بسام درويش
/
Sep 14, 2001
رفضت محكمة بالقاهرة دعوى قضائية تهدف إلى تطليق الكاتبة وداعية حقوق المرأة نوال السعداوي من زوجها. وكانت التهمة التي وُجِّهت إليها هي أنها تخلّت عن دين الإسلام عندما أعلنت في مقابلة صحفية عن رأيها بشعائر الحج إلى مكة بقولها، أن بعض هذه الشعائر هو من بقايا العصر الجاهلي.
وقال ناطق باسم المحكمة أن الدعوى قد رُفضت لأن المحامي لم يتبع الإجراءات القانونية اللازمة!
**********
المحكمة المصرية لم ترفض الدعوى لأنها تتعارض مع أبسط قواعد حقوق الإنسان، إنما جاء رفضها لأن المحامي لم يتبع الإجراءات القانونية اللازمة!
بعد سبع وثلاثين سنة لزواج شريف حتاتة من نوال السعداوي البالغة من العمر سبعين سنة، يأتي من يقول أن هذا الزواج قد اصبح باطلاً وأن طلاقهما لا بدّ أن يتمّ رغم إرادتهما!
السبب، هو أن نوال فتحت فمها وعبّرت عن رأيها بموضوع تاريخي، ولأن هذا الموضوع له علاقة بالدين، فقد أصبح رأيها جريمة تستحق العقاب!
قبل نوال السعداوي سمعنا عن نصر أبو زيد وقرار المحكمة بتطليقه من زوجته.. وكانت جريمة أبو زيد أنه قال أن نصوص القرآن يجب أن لا تُفسّـر بمعزل عن المعطيات التاريخية. واضطر أبو زيد للهرب إلى أوروبا ليحافظ على نفسه وعلى عائلته. وقبل محنة أبو زيد، واجه المفكّر المعتدل السوداني محمد محمود طه حكماً أقسى من حكم التطليق الذي واجهه أبو زيد. محمد محمود طه (67 سنة) انتهى على حبل المشنقة لا لشيء إلاّ لأنه عبّر عن رأيه بالقول أن هناك أجزاء من القرآن لا يمكن أن تتناسب والزمن الحاضر وأن تفسير القرآن بشكل يتلاءم مع العصر هو أمر لا بدّ منه. سُجن محمد محمود طه مع أربعة زملاء له كانوا يساندونه الرأي، وحين خُيِّـر الأربعة بين الموت والعودة عن رأيهم خضعوا للتهديد فوقّعوا شهادات يعلنون فيها توبتهم. أما محمود، فقد فضّل الموت على الخضوع للتهديد.
وفي الأردن واجه الشاعر الأردني موسى حوامده هو الآخر حكماً بتفريقه عن زوجته وتجريده من ممتلكاته. لا بل أيضاً طالب الإسلاميون بتطبيق عقوبة القتل عليه بعد اتهامه بالردة. خطيئة الشاعر العظيمة كانت هي أنه نظم قصيدة استعمل فيها رموزاً تشير إلى "النبي" يوسف الوارد ذكره في القرآن.
ما أتينا على ذكره لم يكن سوى غيض من فيض.
***********
في كل مجتمعات العالم المتحضرة.. وحتى غير المتحضرة منها، لا يملك السلطة على تفريق الزوجين أحدهما عن الآخر، إلا ثلاثة: الزوج، أو الزوجة أو الموت. وحده هذا المجتمع موضوع حديثنا يتميّز عن غيره من المجتمعات ليس من حيث أنّ بيده فرض الزواج فقط بل الطلاق أيضاً. ووحده هذا المجتمع قد بقي من بين المجتمعات التي انقرضت والتي كانت تفرض الموت عقوبة لمن يتجرّأ على الإبداء برأيٍ مخالفٍ للدين. أصحاب الفكر كان لهم نصيبهم من القهر والظلم في كل المجتمعات بما فيهم المجتمع المسيحي، ولم يخرج هذا المجتمع من قوقعة التخلّف إلا حين عرف كيف يفرّق بين ما لله وما لقيصر. وعندما حصل قيصر على ما هو له، لم يمتِ الله ولم تَمُتِ المسيحية!
*****
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط