بسام درويش
/
Jul 14, 2004
في حين يجد المسيحيون أنفسهم في عدد من البلاد الإسلامية بحاجةٍ إلى تصريح خاص لترميم جدار كنيسةٍ أو حتى مرحاض فيها، وفي حين نسمع عن كنائسَ لهم تُحرَق، أو عن مصلين فيها يُهاجَمون بالرشاشات والقنابل، نسمع هنا في أميركا، أصوات المسلمين ـ الذين لا يكفّون أبداً عن النقيق ـ يتذمّرون مدّعين أنهم يعانون من أعمال التمييز، وأنهم لا يستطيعون ممارسة شعائرهم وعاداتهم بحرية مطلقة.
تذمّرهم لم يتوقف ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ عند حد مطالبة رؤساء العمل بالسماح لهم بفترات معينة خلال الدوام لأداء صلواتهم، أو بأن توافق دوائر المواصلات والهجرة لحريمهم بأخذ الصور وهنّ محجبات، أو بأن تنشئ لهم إدارات المطارات أماكن خاصة للوضوء ليتسنى لهم ممارسة صلاتهم، (وكأن نظافة القدمين واليدين والشرج والقضيب قبل الصلاة هي أعظم أهمية من نظافة القلب والضمير..) إنما أخذوا اليوم يطالبون بالسماح لهم بالتكبير من فوق المآذن في مواعيد الصلاة، بدعوى أن لهم الحق في ذلك كحق المسيحيين في قرع أجراس كنائسهم.
**********
هامترامك، مدينة صغيرة تحيط بها ديترويت من كل جانب، وقد اشتهرت باسم "مدينة البولونيين" منذ مطلع القرن الماضي حين شكل المهاجرون البولونيون نسبة 85 بالمئة من سكانها. هذه النسبة انخفضت اليوم إلى حوالي 23 بالمئة، خصوصاً خلال العقدين الماضيين، بعد توافد أعداد كبيرة من المسلمين إليها أغلبهم من البنغاليين والباكستانيين واليمنيين.
مجلس هذه المدينة وافق مؤخراً، على طلبٍ تقدم به المسلمون للسماح لهم برفع نداء الصلاة من خلال مكبرات الصوت المنصوبة على مآذن المساجد. ردة فعل السكان على القرار كانت متسمة بالاستياء والغضب الشديد، قاموا على أثر ذلك بحملة لجمع التواقيع على عريضة احتجاج قدموها إلى مجلس المدينة لإلغاء القرار. كان جواب المجلس بالرفض، ولكن نظراً لعدد الأصوات القانوني على العريضة، فقد قرر إحالة الموضوع إلى الاستفتاءات المحلية المقبلة.
**********
يدّعي المسلمون أن استعمال مكبرات الصوت للدعوة إلى الصلاة هو حق من حقوقهم كحق المسيحيين في قرع أجراس كنائسهم، علماً بأن أصوات أجراس الكنائس التي تسمع في أمريكا هي بشكل عام أصوات الساعات الكبيرة التي تزين أبراجها، وليست لدعوة الناس إلى الصلاة.
لكن، والحق يقال، سواء كانت أصوات هذه الأجراس للإعلان عن الوقت أو للدعوة إلى الصلاة، فإنّ نغماتها لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تقارن بصوت الأذان المزعج الذي يصدر عن هذه المكبّرات. وبغض النظر عن ذلك، فإنّ ما يبدو واضحاً بأن المسلمين يعجزون عن إدراكه، أو لربما يتجاهلونه، هو الأثر الذي أصبح يخلفه هذا النداء في نفوس الأمريكيين.
قبل الحادي عشر من أيلول، كانت معلومات أكثر الأمريكيين عن الإسلام والمسلمين لا تتجاوز ما تعرضه الأفلام السينمائية، أو ما تنقله أخبار الإذاعات ومحطات التلفزيون. لم يكن سماعُ اسم محمد، أو المرور أمام مسجدٍ، أو رؤيةِ امرأةٍ محجبةٍ أو رجلٍ ملتحٍ يغطي رأسه بعمامة أمراً يستفز أية مشاعر لدى الأمريكي. أما بعد ذلك اليوم فقد تبدّل الأمر!
بعد الحادي عشر من أيلول، أصبح اسم محمد أو الله مرادفاً للقتل والخراب والإرهاب؛ وذاكَ الأمريكي العادي الذي لم يكن يهتم بمعرفة شيء عن الإسلام أو عن أي دين آخر، أصبح يرتاد المكاتب العامة أو الخاصة سعياً لتوسيع مداركه والمقارنة بين الأديان لغاية معرفة كُنهِ هذا الدين الذي يستمد منه أتباعه هذه القدرة الرهيبة على سفك الدماء براحة ضمير كاملة وسعادة نفسية مطلقة!.. وما يبعث على السخرية حقاً، هو تفسير المسلمين لاندفاع الأمريكيين إلى شراء الكتب الإسلامية على أنه إقبال على الإسلام!!!
لقد أصبحت معرفة الأمريكيين بالإسلام أعظم من معرفة غالبية المسلمين في العالم الذين يغمرهم الجهل بدينهم. مئات البرامج الإذاعية تخصص الوقت للحديث عن الإرهاب في الإسلام، وآلاف من القراء العاديين، يكتبون بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، إلى صحفهم اليومية في زوايا "وجهات نظر"، يتحدثون عما توصلوا إلى معرفته من خلال مطالعاتهم عن تعاليم الإسلام الرهيبة. لقد أصبح الإسلام عارياً ولم يعد بإمكان أحد أن يستر عورته.
***********
تصميم المسلمين على المضي في استغلالهم للنظام الغربي ـ والأمريكي بالذات ـ دون احترام لمشاعر الأمة التي فقدت بضعة آلاف من أبنائها الأبرياء بتشجيع من تعاليم دينهم، لا بدّ سيؤدّي بالنتيجة إلى نفاذ صبر هذه الأمة. وإذا كان "الصبر مفتاح الفرج" كما يقول المثل العربي، فإن انتشار إطلاق هذا الأذان من على منابر المساجد سيكون مفتاحاً لنفاذ صبر الأمريكيين الذي ربما يؤدي بهم أنفسهم أخيراً إلى الفرج!
هذا النداء ـ الأذان ـ لن يرى الأمريكيون فيه عند سماعه إلا دعوة للمسلمين، خمس مرات في كل يوم، للاجتماع للتآمر ـ كما أثبته واقع الأحداث ـ على أمن هذه الأمة.
لن يروا فيه إلا دعوة للمسلمين لتخصيص بضع دقائق من وقتهم خمس مرات في اليوم، يتذكرون فيها أنّ عليهم قتال الكفار وخصوصاً المسيحيين واليهود، إلى أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون!
كما ولن يرى الأمريكيون في هذا النداء إلا استهتاراً بأرواح آلاف الأبرياء الذين سقطوا يوم الحادي عشر من أيلول باسم هذا الله نفسه الذي يعلو الهتاف بحمده خمس مرات في اليوم!
*********
إذا كان من حق المسلمين أن يفرضوا هذا النداء الكريه على مسامع الأمريكيين، فترى ماذا يمنع الأمريكيين الذين يسكنون قرب المساجد، من تسجيل أصوات خنازير على أقراص مدمّجة، وبثّها بشكل آلي، عبر مكبرات منصوبة على نوافذ بيوتهم في أوقات متزامنة مع أوقات الأذان؟.. ولربما لن يميّز أحد بين صوت الاثنين!!
*************
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط