بسام درويش
/
Feb 14, 2002
نقلت وكالات الأنباء من بغداد خبراً مفاده أن صدام حسين قد أعلن مؤخراً معارضته لأي هجوم محتمل على إيران وقال: "نحن بكل عمقِِ الأسباب التاريخية ضد أي عدوان يقع على إيران، وإذا كان هنالك من يتوهم غير ذلك عليه أن يسمعنا بوضوح فنحن لسنا من الطراز الذي يتلاعب بالألفاظ أو الذي يساوم، وان موقفنا هذا ثابت!". كذلك قال: "إيران جارتنا وما يصيبها من اختلال في الأمن أو عدوان أو أذى يصيبنا نحن أيضا حتما"!
*******
إمّـا هكذا يكون الرجال القادة، يا إمّـا "بلاش"!.. وإمّـا هكذا يكون الجيران أيضاً، يا إمّـا "بلاش"!!..
صدام يعارض أي هجوم أميركي على إيران!.. موقف صدام ثابت، والرجل ليس من الناس الذين يتلاعبون بالألفاظ أو الذين يساومون!
معرفة صدام بأن إيران هي دولة جارة قد حصلت بالصدفة. لقد شاهد خريطة الشرق الأوسط اليوم على شبكة "سي إن إن" فكانت الصدفة وحدها هي التي أطلعته على أن إيران هي جارة للعراق. ولن يكون غريباً أنْ نسمع غداً أنَّ صدام قد اصدر أوامره بإعدام عدد من الضباط لتقاعسهم عن إعلامه قبل حربه مع إيران بأن لها حدوداً مجاورة معه.
******
الحكومة الأميركية تقوم بدراسة هذه التطورات المفاجئة والتي أصابتها بإرباكٍ شديد، وقد نقلت مصادر مطلعة "للناقد" أن الإدارة الأميركية عقدت عدة اجتماعات مغلقة للبحث في ما يمكن أن تؤدي إليه معارضة صدام. معارضته ليست بالأمر الذي يمكن الاستهانة به وكلنا نذكر أية متاهات أوقعت هذه الإدارة نفسها بها عندما تجاهلت اعتراضه على ضرب العراق قبل حرب الخليج.
******
لقد أنعم الله على الأمة العربية بقادة لم يُنعم بمثلهم على أمةٍ أخرى. ولكن مما لا شك فيه أن شعب العراق هو الأعظمُ حظاً بهذه النعم من أي شعب عربي آخر وربما لا يدانيه في هذا الحظّ، إلى حدٍّ ما، إلا الشعب الليبي.
ما يَطْلَع به صدام حسين بين الفترة والأخرى لا يأتي مفاجئاً للشعب العراقي. هذا الشعب يعرف أن قائده متعدد المواهب ولذلك فهو لا يعجب لأي شيء يقوله أو يطلع به. فمنذ مدة، صرح ناطق باسم القصر الجمهوري أن الرئيس صدام يعكف على كتابة روايات خاصة للأطفال. الروايات مهمة جداً لأطفال العراق أكثر من الدواء أو الغذاء. الحاسدون فقط هم الذين يقولون أن صدام حسين يصرف الملايين من الدولارات على إنشاء قصوره الواحد تلو الآخر. وإلاّ فكيف يمكن للوحي أن يهبط على الرئيس القائد ويساعده على تأليف رواياته إذا كان يعيش في ذات القصر وفي نفس المناخ كل يوم؟..
الشعب العراقي في هذه الأيام يهلل لموهبة جديدة لم يكتشفها بعد في رئيسه القائد، فقد أعلنت وزارة الإسكان والتعمير العراقية اليوم أنها ستبني بالتعاون مع شركة لبنانية وحدة سكنية صممها الرئيس العراقي صدام حسين بنفسه!
صدام لم يدخل الجيش في حياته ولكن موهبته العسكرية القيادية كانت مخبأة. فعندما استلم الحكم بإرادة الجماهير العراقية لم يكن بحاجة إلا إلى سترة عسكرية وعصا المارشالية لتتبلور موهبته فيثبت أنه فلتة من فلتات الذكاء في العلوم والفنون العسكرية.
أمّـا ما يُقال عن صدام بأنه كان تلميذاً فاشلاً في المدرسة تركها قبل أن ينال الشهادة الثانوية فهو ليس إلا قول حاسدين أيضاً. فمواهبه التي يفجرها الآن في كتابة الروايات وهندسة البيوت تثبت عبقريةً ما بعدها عبقرية.
ماذا سوف يحمله الغد من أخبار صدام؟.. من الصعب أن نتكهّن بذلك!.. إنه الآن القائد الأعلى، والمهيب، والرفيق، والأب، والاستراتيجي، والمناضل، والاقتصادي، والمهندس، والروائي، وكل ما يمكننا قوله هو، "كان الله في عون العراقيين ساعة مرضهم إذا أعلنت غداً وزارة الصحة العراقية أن الرفيق القائد قد أصبح خبيراً في الطب البيطري.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط