إبراهيم عرفات
/
Oct 24, 2013
في الطفولة كنا نلعب على القش وأتأمل القمر وأتساءل: ألعل الله مختبيء خلف هذا القمر؟ أم هو هذا القمر؟ كان الشرقاوي يأتي لبيتنا لتعليمي دروس القراءة والكتابة ولما سمع سؤالي أجابني وأجاب والدتي: الله فوق في السما ومعنا في الأوضة دلوقتي. تساءلت والدتي: معقول معانا؟ وشايفنا واحنا مش شايفينه؟ وأيضًا نفس السؤال خطر ببالي: لماذا نؤمن بالله؟ وماذا لو لم يخبرنا أحد بوجود الله فهل كنا فعلاً سنؤمن؟ وماذا لو كان الأمر نتيجة تلقين الأهل لنا وغسيل الدماغ الذي نتلقاه جيل تلو جيل؟ وكيف يكون الله في السماء وعلماء الفضاء في السماء وقد صعدوا لما بعد السماء ولم يجدوا سوى هذه الأبخرة الكثيفة المتصاعدة والتي تظلل أرضنا. ولكن دائما كان هناك عطش إلى الله الذي لم أكن أعرف عنه شيء سوى مما لقنوني علومي عنه فاشتريت جزء عم وحفظت الكثير من سور القرآن رغم فهمي لكثير من طلاسمها وعباراتها الغير مترابطة. ولما دخلت المسيحية في عام 1987 وثارت ثائرة الناس وهجموا علينا في البيت في الصالحية بعد عودتي من القاهرة قلت لنفسي وأنا واقف على عتبة باب أوضتي: حتى لو تركت المسيحية فمستحيل أن أرجع لهذا الدين، ولو اضطر الأمر أن أصبح ملحدًا. كان الإلحاد عندي هو أفضل بديل لـ الإسلام لو لم أختر المسيحية بما أن الإلحاد حركة عقلية إنسانية المنحى. من جهة أخرى، من يرجع للخوف والقهر مضطرًا لأن الناس هجموا على بيته فأرعبوه تمشيًا مع قول القرآن "وله أسلم من في السماوات طوعًا وكرهًا.. والأمر في الإسلام لا يخلو دائما من "كرهًا" هذه؛ وهذه هي ثقافة الإكراه والوصاية والتي لم تخرج من فراغ وإنما خرجت من أحشاء الروح الإسلامية، روح الخوف والعبودية والقهر.
لكن قلبي كان قد اطمئن إلى المسيحية رغم أن هناك الكثير من الأمور في الكتاب المقدس والتي لم أستوعبها وإنما قبلتها قبولاً إيمانيًا بابتسامة ومضيت أعبد إلهي. ولما أتيت لأميركا وظهرت الانترنت التقيت بالملحدين العرب وعرفت أن الإلحاد لا يعني الفجور ولا البغاء كما يظن غالبية المسلمين وإنما هو يعني الصدق ويقظة العقل ورفض لقبول ما لا يقبله العقل لأنه لن يقبل إلا ما يسمع أو يرى بعد فحصٍ ونظر. وبعض الناس ظنوا أني فعلاً ألحدت ولكني وقفت أمام تعقيد شريط الحامض النووي والدقة العجيبة فيه وقلت إن هذه الهندسة الوراثية لهي من فعل مصممٍ لا من صدفةٍ عشوائية أو عبث كوني بل هناك تصميم في أدق خفايا جسم الإنسان، ومهما عملنا فلا نقدر أن نعمل كلية صغيرة تحل محل الكلية الطبيعية ونجدهم يستخدمون معدات ومعدات ولكنها في واقع الأمر كلية بحجم قبضة يد الإنسان؛ ومن صمّم هذا العضو البسيط بهذه القدرة الجبارة؟ فكان جسم الإنسان بكل خباياه وتفاعلاته على مستوى الكيمياء الحيوية أكبر باعث لي على الإيمان والاندهاش أمام هذه "القدرة" العجيبة التي تعمل في الكون والتي قد نسميها بأسماء مختلفة وليكن مثلاً "الـ إله" أو "الله".
كثيرًا ما ثرت على الله في داخلي بسبب وجود عيوب خلقية في تكويني الجسماني ولكني علمت أن عمل الله يختلف عن عمل الإنسان والله يعمل بطريقة مختلفة وله حكمة في اختلاف هذا العمل، ومن له بعد نظر سيعرف على المدى البعيد سمو هذه الحكمة الإلهية وأنها لم تكن اعتباطًا وإنما هو أراد ذلك وإرادته مطلقة الخيرة وهو يعمل من داخل الإنسان وبالإنسان وفي الإنسان وألصق بالإنسان من التصاق الإنسان بنفسه والإنسان صاغ هذا في صور نصوص مقدسة للتعبير عن هذه العلاقة وفهمه لهذا الإله والذي عرفه الجميع من فلاسفة وعلماء ومفكرين وأدباء.. بل حتى العلماء أنفسهم في أفضل اختراعاتهم العلمية لم يخترعون شيء وإنما قد جاءهم ما جاءهم بإلهام منه وأحيانا في نومهم وعلى حين غفلة. الناس لا تخترع الكهرباء ولكن تكتشفها، والناس لا يخترعون فكرة الله ولكن يكتشفون ما هو موجود لديهم. الله سرّ والإنسان عبر التاريخ ينبش رويدًا رويدًا عن هذا السر ويستقصيه فيصيب منه بقدر ما يغوص. البعض منا له معرفة مشوهة طلسمية ضبابية عن الله والبعض الآخر يدخل في صميم الله ذاته بجرأة المحبة ودالة البنوة فيكون الله له لأنه من حيث هو إنسان هو هدف الله قبل أن يولد لأن الله نقش كل إنسان على كفه قبل أن يخرج من أحشاء بطن أمه بل وقبل أن يوجد.
كثير من العلماء غير مؤمنين لأنهم ينظرون نظر عقلي محض والإيمان نعم يخاطب العقل ولكنه يخاطب أيضًا الحدس، ومن الحدس، البديهة، يأتيك صوت صغير خفيف رقيق يهمس لك ويرشدك وهذا هو صوت الله. كثير من الاكتشافات العلمية في مجال البيولوجي والمايكروبيولوجي جاءت من قبيل "الصدفة السعيدة" والتي هي تعبير آخر عن حركة العناية الإلهية لتوجيه العالم لينظر بما يفوق حواسه، وهنا تأتيه المفاجأة وهو في كل هذا لا يفصح للناس طيلة حياته عن كيفية اكتشافه لهذا الاختراع العظيم لئلا يضحك الناس منه وفيما بعد نكتشف أنها كانت "صدفة سعيدة". أما من جهة أخلاق الملحدين فالأخلاق أمر إنساني غرسه الله في باطن كل إنسان فينا ولا يرتبط بمعتقداتنا، وعليه صار الذين بلا ناموس هم ناموس لأنفسهم. هذا الأمر سبق أن ألمح إليه العالم الفقيه مسكويه في رده على أديبنا البارع أبي حيان التوحيدي وقد جاء ذكره في كتاب الهوامل والشوامل. لا تخجل من شكوكك الإلحادية فهي دليل على نشاط عقلك ولنتحاور معًا ونقطع الشك باليقين خير قطع إلى أن تستقر أحشاءنا في أحشاء الرب الحنّان.
أكثر ما عجبني في الملحدين هو النبوغ العقلي والصدق مع النفس فلا هم ضالين ولا هم فجار. أنا اخترت أن أؤمن بما يراه حدسي وأما هم فلا. بداهةً أرفض الخرافة وعن تجربة شخصية. روحنت جهلي وعبدتُ خوفي وأكلت خرافتي وأكلتني الخرافة؛ وكثيرًا ما خلطت الروحانية بالخرافة. كانت عندي حموضة في المعدة وما يسمونه بـ ريفلَكس. وذات مرة كنت أصلي واشتدت حرارة الصلاة معي فبدأت أكحّ بشدة، وكان أول شيء خطر ببالي كان هو إن إبليس بيحاربني، وقلت لنفسي: أكيد الشيطان بيكره إني باصلي.. وظللت أنسب الكحة لمحاربات إبليس لمدة من الوقت واتضح لي فيما بعد أني كنت إنسان مؤمن ولكن مشعوّذ.. لا كانت محاربات ولا بطيخ.. اتضح لي أني أعاني من حموضة في المعدة، وروحَنت ما أجهله.
عندما أكون أنا ملحد فإلحادي ما هو إلا حلبة صراع الأفكار في دائرة العقل بُغية الوصول إلى كنه الأشياء؛ أصل إلى الله بعقلي وأما أنتم فتصلون بقلوبكم، والكثير منكم مع أقل موجة رياح تعصف بإيمانكم وتهزه وتظنون أنكم ملحدون وفي حقيقة الأمر أنتم ساخطون على الكائن الأسمى وعلى أنفسكم وتسمون تمردكم إلحادًا. لا تظنوا أنكم أحسن مني فأنتم ملحدون كذلك مثلي ولكن إلحادكم من أردأ الأنواع إذ تقولون بأفواهكم أنكم مؤمنون وقلوبكم بعيدة كل البعد عن الله ولا تقر الله بالأفعال. صحيح أني ملحد ولكن لم يحدث يومًا أني احتكرت الفضيلة والشرف والعفة لنفسي ولكنكم لا تتورعون في احتكار كل هذه لأنفسكم. بيني وبين الإيمان الكائن في أعلى درجة في في السلم درجة واحدة فقط تتطلب مني قفزة، كما تسمونها قفزة إيمانية، وما اختار أحد منكم أن يقفز هذه القفزة لولا أن الله قد أنعم عليه بها فلا تظنوا أن إيمانكم فضيلة فيكم أو منكم بل هو نعمة وعطية وما يحق لكم أن تتفاخروا بما أعطيتموه.
لربما أنت ملحد أو لا ديني. عقلك نشيط جدًا ولا تقتنع إلا بالعقل. أنت عملة نادرة. لكنك تتمنى لو تقدر أن تعاين أمور الإيمان وتناجي الله. عقلك نشط جدًا فانفتح على مصراعيه وانغلقت عندك حاسة البعد الرابع، الحاسة السادسة، الحاسة التي قال عنها ميخائيل نعيمة:"لي بين حاجبيَّ عين ثالثة". لابد أن تتجاوز أنت بنفسك كل ما هو محسوس ولا تحبس نفسك داخل إطار الملموس والمحسوس وتتيقن أن هناك أشياء لا تفسير لها بل هناك أمور فوق الإدراك ونحن بداخلنا أيضا طاقات تفوق أي إدراك بشري. عندما تم حبسي بداخل نقطة شرطة الصالحية بسبب ارتدادي تعلقت بغير المنظور وشرعت طول الليل أناجيه بالصلاة والمحادثة المستمرة. عليك أيضا أن تحادث الله ولو بعبارات قصيرة كأن تقول له: ألف حمد وشكر لك يا رب. توكلت عليك يا رب. ومع الوقت ستأتي لك عبارات خاصة بك وسيضع الله في قلبك أنت صلاته هو. لكن أنت لابد لك أن تخطو أول خطوة لكي تقفز تلك القفزة التي يتحدث عنها الفيلسوف كيركجور. أنت الذي سوف تمد قدميك وتخطو والله لن يقتحم حياتك ويجبرك على هذه الخطوة بل هو يعبر بك عبور النسيم الرقيق وأنت إما أن تفتح له الباب أو تغلق على نفسك فلا ترى سوى بالحواس المجردة مع إنه بالإمكان أن تستعمل الحواس الأخرى وترى بعيون الإيمان ما لا يراه الناظرون. الاعتقاد بالله موجود منذ أيام سقراط وأرسطو وأفلوطين وليس اختراع الكنعانيين كما يزعم أنصاف المتعلمين على فكرة.
"أنت ملحد؟؟... طب هتروح فين بعد الموت.. يعني مفيش إله في حياتك.. انت مش حسيت بحاجة وانت بتصلي". سؤال يطرحه المؤمن على الملحد من حين لآخر من باب الرثاء، ولنفترض حسن النوايا ونقول الشفقة والحب. ولكن لنرد على السؤال بسؤال آخر: لماذا نتعامل نحن مع الله على أساس إنه إله الجوائز وأننا نؤمن به إما لننال مكافأة أو لنتقي شره في عذاب جهنم؟ وما المانع أن يكون هدف الإيمان هو الله ذاته.. أن يكون الله هدف الإنسان لأن الإنسان به يكتمل وبدونه يبقى هناك جزء كبير ناقص؟ أنا أؤمن لكي أؤمن وليس لكي أنجو من عذاب النار، ومتى آمنت كانت أمامي بوصلة حياتي واضحة المعالم وعندي أمل في الحاضر والمستقبل. ولماذا يتعالى المؤمن على الملحد؟ هل من الممكن أن يحترم المؤمن خيارات الملحد في إنه لم يصل لكل هذا بين عشية وضحاها؟
نعم للإلحاد عقل والإيمان في المقابل له "عين"، ولعلنا نسأل: بأي عيون نرى كي نؤمن؟ إنها العين الثالثة التي حدثنا عنها ميخائيل نعيمه لما قال: لي بين حاجبيَّ عين ثالثة. ولولاها لكنت أعمى. إنها عين تنفتح على ملكة الحدس عندنا وترى بالإيمان ما لا يراه الناظرون. عقلي لا أراه ومع ذلك أقر بوجوده، وأحاسيسي لا أراها، ونفسي لا أراها، وكثير في كياني لا أراه ومع ذلك أقر بوجوده كله. في داخل كل إنسان قدرة غير منظورة تعمل فيه وهي السبب في حركته ووجوده، وهذ ه القدرة أزلية ولا تفنى، وعلى الإنسان أن يتعلق بها ويضع فيها كل إيمانه؛ تلك القدرة التي أقر بوجودها كثير من الفيزيائيين بأنها ما يحرك النواة ويضبط سرعة الإلكترونات والبروتونات هناك في دقة عجيبة، وتلك القدرة التي كان آينشتاين يطاردها طوال هذه السنين وإن كان قد رفض المفهوم التقليدي للأديان عامة، إقرارًا للحق. يمكن أن تسمي هذه القدرة ما تشاء ولكنها تعمل في دقة عجيبة فينا وأنا أعرفها بإسم "ربنا" أو "إلهي الحبيب".
سألني بعض الأصدقاء عن كتب تعالج قضايا الإلحاد وتناقش المسيحية والفكر الإلحادي. لا شك أن الإلحاد يغازلنا ويغرينا في أشياء كثيرة وخاصة لأنه يخاطب العقل وسمو العقل والتفكير العلمي.. لكن هناك نقطة.. يقولون بالانكليزية: لا يمكن أن تقارن التفاح بالبرتقال You can't compare apples with oranges بمعنى أن كل شيء يُقارن بما هو من جنسه وليس بما هو من جنس آخر. الإلحاد يخاطب أفكار والله ليس مجرد فكرة ولكنه "سرّ" بمعنى mystery ومهما قلنا في الإيمان وشرحنا في الإيمان فلا توجد صياغة عقيدية معينة تقدر أن تفي الإيمان حقه بدقة متناهية ولا توجد صياغة معينة للأفكار الإيمانية تقدر أن توصّل حركة السر، الطاقة الكامنة في السر الإلهي الجبار. سوف نظل دائما نرتطم بمحدوديات التعبير وقصوره، قصور أفكارنا نحن أيضا في أن نستوعب ما هو إلهي لأن الـ إلهي ليس فكرة ولكنه "سرّ". الأفكار أدوات فقط للتعبير عن السر، وللحديث عن السر نرتكز على الروح القدس في داخلنا وما يحركه فينا من حدس ساعة الكلام. الروح القدس فينا مثلما كان في المسيح وتكلم فيه للناس. علينا أن نتكيء ونتكل على هذا الروح القدس فهو وحده سيعطينا الحدس بالسر يعني الـ intuition of the mystery.
في وقت من الأوقات كنت أريد الإثبات العلمي القاطع على صحة كل شيء في أمور الإيمان غير أنه اتضح لي أن هناك أمور تتجاوز واقعنا تماما ولا تخضع له ومنها الظهورات والتي نرى فيها تدخلات العناية الإلهية ويحدث شيء يفوق كل تصوراتنا وحساباتنا المعملية. في بريطانيا توقف رجل بـ كنيسة صغيرة مع زوجته المريضة نزولاً عند رغبتها وتركها تصلي وأخذ يلتقط الصور وفيما بعد لاحظ وجود ما يشبه الشبح وكان خلف رأسها ولعله كان حضور إلهي من نوع ما. الحضور الإلهي عندما نصلي وأيضا عندما يتراءى من خلال الظهورات أمر يستوقف عقلي ذلك أنه هناك قوى علوية تتجاوز عالمنا والله يتحفنا بحضوره كلما تهيئنا نحن لطلبه وكلما صلينا فهو حاضر حتى وإنْ لم نشعر نحن بحضوره معنا وهذا بحد ذاته يجب أن يفرحنا حتى وإنْ لم نشعر برغبة في الصلاة وشعرنا بحالة بيات شتوي في ظلام النفس. والأب سيرافيم يخرج للتمشية بالكاميرا ويلتقط بعض الصور وبعد التحميض يتضح ظهور القديس موسى الأسود في الصورة، وعندي 3 صور تثبت ذلك. في سنة 1987 كان ظهور العذراء من الأسباب المؤثرة في نفسي والتي دفعتني لأتعلق أكثر بالمسيحية وأن أؤمن بها. الظهورات تعني إله حاضر معنا وحضوره حي وليس مجرد عقائد جافة أو أفكار نظرية.
يتهم الملحد المؤمن بأنه عاطفي وأنه ينقصه التفكير العلمي. ولكن، ترى، ماذا يقول الملحد لـ آينشتاين عندما يقول إن أعظم ما جاءه من اختراع قد جاء لذهنه عن طريق الإلهام وأنه كثيرًا ما سعى لشحذ الحدس عنده عن طريق عزف الكمان؟ لو تحدثنا عن الحدس، لا العقل، ودوره في الوصول للحقائق لاتهمونا بالعاطفية ولكن عندما يتحدث عنهما آينشتاين لا نجرؤ في أن نتهمه بمثل ذلك وننسى أن أفضل ما جاء من الاكتشافات والاختراعات لم يأتِ للعلماء من مجهودهم في التفكير العلمي ولكنهم بالفعل "أُلهِموا" هذه الفكرة وعلى حين غفلة ودون أن ينتظروا حدوث ذلك. لنسمع ما قاله آينشتاين بحق الحدس:
"The theory of relativity occurred to me by intuition, and music is the driving force behind this intuition. My parents had me study the violin from the time I was six. My new discovery is the result of musical perception"
وللمزيد فهناك أيضًا:
http://www.simpletoremember.com/articles/a/einstein /
فمن هو الله يا تُرى؟ لعلّ الرمز قد يختلف ولكن الجوهر واحد. قد يقول لك صديقك: أنا مليش في الأديان الإبراهيمية بتاعتكم دي. أنا واحد أجنوستك كدة بعيد عنك ولا أؤمن بالله وإنما أؤمن بـ "الطبيعة" و"الطبيعة تباركك يا واد يابراهيم" وأيضا أؤمن بالناموس الكوني وبرضو كدة بـ أسميه ساعات بـ "الذكاء الخلاّق" تروح ترد في الحال على صاحبك الـ أجنوستك وتقول: وتفرق في إيه بس يا صاحبي! ما هي هي! هل سمعت ما قاله العالم النفساوي كارل جوستاف يونج؟ ليه كتاب بعنوان التفكير الشرقي والتفكير الغربي وطبعه سنة ١٩٣٨ وبيقول فيه إنه سواء أنت سميت مبدأ الوجود "الله" أو "المادة" أو "الطاقة" أو أي شيء نفسك فيه فإنت ما جبتش حاجة جديدة وبتتكلم عن الموجود من أساسه وكل ما في العملية إنك بس غيرت الرمز، شلت رمز وحطيت رمز تاني مطرحه...
“Whether you call the principle of existence "God," "matter," "energy," or anything else you like, you have created nothing; you have merely changed a symbol.
Eastern and Western Thinking, 1938”
وما هي صفات الله وكيف أنظر له؟ في الله تلتقي الأضداد.. إن جاز لي أن أسميها أضداد أي PARADOXES فالله مثلاً في علوه أي أنه transcendent ولذلك يقولون "سبحانه وتعالى" وقد نعبر عن الفكرة بما يوازيها والمهم المفهوم نفسه.. ولكن علو الله لا يكفي فهناك أيضا نزوله وحلوله أي his immanence بمعنى أنه ساكن جوايا وارتضى أن يكون كياني وباطني محل سكنى روحه القدوس. نقول الله أكبر والله فعلا أكبر والله في الوقت ذاته "أصغر" بمعنى أنه حاضر في أصغر الدقائق في الذرة وهو وحده يضبط سرعة الإلكترونات والبروتونات وحياتي في أدق خلاياها هو حاضر فيها ويحرّكها. نعم الله في علوه ولكن الله أيضًا متواضع وعليه يصح أن نطلق عليه صفة الكلي التواضع أي The All-humble God بمعنى أنه أخلى ذاته ولبس إنسانيتنا بما فيها من ضعف وعاش بيننا وساكننا وسكن فينا. لكن ينفع أقول على الله إنه متكبر؟ ولكن هل الكبرياء صفة حميدة؟ لا بل هي صفة ذميمة وعليه فكل ما هو ذميم ونتأفف من أن نتصف به لا يليق أن ننسبه إلى الله. أقول لك إيه يارب.. أشكرك يا رب لأنك تعلوني وأفكارك أعلى من أفكاري وأصلي أني أطابق فكرك فتكون أفكارك هي أفكاري ويكون لي فكر المسيح وذهن المسيح فتحيا طرقك وطرق بيتك في قلبي وأحيا لك حياة التسبيح والهتاف والحمد والشكر. أشكرك لأنك تسكن روحي وكل خلية من خلايا جسمي تقشعر لحضورك فيها وتهتف باسمك وأنت تحيا فيّ وأنا لا أحيا إلا بك لأنك أنت يا رب هو حياتي ومن لي غيرك ومين حياتي غيرك أنت يا رب؟!
يسألني شاب مسيحي: انا جمعت الكثير من الادلة العقلية وبحثت كثيرا ووصلت ان المسيح هو الظهور الالهى فى العالم ولكن ما يشغلنى حقا انى احس ان الله لا يتدخل فى عالمنا البشرى بمعنى انه وضع قوانين للطبيعة ثم انفصل عن عالمنا على عكس ما يقوله المسيح " ابى يعمل وانا اعمل "
وجوابي على هذا هو أن الله عامل في الكون ويتدخل فيه لحظة بلحظة. النواة ذاتها بما فيها من طاقة جبارة لا تتحرك إلا بسبب حضوره داخل النواة فهو هناك يضبط سرعة الإلكترونات والبروتونات بدقة عجيبة. لو أن الله خلق الخلق وتوقف فهذا إله الفلاسفة ويبقى هو عندها مفهوم نظري ولكن الله هو المحرك الذي يحرك الكون والذي به يتحرك الكون لحظة بلحظة. في جميع مجريات حياتنا، في أصغر الأمور، الله بعنايته يشترك ويدخل ويعمل. هو لا يفرض ذاته على المادة ولكن يعمل فيها من الداخل وهي بدورها تتعاون معه. كلا؛ لا ينفصل الله عن عالمنا بل يعمل فيه ويجدده لحظة بلحظة مثلما تتجدد خلايانا في أجسامنا لحظة بلحظة وهو هنا القائم على هذا العمل.
الشباب المسيحي يتجه للإلحاد بسبب صدمته في الكتاب المقدس لأن الكنيسة تعرض عليه كتاب وكأنه هبط من السماء، تنزيل العزيز الحكيم، حيث يتعاملون مع الكتاب المقدس بذهنية قرآنية. نصطدم ببعض أيات الكتاب المقدس ونتساءل: هل لكاتب الوحي أي تأثير أو أي جهد في الكلام المكتوب أو أنه كله من الله؟ نغفل عن حقيقة جوهرية وأساسية وهي أن الكتاب المقدس هو كشخصية المسيح، إلهي مائة بالمائة وإنساني مائة بالمائة. وهنا يعترض البعض منا زاعمًا أن الكتاب المقدس يحوي كلام الله فقط وبدون أي مجهود ذهني من الكاتب. لكن خذ مثال لغة حزقيال النبي. إنها لغة جريئة جدًا وتستخدم فكرة قباحة وبشاعة خطيئة الزنا وبتعبيرات فجة أحيانًا للتعبير عن قباحة وبشاعة خيانة العبرانيين لله، بينما في إرميا نجد أسلوبا مختلفا تماما إذ هو النبي الباكي الرقيق. وبالتأكيد سفر أخبار الأيام له أسلوب مختلف تماما عن هذا وذاك. هذا بحد ذاته دليل كافي على أن الله يوحي بالرسالة التي يصوغها النبي بطريقته وأسلوبه وفهمه وثقافة زمنه. ومثال ذلك أيضًا قضية الطلاق التي سمح بها موسى (أو بالأحرى سمح بها اليهود لنفسهم)، فهي تخالف تمام المخالفة مبدأ وحدة الزواج وعدم انفصاله التي أعلنها الله في بداية سفر التكوين، وتناقض تعاليم المسيح الواضحة والصريحة. فإن كان الكتاب المقدس يحوي فقط كلام الله (بالمفهوم القرآني التنزيلي) فمن أين جاءت التراخيص بالطلاق؟ الخلاصة هنا أن الكتاب المقدس يحوي رسالة الله ويحوي أيضًا شيئًا آخرًا غاية في الأهمية وهو جواب الإنسان على الرسالة التي يقدمها الله. فالكتاب المقدس يعمل على مسلكين: الأول نازل والآخر صاعد. مسلك يحمل من الله رسالته إلى الناس، ومسلك يحمل جواب الناس على رسالة الله. وهذا هو أروع ما في الكتاب المقدس، فنحن نختبر مفعول كلمات الله ورسالته على الناس ، وفي هذا ثراء روحي وفكري وديني يفوق عشرات المرات عنه لو كان الكتاب المقدس يحمل رسالة الله فقط.
هل المسيحية ديانة أو عقيدة؟ يحدثونني عن رسالة المسيح السامية وتعاليمه السامية، وهي حقًا كذلك، ولكني ما جئت للمسيحية بحثًا عن التعاليم أو الرسالة السامية وإنما هناك ما هو أهم وما تمتاز به المسيحية على غيرها ألا وهو حضور الإله الذي يعمل لأجل خلاص الإنسان أي تحريره ووهبه الحياة بأن يفيض هو بنفسه في هذا الإنسان بروحه القدوس، وسواء كثرت التعاليم السامية أم انخفضت فلا يضيرنا من الأمر شيء. نريد إله يحررنا وهذا نلقاه في المسيح والذي به قام الله بتحرير الإنسان ورد له اعتبار إنسانيته الحقة فلا يعيش فيما بعد لنفسه بل بالحب وللحب ولجميع الناس.
المسيحية ليست مباديء نحيا بها وإنما هي قبول الله بذاته وتركه يعمل في حياتنا ويطلق نفوسنا حرة ويظهر مجد البنوة فينا. المسيحية هي حياة التحرير والحرية؛ أن أحياة حرًا من ذاتي، والمباديء لا تحررني من قيود الأنا ولكن الله بروحه يطلقني حرًا فيه وله وأعيش وفق عمله هو في حياتي عندما يصبح هو أبي وأصبح أنا ابنه. بالتأكيد سيصل الناس عامة لمعرفة عامة بالله ولكنها معرفة من طرف هم الباديء فيه ولكن في المسيحية الله هنا هو الباديء لأنه إله العهد الذي يقطعه عبر التاريخ ويتتوج هذا العهد بمجيء المسيح ابن الله.
فكيف يكون موقف المسيحي من الملحد؟ هل على المسيحي أن يجيب بما يسمونه بالأدلة والبراهين؟ يظن البعض أن الرب عندما يصنع العجائب والمعجزات في الكنيسة ومع شعبه عبر العصور أنه بذلك "يبرهن" على صدقه ويثبت صحة الرسالة، وهذا غير صحيح. المعجزات ما صنعها الله في أي وقت إلا عطفًا منه علينا ورأفةً بنا وتلبية لاحتياجاتنا، ولم تكن أبدًا لإثبات شيء إذ الإنسان لا يمكن أن "يطالب" الله بأي "إثبات". يشفق المسيح على الجمع الذي لازمه لثلاثة أيام ولا يريد أن يصرفهم صائمين لئلا يخوروا فيقوم بتكثير الأرغفة السبعة والسمكات لإطعام الآلاف المؤلفة من الجموع. ولكن عندما يأتيه الفريسيون والصدوقيون لـ "يمتحنوه" طالبين "الدليل والبرهان" على صدق رسالته، عنده يغضب المسيح لأن الإنسان لا يمتحن الله ولكن العكس هو الصحيح (متى 16: 1-4). ولذلك قال لهم المسيح إنهم "جيل شرير زانٍ" يطلب "آية" (أي يريد دليلاً وبرهانًا)، ولن يُعطى آية سوى أية يونان اليوم. المسيح ليس بحاجة لمن يبرهن على صحة رسالته وإنما هو يريد بنات وأبناء له يظهرونه كما هو، يفوح من خلاله عطره المميز، يظهرون جماله وجاذبيته كما هو ويعكسونه للخليقة كلها، وكل هذا دون أن يتلوث بلوثة الجدال أو محاولة تقديم الدليل البرهان. الله يستعلن ذاته ولا يثبت أبدًا لأي مخلوق من مخلوقاته صدق حضوره أو صحة رسالته في المسيح. يطالبك شخص بإثبات صحة المسيحية وتبلع الطعم وعندها تسمع همهمة رب المجد غاضبة كما غضب من قبل وقال: جيل شرير زانٍ يلجُّ في طلب آية، ولن يُعطى سوى آيةِ يونان آية. ثم تركهم ومضى (متى16: 4). تركهم ومضى تعني أنه لن يكون هناك أخذ وعطاء في مثل هذه المجادلات البيزنطية أو المحادثات الدينية العقيمة.
دارت بيني وبين صاحبي الملحد والمسيحي سابقًا خليل حوارات ومناقشات مطولة حاول فيها أن يعرف سبب عدم اقتناعي بالإلحاد مع أني أقوم بإعمال المنطق في أمور كثيرة ويروق لي المنهج الفلسفي؛ وعرفني بـ "كينيث" المسيحي سابقًا والذي ألحد بعد عودته من العمل الإرسالي. اتصلت به وردت زوجته على الهاتف وسألتها عن المفتاح للوصول لقلب زوجها فقالت إنه لا يميل كثيرًا للنوع الذي يرد وكأنه عنده الجواب لكل شيء. في المساء تحدثت مع كينيث ولما سألني عن إشكالية معينة من إشكاليات العهد القديم أجبته أني لا يعجبي وجود هذا في العهد القديم مثله تماما. فأجاب بانشراح صدر: توقعت أن تقول لي مثلما يقول المسيحيين، يا كينيث، لماذا لا تتضع أمام الله وتضع الكتاب فوق عقلك؟ أجبته ضاحكًا: أقول لك تتضع؟ وهل أنا متواضع من الأساس حتى أطلب التواضع من غيري؟ لأعظنَّ نفسي أولاً قبل أن أعظ الآخرين. فسرّ لذلك شديد السرور وكان أكثر تقبلًا لما قد أقوله عن المسيحية وأمور الإيمان القلبية. وفلانة لسبب أو لآخر تميل للإلحاد الآن أكثر من الإيمان وقد نقول لها: يا فلانة أفكار الألحاد دي ناتجة من تسلط العقل علينا ويجب أن نخضع العقل للإيمان بمعنى أن نتضع شوية ونطلب ان نخضع عقولنا. وهذا هو الخطأ بعينه فسوف تستمع هي أكثر لك لو أعلنت أنك مثلها تبحث عن الجواب ومعًا يمكن أن تفكران لا أن تنهرها وتتهمها بقلة التواضع. العقل لا يخضع للإيمان وإنما ينسجمان معًا ويسيران معًا ودون أن يخضع الواحد للآخر بل لكل حيزه وإن اقتضى ذلك أن يسمو الإيمان بتساميه مع إبقاء العقل واحترامه.
يأتيك ملحد أومسلم محب للجدل (كالعادة طبعًا!) ويقول لك: هات لي الإثبات على كذا وكذا. هاتوا برهانكم إنْ كنتم صادقين. لاحظ إنه غير باحث عن الله ذاته والله ليس هدف بحثه هنا ولكنه يريد أن يبدد طاقتك الثمينة ويضيع وقتك بالمهاترات والجدل. وما أشبه الليلة بالبارحة! جاء الكتبة والفريسيون إلى المسحي من قبل يطلبون الطلب نفسه وقالوا: "يا معلم نريد أن نرى منك آية". هل انساق المسيح وراء هذا الطلب؟ لا أخذ ولا عطاء مع هذا النوع من التحدي، ولذا أجابهم الإجابة الصارمة: جيل فاسد فاسق يطالب بآية ولن يُعطى سوى آية يونان النبي، مشيرًا بذلك إلى أن الصلب والقيامة هما أعظم الأيات في تاريخ المسيحية كلها. وكأنه يقول لهم: إنكم تطلبون الآية لذاتها ولكن لم ترغبوا في الرب نفسه لذاته هو ولم تضعوا إيمانكم في الرب صانع الأيات والكلي الاقتدار. أنتم لا تطلبون الله ولا ترغبون فيه لذاته هو وإنما تريدون بديلاً آخر ترضون به ذواتكم.
البعض منا يبذلون مجهود جبار لإثبات صحة معتقدهم إما لأبناء الطوائف الأخرى أو لمن هم خارج المسيحية وهم بذلك يظنون أنه بـ "الدليل والبرهان" سوف يقنعون أي إنسان، وهذا خطأ وفيه سوء فهم لأن الإيمان المسيحي في كل أبعاده لا يقوم على الدليل والبرهان وإنما على الإعلان. كثيرًا ما جاءتني أفخم الكتب لإقناعي بمسألة ما في المسيحية وما كنت أن أقتنع إلى أن يضعني الله في موقف عسير فأصرخ إليه وبسبب هذا الصراخ تتاح لي المناسبة وتتحقق لي الإمكانية لأن "أختبر" ما حدثوني عنه لفترة طويلة. وحتى بعد دخولي للمسيحية، هناك أمور في المسيحية لم تتكشف لي إلا بعد أن مضت 15 أو عشرين سنة وبعد هذا الزمن الطويل أخيرًا أبدً أفهم ولكني لا أفهم هنا ما تقوله الكتب لتخاطب عقلي الفلسفي ولكن ما يكشفه الروح القدس لقلبي وفي الوقت المعين الذي يريده الرب إذ أمور الإيمان لا يمكن أن يعلنها أي عقل مهما كان هذا العقل نابغًا ومن يعلنها هو الآب الذي في السماوات وبروحه قدسه الحنّان الذي يرأف بدموع الطالبين للحقيقة ولشرح المستعصي من أمور الإيمان. نقرأ في الدفاعيات المسيحية بهدف أخذ بعض الأفكار ولكن إيماننا لا يقوم على أساس "الدفاعيات" بل يقوم على برهان الروح وقوة كلمة الله، ذلك الكلمة الذي يخترق قلوبنا ويشرق قائلاً هناك بصوته الرقيق الحنون: ليكن نور!
وقد نلحد لأننا نشعر أن الله يخذلنا متسائلين: لماذا يخذلني الله؟
أولاً، لا تقلق على أبدية المسيحي عندما يلحد فتتصرف بجهالة من رعبك. نتذكر تلك الوالدة التي ذهبت إلى الكاهن تخبره أن ابنها يفقد إيمانه. فسألها ما الأمر؟ فأنا أعهده ذكيًا ونشطًا، من أكثر الفاعلين عندي في اجتماعات الشبيبة وأكثرهم طرحا للأسئلة. فقالت: نعم هو هذا. إنه يسأل كثيرا وخاصة عن إله والمحبة والخير والشر وكل ذلك؛ أسئلة لا أستطيع أن أفكر فيها وفي الإجابة عنها. أرجوك كلمه لأنه يفقد إيمانه. فأجابها الكاهن: إنه لا يفقد إيمانه بل يجده، فالذي لا يشك في كل ما قبله ويسأل عنه ليقبله عن اقتناع لا يكون مؤمنا. اذهبي فابنك على خير ما يرام.
ثانيًا، لنقف وقفة صادقة مع أنفسنا متسائلين: وأنت لماذا تتحدث عن الخذلان وتلوم الله على أنه خذلك ونسيت جميع الأمور الجميلة التي عملها معك؟ باركي يا نفسي الرب ولا تنسي جميع حسناته. ابدأ بالشكر على كل خيراته وصنائعه الجميلة في حياتك واشكره عليها واحدة فواحدة واعلم أن الموقف الفلاني، الخطوبة اللي تفركشت كانت لخيرك وليست إلا لخيرك واذكر قول يوسف الصديق لإخوته: أنتم قصدتم بي شرًا وأما الله فقد قصد به خيرًا. لنحسن الظن بإلهنا ولا نتسرع فلو ظلننا نكرر لأنفسنا أن الله يخذلنا فنحن نكتب الفشل على أنفسنا لأننا نقرر كيف يكون الحاضر والمستقبل معه وكأني بشخص يكرر لعقله الباطن باستمرار: أنا فاشل ولا أستحق أي خير وسيلاحقني الخذلان دومًا بل ارفض المنظور وقل لنفسك عندما تأتي الظروف معاكسة إنك واثق في إلهك وأنك واثق أنه لا يأتِ من وراء هذه الظروف سوى الخير وأن الخير كله في انتظارك لأن إلهك خير ونواياه تجاهك كلها خير وحب وأمل ورجاء.
نلوم الله على الكوارث والحروب والمجاعات. السؤال الشهير إياه! حروب من حولنا لا ورود ورياحين والدماء ترش الجدران والأسفلت. يسألونها: كيف حالك؟ فتجيب: الحمد لله. وكيف أحمد الله وكل هذا يحدث؟ ويقولون لا يُحمد على مكروه سواه. وهكذا مشيئة الله وهذا ما يريده الله. عندها قلت لها أولاً، الله مظلوم مع الإنسان منذ مهد التاريخ وحتى اليوم، والله بغير ما نتصوره تماما. نظنه عملاق قبضاي يتصدى لشر الإنسان وهو يسر في الإنسان مسرى الدم من العروق إذ به يتحرك الإنسان وقدرته خفية وتعمل من الداخل. ما ذنب الله في شر الإنسان؟ الشر ليس من الله. المكروه ليس من الله. نحمد الله على المكروه لأن هذه قراءتنا نحن للواقع المؤلم وجزانا الله خيرًا على بساطة قلوبنا. لكن الله خير مطلق ولا يعطل الله إرادة الإنسان أو أفعاله الشريرة. مشيئة الله ليست إلا الخير. نحمده وسط المكروه لأننا نحتاج له وقت الضيق أكثر من أي وقت مضى. خير لنا أن نحتفظ بإيماننا من أن تتبعثر قوانا ونتعب دون جدوى لأن الإيمان هو الذي سوف يساعدنا على عبور المحنة فلما نتخلى عنه بحجة أننا نلوم الله على قبح الإنسان وشره؟ الله لن يقتحم حياتك. تفتح له الباب وعندها فقط يدخل حياتك، لك الأمر متوقف عليك أنت في أن تفتح له الباب فهو رقيق كالنسمة في تعامله معك.
عندما كان نسيم ابني عمره خمس سنوات وجدته يغمض عينيه ذات مرة. سألته: لماذا يفعل هذا؟ أجاب: حتى أرى. لكي أرى الله لابد أن أغمض عيني الخارجية حتى أرى الله بعين قلبي. في ذلك الوقت كانت تربطني محادثات ممتازة بفطاحل الفكر الإلحادي العربي وكنت أبحث عن أفضل الحجج لإقناعهم بوجود الله. ولكني تعلمت الرسالة هنا من نسيم أن الله الذي يجب أن أدعوهم إليه لا يمكن أن يعاينوه بحواسهم الخارجية بل عليهم أن يغمضوا هذه الحواس جميعا لكي يروا الله رؤية عيانية حقيقية. واليوم عندما أصلي أعلم أن هناك ضجيج الحواس من حولي وليس فقط ضجيج العالم وكل هذا يجب إسكاته لعلي أظفر بسماع ذلك الصوت القوي الذي يرن في الأعماق قائلا: برهوم، أنا معك. أنا لك. كلي لك.
نحتاج لخطاب جديد واعي ذكي في حوارنا مع الملحدين. وكيف أسمع لقسيس أو خادم في الكنيسة لا يتكلم لغتي متى كنت ملحدًا؟ قالت أخت غيورة على نشر دينها لصديق لاديني: ما بالك لا تحاورني؟ أجابها: أنت لا تعرفين شيئا بالمرة عن عالمنا ولا ما نقرأ ولا كيف نفكر.. كيف نحاورك وأنت لا تتكلمين حرف واحد من لغتنا؟! وعندما يشعر بعض المسيحيين بالاهتزاز والخشية على عقائدهم يلجأون للحط من قدر الثقافة وتسمع عبارات التوبيخ الجاهلة: الكتب تفتنك يا برهوم! كثيرًا ما سمعت كلمة "خلاص" وشعرت وكأنها تعويذة وخاصة في الكنائس التي تكرر على مسامعك: خلصت يا أخ؟ اختبرت الرب؟ ولا أنت من الجماعة التانيين الوحشين "إياهم". ثم قرأت هنري بولاد وما قاله عن الخلاص في أن المسيح جاء ليهب الإنسان الحياة وأن تفيض هذه الحياة بوفرة في الإنسان. ومتى فاضت هذه الحياة فهذا الإنسان يسري فيه خلاص الله ويحرره من كل أشكال العبودية للذات وللعالم. الخلاص يعني أني أتخلص أنا إبراهيم عرفات من عبوديتي. فيه حاجة رابطاني من جوا وييجي إلهي ويفكني ويقول: كن حرًا. هو خلاص واحد ولا يمكن تصنيفه على أشكال وأنواع. الله يخلص الإنسان والمسيح يحقق هذا الخلاص والإنسان يأخذ من الله كل هذا هدية. الخلاص ليس عبارة عن حجز مقعد مريح في السما كما يتم عرضه وكأن الله كابوس نريد أن نخلص من إرهابه وسطوته ولكن الخلاص هو أن أتخلص من عبوديتي لذاتي.
خرجنا للعشاء وتحدثنا عن فلان الذي ترك المسيحية واعتنق ديانة أخرى.. منذ لحظات كانت تقول إن كل الناس حلوين ولكن لشعورها بالنقمة والغدر منه قالت إنه ربنا انتقم منه. ابتسمت لحال البشر.. مهما آمنا وقلنا عن إيماننا بـ إله المحبة، فنحن، في مصر أو أميركا على حد سواء، لا يزال بداخلنا إنسان بدائي يعبد إله بدائي يغضب وينتقم من الطرف الآخر "الوحش اللي ما بنحبوش" ويقف في صفنا وضد الناس التانيين. قال القس لبيب ميخائيل إنه سعيد إنه يعبد إله جالس في السماء ويرى أن الله محل إقامته السماء.. تبسمت وتذكرت إله جالس في السماء، أيوة جالس على الكرسي، وينزل المطر، عن يمينه حدائق وعن يساره حرائق (لهاليبو عليه لهاليبو). ننظر للكوارث الكونية فنقول "هذا غضب الله" ثم نستطرد: أكيد ربنا ليه برضو رسالة يا سي بارارهيم. عندها تلتهب حناجر الوعاظ بالحديث الناري عن الغضب الإلهي ويرجعوا بنا للزمان قرون ويحدثونا عن إلههم البدائي، البعبع اللي بيظهر في الضلمة ويخوفوا بيه العيال.. بئس الإله الذي يستخدم التخويف للإبقاء على انتمائي له.. بئس الإله الذي يتلذذ بعبوديتي له.. بئس الإله الذي يتم حشره في كل مصيبة ودون داعي وبشكل يغفل عنصر المسئولية والإرادة البشرية.. أكفر به.
تصلني يوميا أسئلة كثيرة عن الإيمان المسيحي وقد تعودت على جميع هذه الأسئلة لأنها تذكرني بالماضي. أني أيضًا كان عندي حوالي من ٣٢ سؤال قبل أن أدخل المسيحية. تمت الإجابة على جميع أسئلتي بلقاء المسيح بـ قلبي وبدون هذا اللقاء لم تكن هناك نهاية لأسئلتي ولم يكن هناك حد لأرقي الذهني. لابد أن تلتقي المسيح شخصيا وتعرفه بصورة شخصية ويلتقيك وتدعوه ليقيم في قلبك وتتحدث إليه. إلى أن تتعلم أن تنكسر نفسك وتركع أمام المذبح في الكنيسة فلن تعرف شيء ولن تأخذ شيء إطلاقًا. هذا شيء أنا واثق منه تماما مائة بالمائة. لابد أن تنحني. لابد أن تركع. لا تفهم شيء الآن والإيمان المسيحي يبدو لك على أنه سخافات غير معقولة. تصدى لـ عقلك وقل: أؤمن وإن لم يوافق هذا عقلي والانتصار والكفة الراجحة يا إلهي تكون للمسيح المصلوب لا لـ عقلي. مهما أجبت لديك من أسئلة فأجوبتي لن تزيد على كونها حشو معرفي ولن تشبع. ستظل في أرق. ستظل في عذاب. اركع الآن أمام الرب يسوع المسيح وقل له: أنت يا يسوع إلهي ومخلصي وحياتي وفادي نفسي الحبيب ولا أريد سواك.
الملحد يتأفف من إله الحساب الذي يثأر لحقه. البعض منا يستميتون في الابتعاد عن الخطيئة لأنهم يخشون العقاب. هو لا يريد أن يزني لأن الزنى "خطيئة". يطيع الله لأنه يخشى العواقب ويخشى غضب الله. ذهنية كهذه أراها تسيئ للروح المسيحية وتسلبها أهم ما فيها وهي الإله الذي يحب حبًا شديدًا لدرجة أنه يبذل ذاته للإنسان وعن الإنسان. ينبغي أن أطيع الله لأني أحبه ودون أن أخشى أي عقاب. بما أن الله أبونا فيجب أن نفعل كل شيء معه بدون أي خوف أو ارتباك، ونقدم الأفضل في حياتنا لأننا نؤمن أن أبانا السماوي يستحق باكورة ثمارنا وليس الفتات الساقط من المائدة. لسبب ما أشعر أن الحديث عن "العقاب" يجرح قلب الله ويطعن مباشرة في صميم علاقة الحب القائمة بين أبينا وبيننا. ابتعد عن الزنى لا لأنك تخشى العقاب وإنما لأنك لا تقدر أن تسمح بوجود أي فاصل بينك وبين أبيك السماوي. قال لي أخ مسلم أفغانستاني إنه ذات مرة راودته نفسه ليمارس الجنس مع امرأة دون زواج ولكنه وبخ نفسه وتحدث إليها وقال: بعد قليل يا فلان ستقف بين يدي الباري لتصلي الصلاة وتقيم فرضك، فكيف بك تقف بين يدي الله وأنت زاني؟ لابد أن تستعد للقاء الله بأن تتطهر كلما استطعت. وماذا عنا نحن المسيحيون؟ هل ندرك أننا بعد قليل سنقف في محضر الله ونستعد له أم أننا نفعل ما هو صواب لئلا يلحق بنا بطش العقاب؟
الله ليس كل غايته أن يحاسب الإنسان أو يترصد له بل أن يهب ذاته للإنسان فإن عرفه الإنسان وامتلأ من حبته وعاش له تحققت غاية الإيمان وإن لم تتحقق هذه الغاية يبقى الإنسان محرومًا. أعمالنا هي التي تديننا والله متضامن في صالح الإنسان ولعل أكبر إدانة هي أن يواجهنا بحقيقة نفوسنا. رجاء قراءة إنجيل يوحنا كاملاً بشكل مترابط. بعض المسيحيين يمارسون هواية جلد الذات، مازوخية دينية، يرون أن كل ما حدث و يحدث هو قضاء و تأديب من الله. عن أي إله يتحدثون؟ ليس هذا هو الله أبي الذي تركت الدنيا بما فيها وجريت وراءه! ليس هذا هو الإله الذي وهبني قوة لأقهر شدائد وصعاب.. ليس هذا هو إلهي بالمرة. لماذا تسيئون الظن بالله إلى هذا الحد؟ الله لن يتضرر ولكنكم تخسرون كثيرًا جدًا ويفوتكم الكثير بسبب سوداويتكم المقيتة. في تانية اعدادي ولما والدي منعني بالقوة الجبرية من حضور لقاءات الإخوان المسلمين جاءني إحباط أحيانا وتوقفت عن الصلاة. ذات مرة فوجئت بوالدي يزعق ويقول: النحس حل علينا لأنك لا تصلي. بطلت تصلي ليه؟ ما تصلي ياد! إلخ.. وبين المسيحيين اليوم من يعتقد أن ربنا يعاقبه عشان بطل يروح الكنيسة.. وفلانة جابت ولد في الحرام وربنا خد حقه منها.. كل هذه تصورات سيئة تعكس فهم مشوّه عندنا لربنا وأن ربنا عايز ينتقم بأي طريقة وكأنه مثلا "سي السيد". وأسألك وأسأل نفسي: ما هي صورة الله المحفورة في عقلك الباطن؟ أتمنى أنها تكون صورة الأب في مثل الابن الضال. الله لا يعاقبك ولا ينتقم منك. كرّر هذا لنفسك بيقين وثق في أبوته والتي لا تقف عند حد ولا تتأثر بأفعالك وتختلف تماما عن أبوتنا البشرية بكل ما فيها من غباوة. إيماني الشخصي هو أن الله له صفة رئيسية وهي الحب وأي شيء من الصفات التي تخطر ببالنا يُفهم ويُقاس ويُفسر في ضوء هذ الحب. نعم الله عادل، ولكن مفهوم العدل الإلهي يختلف تماما عن فهمنا نحن له ولا يخضع لذهنيتنا البشرية الملوثة بالخطيئة والأنانية. إذا أخذنا مثلاً مثل الفعلة في الكرم والذي عملوا وجاءوا في أوقات متباعدة من اليوم نلاحظ أنهم كلهم تقاضوا أجر واحد. أين العدل بمفهومنا البشري؟ عدل الله، وهذه صفة من صفات الله، لا يمكن أن نفهمه إلا في ضوء الصليب، وكذلك بقية صفات الله الواردة في الكتاب المقدس: إن لم نقرأها في ضوء الصليب والخلاص فهي تخضع لميلنا البشر وهوائيتنا وعصبيتنا ومزاجيتنا. الله محبة وهي المقياس الذي يُقاس عليه كل شيء!
تبوح أخت لي بمكنونات قلبها: أنا مش حاسه بأي حاجة تجاه المسيح وجوَّه دماغي مليون سؤال...هو فعلا ربنا جيه إنسان.
وعندها لا أملك من الجواب إلا أن أقول لها وبصدق: معاكي حق.. فيه ناس كتير قالوا ربنا جه إنسان؛ بس السؤال هو: ما الهدف من وراء إن ربنا أصلا ييجي إنسان؟ ربنا جه في المسيح عشان يتيح للإنسان أن يعرف الله معرفة شخصية مباشرة. المجيء ده هدفه الإنسان ومش مجرد إنه ييجي في صورة إنسان.. هدفه تحرير الإنسان (اللي بنسميها بعبارة أخرى "خلاص"). المجيء ده هدفه إن ربنا يتلامس مع الإنسان وأن الإنسان يمتليء بالكامل من روح ربنا. في المسيح ربنا كلمنا بذاته كلام مباشر عشان المسيح هو النطق الذاتي لربنا. عشان ربنا جه إنسان وبيعيش فينا احنا كمان هانحيا بـ حياة ربنا دي نفسها جوانا، وننقاد بروحه. المسيح قال: أتيت لتكون الحياة للناس ولتفيض فيهم. هو جاي عشان يفيض بحياته في الإنسان. وعبرانيين 1: 1 بتقول إن ربنا بعد ما اتكلم معنا بالأنبياء والرسل كلمنا في آخر الأزمنة بواسطة ابنه، المسيح. وفي إحدى الصلوات الهندوسية جاء: الله في كل مكان يملأ خليقته. وبين الأشياء التي تتحرك أو لا تتحرك لا توجد ذرة إلا وقد حوت حضوره فيها. إنه كالسماء يسود على الكل وكالأثير يملأ قلبي. براهما وخليقته لا يمكن أن ينفصلا ولو للحظة واحدة. وأما نحن بنو الأرض الأرضية، فإننا لا نعي مثقال ذرة عن هذا المبدأ الحيوي. البومة قد تعيش مائة سنة ومع ذلك لا تدري بأي حالٍ يكون النهار.
يهرب المسيحي من إله مزيف لأنه لو التقى الإله الحق لارتمى في حضنه مثلما فعل الابن الضال مع أبيه الحنون الذي هرول كالعبيد للقاءه عند عودته من الضلال. حاربنا الله في حياتنا وقتلنا حركة عمله ثم تظاهرنا أننا أمتناه وأخذنا نصيح: الله ميت، رغم أننا نحيا ونتحرك به ولولاه لما كان وجودنا. ثم حل محل الله وحوش كاسرة تستبد بنا. غثيان (حالة القرف) وعدمية سارتر والفراغ والملل كما يقول مورافيا، وماذا ننتظر؟ العالم بدون الله فراغ قاتل لا دواء له. قاومنا إله يشتاق إلينا وما أراد تكبيلنا بوصاياه وأحكامه وإنما أراد أن يفيض بحياته فينا. رسمنا الدكتاتور على صورتنا وقلنا هكذا يكون الله وما هو من الله في شيء. تصورناه بوليس أخلاق يريد أن يحاكمنا على كل شاردة وواردة. تصورناه خصمًا لنا مع أنه أول كائن في الوجود متضامن معنا. قالت أحب فلان وأحب البوس وكل ما تحبه سائر النساء ولكني أخشى المجيء إلى الله. بالعكس يا صديقتي، تلك هي اللحظة بالذات والتي تقتربين فيها أكثر من أي وقت مضى من الله وتحاولي أن تختبري حبه الحميمي الصادق الغير مشروط. نجلد أنفسنا وأما هو فلا. ينتظر أن تستريح نفوسنا فيه تمام الاستراحة وأن نعلن نحن من جانبنا أنه يسود ويملك وملكوته ملكوت حب لا أوامر ونواهي.
ألوهية المسيح تشرق على البشرية، ونحن نصلي وهدفنا هو أن نهيم به ونذوق مجده.. هذا المجد بكل ما فيه من عظمة أتاحه لنا كي نتذوقه ونشترك معه فيما له؛ نعم، حياته لنا وليس مجرد هو مخلص ويعود لسماه في عالم المجد بل يهبنا حياته شخصيًا وتسري فينا ونذوق أمجاده وكل ما له وبهذا نحيا ولولا حياته فينا لكنا أمواتًا وما ذقنا طعم الحياة.
يا رب يحق لي أن أقول مع حبيبك بولس: "إنه قد أحبني وجاد بنفسه لأجلي". أنت تبدأ المبادرة دائما بالحب والرقة وتمنحني الخلاص وتصب كل هذا بنفسك في صميم كياني ودائما تحرّك في الرغبة الشديدة لأن أطلبك وأجري وراءك. ومن أين أتتني هذه الرغبة الشديد فيك وإليك يا إلهي؟ هذه الرغبة ليست معلومات يمتليء بها ذهني بل شوق حار تضعه أنت في قلبي وأنت الذي تحرك قلبي دائمًا تجاهك يا إلهي.
لعل القاريء يسألني: من أنت؟ فأجيبه: أنا إبراهيم عرفات، مسلم بالأساس، أتحدَّرالآن مباشرة من المسيح. هو نسبي وحسبي. وضعت يدي في يده؛ وإنتمائي الأول والأخير له، وكل شيء في حياتي يبدأ به ويختتم كذلك به لأنه الألف والياء في حياتي أنا.
تسرني مراسلتكم على بريدي الإلكتروني
timothyinchrist@gmail.com
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط