يستطيع الرد بعد هذه الأدلة التى ذكرناها والتى سنذكرها فى الجزء القادم.

 

4

 

تجارة الإعجاز العلمي تقودنا إلى الضلال

 

وهم الإعجاز العلمي القرآني سيطر على عقول القدماء كما سيطر على عقول المعاصرين، وكما تصدى الشيخ شلتوت وبنت الشاطئ لأكاذيب أصحاب بوتيكات الإعجاز حديثاً، تصدى لهم الإمام الشاطبي قديماً فى كتابه المهم "الموافقات فى أصول الشريعه"، فبعد أن تحدث الشاطبي عن عدم جواز تحميل القرآن من المعاني ما لا يتناسب مع كون العرب أمة أمية قال بوضوح "يجب أن لا نلتمس فى القرآن ولا في الحديث ما يخرج عن معهود العرب من العلوم والمعارف، وعلوم العرب مذكورة معروفة كالعلم بمواقع النجوم وما يختص بالإهتداء بها فى البر والبحر والعلم بالأنواء وأوقات نزول الأمطار وإنتشار السحاب والعلم بالتاريخ وأخبار الأمم الماضية، وهذا الصنف من المعارف ذكره القرآن فى غير ما آية.."، هذه هى أنواع وحدود العلوم التي كانت متداولة حينذاك ولم يطلب الشاطبي من القرآن أن يتخطى هذه الحدود العلمية الضيقة، بل وأنكر أن نبحث فى القرآن عن معارف وعلوم أعلى من مستوى الأمية التى كان عليها العرب، ونقتبس هنا هذا الإستنكار فى قوله "أن كثيراً من الناس قد تجاوزوا فى الدعوى على القرآن الحد فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين من علوم الطبيعيات والتعاليم والمنطق وعلم الحروف وجميع مانظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها"، ويوضح الشاطبي سبب إستنكاره لأننا "إذا عرضناه على ماتقدم  ـ من أمية العرب ـ لم يصح"، ولذلك السبب "ليس بجائز أن يضاف إلى القرآن مالايقتضيه، كماأنه لايصح أن ينكر منه مايقتضيه، ويجب الإقتصار فى الإستعانة على فهمه على كل مايضاف علمه إلى العرب خاصة، فيه يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية، فمن طلبه بغير ماهو أداة له ضل عن فهمه".

 

الضلال هو المصير الذى يتوقعه الإمام الشاطبي لمن يطلبون الإعجاز العلمي والتفسير الكونى فى القرآن، تخيلوا عملية التضليل والتدليس التى يقوم بها دعاة الإعجاز ويغسلون بها أدمغتنا ويزيفون وعينا بدعوى وتحت شعار أنهم يرسخون إيماننا ويثبتون لنا أننا أفضل من الجميع ديناً وعلماً، وأولى أسباب الضلال هي الكارثة المنتظرة إذا إلتمسنا علوم الطبيعة فى القرآن فإننا إن فعلنا ذلك وقلنا عن آيات أنها تحتوي على إعجاز علمي فنحن نفتح الباب لكى يرد علينا من يثبت العكس بأن هذه الآيات بها خطأ علمي، وإذا لم نلجأ للحل الذى طرحته فى البداية وهو أن نعترف بأن القرآن كان يتفاعل مع معارف وعلوم هذه الأمة الأمية كما قال الإمام الشاطبي، ونخرج من هذا الفخ ونرفع عنا الحرج بأن نطلق على مايصفونه خطأ علمياً بأنه مجرد إنعكاس وترديد ورصد لعلوم هذا العصر الذى من الممكن بل من الأكيد أن علوم زماننا تجاوزته بمراحل إذا لم نفعل ذلك فنحن نرتكب جريمة فى حق القرآن، ولكن أن نعاند ونصر على أن هذه الآيات بها إعجاز علمي فبذلك نكون قد فتحنا على أنفسنا أبواب جهنم وقمنا بجر وشد القرآن إلى ملعب ليس بملعبه، وجعلناه مطروحاً على بساط البحوث العلمية الكيميائية ومتأرجحاً على أرجوحة النظريات الفيزيائية والبيولوجية وبذلك نكون قد عبدنا ومهدنا أقصر الطرق لضلال المسلمين وإضلالهم وتزييف وعيهم، وسأضرب بعض الأمثلة من أشهر مايقدمه تجار الإعجاز العلمي تحت إسم إعجاز تطور الجنين حين يتناولون الآيات الخاصة بها فى سورة المؤمنون "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين"، وهي آيات تتحدث إلى المجتمع حينذاك بلغته المتداولة حينذاك عن معجزة الخلق التى هى مجرد خلق هذا الجنين بدون التفاصيل العلمية التى يدعونها، وعملية خلق الجنين والحمل والولادة فى حد ذاتها إقشعر لها بدن الإنسان منذ العصر الحجري ولم يكن وقتها محتاجاً لأى تفاصيل علمية دقيقة بأن هذه معجزة كانوا ينسبونها قديماً لقوى غامضة ثم نسبت بعد ذلك إلى قدرة سماوية خارقة هى الله خالق الخلق أجمعين، وما يدعيه أصحاب بازارات الإعجاز العلمي من أن هذه الآيات تتحدث عن أمور علمية معاصرة قول مغلوط، وعدم وجود هذه المعلومات والمفاهيم الحديثة عن تكوين الجنين ليس فيها أي إنتقاص من قدر القرآن وقدسيته، فالمفاهيم القديمة المتداولة وقت نزول القرآن كانت تتحدث عن أن الجماع وماينزل منه من سائل منوى هو سبب الحمل وحتى فى سفر التكوين عندما أدين أونان لممارسته العادة السرية كانت الإدانة بسبب أنه بهذه العادة يمنع النسل، وهذه معلومة متداولة لاتعنى أى إعجاز إذا كانت النطفة تعنى الحيوانات المنوية كما يدعون، وبالطبع لابد أن نفهم الآيات من السياق ومن معانى الكلمات التى تشكل الآيات، فالنطفة هى قطرة الماء، والعلقة هى الدم الغليظ ولاعلاقة لها بالدودة التى يتحدث عنها د. زغلول النجار، والمضغة وغيرها من الأشكال لاعلاقة لها بأطوار تكون الجنين ولكنها ببساطة مراحل شاهدتها القابلات والأمهات والناس حينذاك من ملاحظة بسيطة أثناء الإجهاض، فالإجهاض يتم فى أى مرحلة ومن الوارد جداً عندما يحدث الإجهاض أن يصفه هؤلاء بأنه شبه العلقة أو المضغة.. الخ، كل هذا لايعكس أى معجزة علمية حديثة فالمفاهيم القديمة لاتذكر أبداً دور البويضة ولكن تذكر ماء الرجل وماء المرأة وهو الماء الذي ينزل منها قبل الإيلاج ولاعلاقة له بتكون الجنين بدليل أن فهم الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأشياء كان مرتبطاً بمعتقدات ذلك الزمان، فعلى سبيل المثال هناك الحديث الذى يجيب فيه الرسول ـ صلعم ـ عن سؤال المرأة هل تغتسل إذا إحتلمت؟ فرد الرسول ـ عندما قالت عائشة تربت يداك ـ قائلاً: دعيها وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه، هذه المفاهيم وغيرها هى التى كانت سائدة ولانستطيع أن ندعى أنها تعبر عن معلومات علمية معاصرة مثل مفهوم إتحاد الحيوان المنوي بالبويضة التى لم نجد لها أى ذكر فى ثقافة العرب القدماء وبالتالى فى القرآن، أما آية فكسونا العظام لحماً فهى تتحدث أيضاً عن مفهوم قديم أيضاً تفاعل معه القرآن لإقناعهم من داخل ثقافتهم وبلسان معارفهم، وهذا المفهوم يتحدث عن خلق العظام قبل العضلات وهو مايعتبره د. زغلول إعجازاً علمياً، ولكن سيندهش د. زغلول ولن يستطيع التخلص من هذا الفخ الذى أوقع نفسه وأوقعنا فيه حين يعرف أن العظام واللحم خلقا فى نفس الزمن لأن أى دارس لعلم الأجنة يعرف أن خلايا الجنين تنقسم إلى ثلاث طبقات: إكتوديرم وميزودرم وإندوديرم والأولى يتكون منها المخ والأعصاب والجلد والثانية وهى محور حديثنا يتكون منها العظام والعضلات بالتزامن والتوازى وليس عظم قبل لحم كما كان القدماء يتصورون أما الطبقة الأخيرة فمنها الأمعاء والكبد.. الخ، وأيضاً مفهوم تشكيل الجنين من الماء الدافق بين الصلب والترائب هو مفهوم أيضاً يتسق مع المفهوم الذى كان يقول قديماً هذا الإبن من ظهري أو من صلبي وبالطبع كان يقولها القدماء قبل القرآن بدون أى إدعاء إعجاز، وكان رجال الدين اليهود والمسيحيون يحاولون نفس المحاولة مع سفر التكوين حين خاطب الله يعقوب قائلاً وملوك سيخرجون من صلبك، وبالطبع تغيرت تلك الفكرة الآن وعرفنا أن الحيوانات المنوية تفرز من الخصيتين وتسبح فى سائل من البروستاتا والحويصلات المنوية، وبذلك نكون قد تأكدنا من أن محاولات رجال الدين فى كافة الأديان لإثبات الإعجاز العلمي محاولة مكتوب عليها الفشل المزمن 

 

السبب الثانى للضلال كما يسميه الإمام الشاطبي والذى يدعونا لإنكار الإعجاز العلمي هو تحويل العبادات والأوامر الإلهية القرآنية إلى فوائد علمية ولاأعرف لماذا هذه التعسف والعناء ؟ فنحن نصوم لأن الله امرنا بذلك وليس لأن الصوم أفضل للكبد والقلب والبنكرياس..الخ ولأنه ببساطة إذا كان الأمر يحتوي على كل هذه الفوائد لماذا نأكل الطعام فى كل الشهور الأخرى ولانصومها؟!  وأنا أصلى لأن الله أمرنى بالصلاة وليس لأنها تمارين رياضية وإلا كانت تمارين الجمباز أفضل!! وهكذا فتحويل العبادات وتسويقها للبشر بحجة أن فيها فوائد علمية ونظريات فسيولوجية فيه إمتهان للدين والعلم على السواء، ومن أشهر هذه الأوامر الإلهية التى حاول الإعجازيون تبريرها بأسباب علمية وتمريرها على أنها إعجاز علمي أمر الإمتناع عن تناول لحم الخنزير، فأنا كمسلم مطالب بعدم تناول هذا اللحم لأنه أمر إلهى ولكن أن تقدمه لى على أنه إعجاز علمي فأنت تدفعنى بلامبرر على الرد عليك يادكتور زغلول وأقول أن حديثك عن أضرار لحم الخنزير بأنها إعجاز علمي حديث مضلل، وأقول لك لماذا ؟ أولاً لأن الدين الإسلامى ليس الدين الوحيد الذى حرم لحم الخنزير فهناك الدين اليهودى يحرمه أيضاً ففى سفر اللاويين والتثنية تقول التوراه عن الخنزير "من لحمها لاتأكلوا وجثتها لاتلمسوا"، وحتى الديانة المصرية القديمة حضت على كراهية الخنزير فيكفى أن إله الشر ست قتل الإله حورس بينما كان الأول على هيئة خنزير، وفي الأساطير الكنعانية مات كبير الآلهة على يد خنزير بري، وفى الأساطير الإغريقية قتل الإله أدونيس على يد خنزير بري أيضاً، إذن مسألة الإعجاز العلمي لمنع الخنزير ستجرنا إلى مقارنة غير مطلوبة، ثانياً: مسألة أن لحم الخنزير من الممكن أن تصيبه دودة شريطية تسمى التينيا سوليم فإن الإعجازيين يخفون عنا أن البقر من الممكن أن تصيبه دودة شريطية أخرى تسمى التينيا ساجيناتا فلماذا لم نحرم أكل البقر أيضاً؟! ويقال أن الخنازير تربى فى حظائر قذرة ولكن إذا عرف د. زغلول أن حظائر الخنازير فى أوروبا أكثر نظافة من بيوت كثيرة موجودة فى بلادنا، وأنه لو شاهد ماذا يأكل الدجاج فى حارات وشوارع القرى سيمتنع فوراً عن أكل الدجاج الذى يتناول أحياناً الفضلات! هل وقتها سيبيح لحم الخنازير إذا ربيت فى حظائر نظيفة؟! أما العجب العجاب فهو ماسمعته من الإعجازيين عن أن لحم الخنزير يجعل الرجل ديوثاً أى لايغار على إمرأته، وهذا كلام فارغ لاأساس علمي له ولا عقلي والحديث فيه إضاعة للوقت!

 

ثالث أسباب الضلال هو أن حق اللجوء العلمي للقرآن وإعتباره مرجعاً كيميائياً وفلكياً وبيولوجياً يجعل بعض رجال الدين يفرضون على العلم الحديث تفسيراتهم الدينية فيتناقضوا معه ويجعلوننا أضحوكة العالم، كما حدث مع الشيخ بن باز  الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد فى المملكة العربية السعودية الذى قال فى فتواه عام 1976  بأن "القول بان الشمس ثابته وان الأرض دائرة هو قول شنيع ومنكر، ومن قال بدوران الأرض وعدم جريان الشمس فقد كفر وضل ويجب ان يستتاب وإلا قتل كافراً ومرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين"، وقد استند بن باز للدلالة على جريان الشمس والقمر الى بعض الأيات القرآنية مثل قوله تعالى "وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى"، "والشمس تجرى لمستقر لها"، "وسخر لكم الشمس والقمر دائبين"، "فلا اقسم برب المشارق والمغارب" ويقول بن باز فى تفسيره أن الجرى فى لغة العرب هو السير والإنتقال من مكان الى مكان، أما أدلة ثبوت الأرض فقد جمعها بن باز فى الآيات القرآنية مثل "جعل لكم الأرض قرارا"، "جعل لكم الأرض مهادا"، "الذى جعل لكم الأرض فراشا"، "وألقى فى الأرض رواسي ان تميد بكم" ومن تفسيراته ان كون الأرض فراشا مشروط بكونها ساكنة لأنها لو كانت متحركة لما كانت فراشا على الإطلاق، وهكذا أصبح القرآن الكريم بين مطرقة زغلول النجار وسندان بن باز، ولكن هل توقف الإعجاز العلمي عند حدود القرآن أم جذبه ا لبعض إلى حدود السنة النبوية؟.

 

 

5

 

الإعجاز العلمي فى السنة النبوية

الإيمان الديني لايحتاج إلى كتاب فيزياء أو مرجع بيولوجى كى يثبت فى قلب المرء ووجدانه وعقله، واليقين بأن الله موجود وبأن محمداً عليه الصلاة والسلام نبيه المرسل لايزعزعه أن كتاب الله لم يتحدث فى النسبية أو يتطرق إلى نظرية الكوانتم، فإما إيمان أو لا إيمان، ومن دخل دار الإيمان لايحتاج إلى بواب يرتدي بالطو الطبيب أو لحارس يتقمص دور أمين المعمل  لكى يوصله ويهديه إلى ردهة العشق الإلهي، المؤمن لا يحتاج إلى هؤلاء لكي يثق بأنه قد دخل من الباب الصحيح، ولكن حزب زغلول النجار من سماسرة الإعجاز العلمي لا يعترفون إلا بأن الإسلام يحتاج إلى مذكرات كلية الطب والعلوم لكى نعتنقه، وبأن المسلمين يحتاجون إلى دروس خصوصية فى تركيب الذرة وقانون مندل لكي يتفهموا القرآن! والمدهش أن أعضاء جمعية المنتفعين بالإعجاز العلمي بعدما فرغوا من تحويل القرآن إلى نظريات فيزيائية ومعادلات كيميائية تحولوا إلى كتب السنة النبوية والأحاديث الشريفة لكى يمارسوا دجلهم وشعوذتهم فيها ويقدموا لنا من بين صفحاتها كوكتيلاً من الإعجاز، وقد تم هذا التحول والإستخراج بمنتهى التعسف والإفتعال وكأنهم لم يكتفوا بتشويه نظرتنا للقرآن بل إمتد تخريبهم للسنة النبوية.

 

تم تدشين نظرية الإعجاز العلمي فى كتب الحديث بواسطة د. زغلول النجار فقد كان أول وأبرز صوت يعلن عن هذا الإكتشاف المذهل، فقد كان أستاذه مصطفى محمود أكثر حذراً ولم يحاول الإقتراب من هذه المنطقة الشائكة لأنه كان قد فطن إلى أن التدخل فى منطقة السنة النبوية بنظريات الإعجاز سيتحول إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، فهي منطقة ألغام شديدة الإنفجار لأن السنة النبوية فى النهاية نتاج بشري فى معظمها وهذا لا يعني إنكاراً للسنة النبوية وإلا ما كان الصحابة يراجعون النبى بسؤالهم الشهير: أهو الرأى أم الوحي؟ ولذلك فالأخطاء العلمية واردة ولاعيب فيها ولا نقيصة، ذلك لأن الرسول ـ صلعم ـ كان يتحدث بمفردات عصره وأفكار وعلوم زمنه وإلا ما فهمه ولا إقتنع بنبوته أحد فى هذه البقعة الجافة القاحلة علمياً قبل زراعياً، وكانت جرأة د. زغلول صادمة حين بدأ بحديث الذبابة الشهير محاولاً منحه صبغة علمية فقد أطلق زغلول النجار فى 11 نوفمبر 2003 فى جريدة الأهرام صفحة 22 قنبلة كانت أقوى من احتمالي ولا تحتمل السكوت، فقد تحدث عن حديث الذبابة وجعل منه كشفاً علمياً وفتحاً بيولوجياً على الغرب الجاهل أن يحلله ويفتح معامله لإستقباله والإحتفاء به، والحديث يقول "إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن فى إحدى جناحيه داء وفى الأخرى شفاء"، ويعلق قائلاً أنه من الناحية العلمية ثبت أن الذباب يتغذى على النفايات والمواد العضوية المتعفنة حيث تنتشر الفيروسات والبكتيريا والجراثيم ولكى ينفرد ربنا بالوحدانية خلق كل شيء فى زوجية واضحة فخلق البكتيريا وأَضدادها وقد أعطى الله للذباب القدرة على حمل الفيروسات والبكتيريا على جناح والمضادات على جناح، وأكد الدكتور زغلول على أن مجموعات من أبحاث المسلمين قامت بإجراء أبحاث على أنواع مختلفة من الأشربة وغمست الذباب فى بعضها ولم يغمس فى الباقى وعند الفحص المجهرى إتضح أن الأشربة التى غمس فيها الذباب خالية من كل الجراثيم المسببة للمرض!! وبالطبع لايصمد هذا الكلام أمام أى تحليل علمي والسؤال ومادام الدكتور زغلول بهذه العبقرية لماذا لم ينشئ لنا مصنعاً إسلامياً لإستخراج المضادات الحيوية من أجنحة الذباب ويكفينا شر الجات وغلاء المضادات الحيوية؟ والمدهش أن هذه البديهية كنا قد تصورنا أنها حسمت فى العشرينات حين تبنى المفكر الإسلامي محمد رشيد رضا فى مجلته المنار ذات التوجه الإسلامي فكرة أن هذا الحديث غريب ويجب ألا نتمسك به حين قال فى المجلد 29 الجزء الأول "حديث الذباب المذكور غريب عن الرأي والتشريع، فمن قواعد الشرع العامة أن كل ضار قطعاً فهو محرم قطعاً، وكل ضار ظناً فهو مكروه كراهة تحريمية أو تنزيهية على الأقل"، وكان بعض الشيوخ قد كفروا د. محمد توفيق صدقى حين هاجم هذا الحديث فى العشرينات فى نفس المجلة وقد دافع عنه رشيد رضا قائلاً "ذلك المسلم الغيور لم يطعن فى صحة هذا الحديث إلا لعلمه بأن تصحيحه من المطاعن التى تنفر الناس من الإسلام، وتكون سبباً لردة بعض ضعفاء الإيمان، وقليلى العلم الذين لايجدون مخرجاً من مثل هذا المطعن إلا بأن فيه علة فى المتن تمنع صحته، وماكلف الله مسلماً أن يقرأ صحيح البخارى ويؤمن بكل مافيه وإن لم يصح عنده".

 

الجملة الأخيرة التى قالها رشيد رضا جملة شجاعة ترسخ لنا مبدأ هاماً من الممكن أن يصدم البعض وهو أننا لسنا مطالبين بأن نتبع كل ماكتبه البخارى لمجرد صحة السند فمن المهم جداً أن نناقش المتن إذا كان مخالفاً للعقل حتى ولو أجازه البخارى، والأمثلة كثيرة ومتعددة ولكن علماء الحديث المعاصرين كسالى عن التنقيب والبحث ومرعوبون من فكرة تنقيح أحاديث البخارى، برغم أنه قد رفض من قبلهم أئمة ورجال دين مستنيرون بعض أحاديث البخارى لتعارضها مع العقل ولأنها كانت تتحدث عن معلومات وبيئة هذا الماضي البعيد، وسنكتفي من هذه الأمثلة بمايعارض العلم الحديث ويهدم نظرية الإعجاز العلمي المزعومة:

 

ـ الأحاديث التى أخرجها الشيخان بالنسبة لرفض فكرة العدوى وهى "قال رسول الله  ـ صلعم ـ لاعدوى ولاصفر ولاهامه، فقال أعرابي: يارسول الله : فما بال إبلى تكون فى الرمل كأنها الظباء فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال من أعدى الأول؟!" والحديث الثاني "لاعدوى ولاطيرة ويعجبني الفأل"، والحديث الثالث "لاعدوى ولاطيرة"، وإنما الشؤم فى ثلاثه: المرأة والفرس والدار"، والغريب أن هناك أحاديث أخرى تثبت العدوى مثل "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلاتدخلوها"، والسؤال هل يكمن الإعجاز فى الأحاديث الأولى أم الحديث الأخير؟! وحل هذا التناقض بسيط وهو كما قال كثير من الفقهاء عن أن أحاديث المفاهيم العلمية والطبية والملابس والطعام.. الخ ليست من العقيدة ولا من الأوامر الإلهية الموحاة للنبي ومجال الفصل مابين السنة القولية والفعلية واسع ولامجال هنا لمناقشته.

ـ الحديث الذى أخرجه الشيخان عن حركة الشمس والذى يقول "كنت مع النبى فى المسجد عند غروب الشمس، فقال ياأبا ذر! أتدرى أين تغرب الشمس؟ قلت: الله ورسوله أعلم! قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى والشمس تجرى لمستقر لها"، وللعلم اعتمد على هذا الحديث بن باز فى فتواه التى كفر بها من يقول بكروية الأرض وحركتها حول الشمس، وفى رواية أخرى يتحدث الرسول عن أن الشمس يقال لها ارتفعي وارجعي فتطلع وتغرب.. الخ، ومن المعروف الآن لطلاب المرحلة الإعدادية فى الجغرافيا أن الشمس مستقرة فى مكانها وأن الشروق والغروب ليس سببه حركتها هى بل سببه دوران الأرض حول نفسها، وأن هذا الشروق والغروب مستمران طيلة الأربع والعشرين ساعة وفى كل لحظة تكون فى حالة شروق بالنسبة لمكان فى الأرض، وفي الوقت نفسه فى حالة غروب بالنسبة للمكان المقابل من الأرض، ومن الواضح أن الحديث يتماشى مع ثقافة أهل هذا الزمان ومفاهيمهم التى تعتبر الأرض ساكنة ومسطحة وأن الشمس هى التى تتحرك، ولم يكن مطلوباً من الرسول أن يكون عالماً بنظريات الفلك فى القرن العشرين ولم يكن تقصيراً منه أن يتحدث بلغة وعلوم قومه وإلا لرفض أهل البادية إعتناق دينه حينذاك.

ـ حديث خلق الله آدم طوله ستون ذراعاً وأن الخلق لم يزل ينقص بعده حتى الآن والذي أخرجه الشيخان أيضاً، وهنا تبرز إشكالية علمية هامة فالذراع عند العرب إما 24 أصبع أى حوالى 48 سم أو 32 أصبعاً أي حوالى 64 سم، يعنى بهذا القياس فإن أبانا آدم لن يكون طوله أقل من ثلاثين متراً بأى حال من الأحوال وهذا يخالف كل ما اكتشفه علماء الآثار والحفريات عن أقدم هياكل البشر العظمية التى لايختلف طولها عما عليه الإنسان الآن إلا قليلاً! وأيضاً لم يلاحظ هذا القصر التدريجي من ثلاثين إلى عشرين إلى عشرة متر.. الخ، والغريب أن هذا الحديث مثلما أدهشني أدهش الحافظ بن حجر العسقلاني فقد كتب فى كتابه فتح الباري "ويشكل على هذا ما يوجد الآن من آثار الأمم السالفة كديار ثمود، فإن مساكنهم تدل على أن قاماتهم لم تكن مفرطة فى الطول على حسب مايقتضيه الترتيب السابق، ولاشك أن عهدهم قديم، وأن الزمان الذى بينهم وبين أول هذه الأمة، ولم يظهر لى إلى الآن مايزيل هذا الإشكال".

ـ حديث آخر أخرجه الشيخان يقول "إذا سمعتم صياح الديكة فإسألوا ألله من فضله، فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً"، وهذا الحديث من غرائب مرويات أبى هريرة، وسنناقش بالمنطق هذا الحديث فالقرآن والحديث ينصان على أن لكل إبن آدم ملائكة حفظة وملكان يكتبان أعماله وعلى ذلك فلابد أن تصيح الديكة طيلة الأربع والعشرين ساعه، وكذلك الحال مع الحمار لا بد هو الآخر أن ينهق أربعاً وعشرين ساعة لأن لكل إنسان شيطاناً موكلاً به وقريناً يضلله، وفى القرى المصرية نشاهد حميراً كثيرة أمام المساجد وفى الشوارع فيجب عليها طبقاً للأحاديث أن تنهق عند الآذان لأن هناك حديثاً يقول أنه إذا نودى للصلاة أدبر الشيطان له ضراط، فهنا كان لابد للحمار أن ينهق عند سماع صوت المؤذن لأنه سيشاهد الشيطان الذى خرج وأدبر!!.

ـ الحديث الذى أخرجه البخاري والذى يقول أن التثاؤب من الشيطان، ونحن درسنا التثاؤب فى كلية الطب بأنه إنعكاس فسيولوجى عند التعب أو النعاس ولاعلاقة له بشيطان أو خلافه.

ـ وكذلك الحديث الذى أخرجه الشيخان والذى يقول "مامن مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخاً من نخسة الشيطان إلا إبن مريم وأمه"، وبالطبع يعرف جميع أطباء النساء والولادة أن سبب صراخ المولود هو دخول الهواء للرئتين لأول مرة بعد أن كان يعتمد الجنين على الحبل السرى فى الغذاء والأوكسيجين.

ـ حديث آخر أخرجه الشيخان مروي عن أبى هريرة ويتعارض مع العلم الحديث ويقول "إشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين: نفس فى الشتاء، ونفس فى الصيف، فأشد ماتجدون في الحر، وأشد ماتجدون من الزمهرير"، وبالطبع ينكر علم الجغرافيا هذا الكلام فسبب الحر والبرد عوامل جغرافية وجوية مثل ميل الشمس وعموديتها وحركة الرياح والضغط الجوي والقرب والبعد عن سطح البحر..ا لخ، والسؤال إذا كان هذا النفس يخرج على العالم كله فكيف نفسر تفاوت وإختلاف درجات الحرارة فى بقاع العالم المختلفة فى نفس الوقت.

 

وفى النهاية نقول نحن عندما تصدينا لدعاة الإعجاز العلمي كان هدفنا الأول هو الدفاع عن الدين وعن العلم أيضاً، ويجب علينا أن ننظر إلى كم التخلف والجهل الذى نعيش فيه كمسلمين ونعترف بأننا فى القاع فكرياً وعلمياً، والحل هو أن نتسلح بالمنهج العلمي فى التفكير ونؤمن بأن معجزة ديننا فى أفكاره وثورته الإجتماعية وتفاعله مع رغبات البشر وحياتهم البسيطة، وليس عيباً أو نقيصة أو قدحاً فى الدين ألا نجد فيه نظرية فيزياء أو معادلة كيمياء فيكفيه أنه نصحنا بأن نسير فى الأرض ونقرأ وندرس ونحلم بتغيير المستقبل.

***************

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط