بسام درويش
/
Oct 29, 2001
أرونا برهاناً، يقول المسلمون في هدسون!
مشاعر المسلمين مشوشة فيما يتعلق بقصف الطائرات الأميركية لأفغانستان الذي بدأ أمس، ويقولون إنهم يريدون براهين إضافية تثبت بأن أسامة بن لادن كان مسؤولاً عن الهجمات التي وقعت على نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من أيلول!
"مشاعري مشوشة،" يقول أحدهم، دكتور حمّـاد شدري، من سكان جرسي سيتي، وهو يتحدث عن الهجوم الذي تعرضت له حركة طالبان والذي ضربت خلاله مراكز القيادات العسكرية والمليشيات في جنوب مدينة قندهار: "من جهة أولى، هناك أبرياء كثيرون قد يسقطون قتلى! ولكن من جهة أخرى، أرى بأنه من الضروري أن نجد المسؤول الحقيقي وراء هذه الهجمات الرهيبة التي وقعت." وقال "شدري" وهو من مواليد باكستان، إحدى الدول القليلة التي لا تزال حتى الآن تعترف بنظام طالبان، أنّه يفضّل تعاملاً سلمياً مع القضية. "إني أعتقد شخصياً، أن هناك طرقاً أخرى عوضاً عن مبدأ العين بالعين."
وذكر مسلم ٌ آخر، وهو دكتور سعيد عباسي من المركز الإسلامي لشمال هدسون، أن أعضاء الجالية الإسلامية يريدون أدلة أكثر على أن بن لادن كان وراء الهجمات في الحادي عشر من أيلول، وقال: "لقد أعلنت الحكومة أن لديها أدلة كافية، ولكن الجالية الإسلامية لم ترَ شيئاً حتى الآن. نريد أن نرى الأدلة لأننا تأثرنا. هناك إشاعات عديدة تقول أن الفاعلين ربما ليسوا مسلمين." وقال عباس إنّ المسلمين هنا وقعوا ضحية التصنيف العنصري منذ وقوع الهجمات وإنه يعتقد بأن لهم الحق بالمطالبة بسماع الأصوات المسجلة على العلب السوداء الخاصة بالطائرات!
(نقلاً عن جرسي جورنال، هدسون – جنيفر موريل)
*********
نقاط تستحق التأمل:
ـ حكومة الولايات المتحدة الأميركية أعلنت أسماء المجرمين الذين قاموا بالاعتداء على نيويورك وواشنطن، وكلهم مسلمون.
ـ الولايات المتحدة قدمت إثباتات لعدد من زعماء دول العالم ومن بينهم باكستان التي أعلنت بأن الأدلة تثبت مسؤولية بن لادن.
ـ الحكومة الأميركية نشرت الرسالة التي خلفها المجرمون وراءهم. رسالة تطفح بالتعليمات المستندة على نصوص من القرآن ومن الكتب الإسلامية الأخرى تحرضهم على القيام بجريمتهم.
ـ بن لادن نفسه يعلن عن سروره بنتائج الجريمة ويتابع تهديده لشعب الولايات المتحدة الأميركية.
بعد كل هذا نسمع المسلمين يقولون بأن المجرمين قد لا يكونون مسلمين؟.. هل نفهم بأن المسلمين يتهمون الحكومة الأميركية بالكذب وبتلفيق أسماء 19 إرهابياً لغاية واحدة فقط هي الحرب مع المسلمين؟ ألا يعني هذا بأن المسلمين أخذوا يشكلون "طابوراً خامساً" لنشر الإشاعات من داخل أميركا؟
ـ يطالب المسلمون في الولايات المتحدة أن تزودهم الحكومة بأدلة لإدانة بن لادن بالجريمة!.. تُرى لماذا يطلب المسلمون الأميركيون، كأفراد أو كمنظمات، دون غيرهم من الأميركيين، أن تتصل بهم الحكومة لاطلاعهم على الأدلة أو أن تستشيرهم قبل أن تقتص من المجرمين؟.. هل يعني هذا بأنهم يعتبرون أنفسهم ممثلين لابن لادن في الولايات المتحدة يقفون متهيئين للدفاع عنه؟ وبالتالي، هل يشير ذلك إلى أن المسلمين يشكلون دولة ضمن دولة وأن ولاءهم هو لدول العالم الإسلامي وليس للبلد الذي يقيمون فيه ويعيشون من خيره ويحتمون بقوانينه؟
ـ يقترح بعض المسلمين أن لا تلجأ الولايات المتحدة إلى مبدأ "العين بالعين". لكن أليس هذا هو ما يعلمه القرآن: "أنّ النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص.."؟ (5 : 45) فلماذا إذن يقترح مؤمن مسلم أن لا تلجأ الولايات المتحدة إلى تطبيق هذا المبدأ الذي يعلمه القرآن؟
في الواقع، علينا أن لا نستغرب شكوك المسلمين في كل ما تقوم به الحكومة الأمريكية وخاصة حين يتعلق الأمر بصراع مع جهة مسلمة. فالقرآن يعلّمهم بكل وضوح ان لا يثقوا بعدالة بلد يحكمه مسيحيون ويشترك في حكمه يهود: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ، بعضهم أولياء بعض ، ومن يتولاَّهم منكم فإنه منهم إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين." (المائدة 5 : 51)
لكن ومن ناحية أخرى، يرى المسلمون أن على العالم أن يعتقد بأن العدالة الإسلامية عدالة لا تميز بين إنسان وآخر، وتعالوا نتأمّل في هذا العدالة الإسلامية:
قال محمد: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". ومن هذا التعليم، لا يجوز لأحد أن يجد صعوبة في فهم السبب الذي يجعل من حياة غير المسلم حياة تافهة رخيصة. ومن هذا التعليم يمكننا أن نفهم سبب تباكي هؤلاء على بن لادن؛ السبب هو أن القاتل مسلم والضحية غير مسلم! فالمسلم الجيد هو من سلم المسلمون ـ وليس الناس ـ من لسانه ويده.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط