حسين ديبان / Jan 14, 2006

مجزرة جديدة في مكة، بلغ عدد ضحاياها أكثر من ثلاثمائة وخمسين حاجاً من أصحاب الأجساد الضعيفة، قضوا دهساً ودعساً تحت أرجل أخوة لهم من الحجيج من أصحاب الأجساد ذات البنية القوية والعضلات المفتولة. حدث ذلك أثناء التسابق المحموم لنيل شرف رمي الجمرات على الشيطان حيث يعتقد المسلم أنه بعد رمي هذه الجمرات وإنتهائه من مناسك الحج، سوف يتم شروط الولوج الى جنة الله.  

 

المسلم يعتقد أن أداءه لفريضة الحج يمحي كل ذنوبه ـ ماتقدم منها وما تأخر ـ فلا يحاسب إن كان مغتصبا للأطفال والنساء، أو إن كان لصاً قاطعاً للطرقات وناهباً للقوافل؛ ولا يحاسب كذلك إن كان قاتلاً ومزهقاً للأرواح، بل سيكون نصيبه جنة ملؤها عشرات الحوريات الباكرات أبدا، وغلمان كالدر المكنون وأنهار خمر وعسل في مشهد إباحي غرائزي كبير يسيل له لعاب العربان والمتأسلمين من شذاذ الأفاق والجاهلين، الذين ارتضوا لأنفسهم أن يبيعوا عقولهم مقابل هذه الأوهام. وهكذا، فإن هذه الجنة ستكون مرتعا لحكامنا القتلة واللصوص الذين تحكموا في رقابنا عبر التاريخ الإسلامي وإلى يومنا هذا، وبتشريع رسمي من نصوص هذا الدين، ذلك لأنهم جميعا قد أدوا هذه المناسك عدة مرات، مما يعني أنهم قد اغتسلوا من ذنوبهم وجرائمهم.

 

لا أدري كيف يمكن لهذا الإله أن يوضح لنا بأي حق وبأي شرعة وقانون يكافَأ المجرم على جريمته لمجرّد حجّه الى بيت تم بناؤه منذ آلاف السنين، وكان موضع قداسة عند أبناء الجاهلية الوثنيين لاحتوائه على اصنامهم التي كانوا يعبدونها. تُرى ما الجديد الذي استجد على هذا البيت حتى يقصده المسلمون اللهم سوى الإستمرار على ماكان الأجداد الوثنيون يؤمنون به؟.. ما معنى لثمُ حجرٍ لا ينفع شيئا وإنما يضر بالتأكيد، كان قد سقط من أحد النيازك وأثار في ذلك الوقت اعجاب الناس نظراً لجهلهم وقلة علمهم. هذا الحجر الذي كان أسود من يومه ولم يكن أبيضاً أبدا كما تدعي الأساطير التي تذكر أنّ الله أنزله أبيضاً من الجنة وقد أصبح أسودًا نتيجة أفعال أهل الأرض الشريرة!..  لا ندري لماذا لم يستَعِد لونه الأبيض بعد أن أرسل الله محمد مبشرا ونذيرا ونشر له دينه وشريعته، وكذلك بعد أن يكون هذا القاتل أو اللص (الحاج) قد أتم آخر شعيرة من شعائر هذه الفريضة وهي رمي الجمرات على شيطان غير موجود إلا في نفوس وقلوب الذين يرمونها!!  إنّ النفس هي الأمارة بالسوء، وفي ظل غياب القانون فقط، والشيطان لم يتمّ اختراعه إلا لنلقي عليه كل أخطائنا وأفعالنا الخسيسة وجرائمنا، وقد نغيّر اسم هذا الشيطان وطبيعته حسب الظروف والمقتضيات.. فمن شيطان مكة الحجري الى شيطانها الآخر البشري عبدالله بن سبأ، وقد يصبح الشيطان دولة قد تكون صغيرة فتصبح شيطاناً أصغر كما هو حال نظرتنا لإسرائيل، وقد يكون دولة كبيرة فيصبح شيطاناً أكبر كما الحال في نظرتنا لأمريكا، وعليه يعيش المواطن المسلم في سبات ونبات وراحة ضمير تجاه أي فعل لا أخلاقي يرتكبه فهو لم يرتكبه حقاً ولكنه زُين له من قبل أحد الشياطين المذكورة آنفاً وبالتالي فلا إثمٌ عليه يستوجب الحساب والعقاب.

 

هذه المجزرة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، والحديث المستمر من قبل القائمين على هذا الدين حول حرمة النفس البشرية وتقديمها على حرمة البيت الحرام وسائر بيوت الله، لا معنى له إطلاقا في ظل استمرار هذه المجازر، مالم تتخذ اجراءات حاسمة بتغيير بعض هذه الشعائر وحتى إلغاء بعضها الآخر مثل شعيرة رمي الجمرات لأنه حتى الآن ورغم مرور آلاف السنين على بدء العمل بتلك الشعيرة مازال الشيطان المقصود بتلك الجمرات حسب شريعتهم يصول ويجول. ولا أظن هذا الشيطان سوى داء التخلف والإنقياد الأعمى التى ابتليت به هذه الشعوب، ومايؤكد مانقول هو الحال الذي وصلت اليه هذه الشعوب من تخلف ودمار وعدمية خولها أن تأخذ مكانها بجدارة في مؤخرة شعوب الأرض ولا هم لها إلا الأكل والشرب واستهلاك ماتنتجه الأمم الأخرى وكذلك الإستمرار بهذه التقاليد البالية والمتخلفة طمعا بتلك الجنة الموهومة حتى لو كانت على جثث الضعفاء من إخوتهم في ذات الداء والدين.  

سؤال بريء

ألم يفكر المسلمون ان غريزة الدفاع عن النفس هي غريزة تشترك بها كل الكائنات وبالتأكيد فإن السيد الشيطان واحد من هذه الكائنات، وعليه كان لابد له بشكل طبيعي أن يدافع عن نفسه تجاه من يرجموه مما يفسر لهؤلاء وبذات الطريقة التي يفكرون بها سقوط عدداً من القتلى كل عام وخاصة عند رمي الشيطان بالجمرات.

حسين ديبان  hdiban69@yahoo.com  

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط