فتوى للشيخ: محمد صالح العثيمين
عن موقع الإيمان
سئل الشيخ محمد صالح العثيمين عما زعمه أحد الوعاظ في مسجد من مساجد أوربا من أنه لا يجوز تكفير اليهود والنصارى فأجاب:
"أقول: إن هذا القول الصادر عن هذا الرجل ضلال، وقد يكون كفرًا، وذلك لأن اليهود والنصارى كفرهم الله - عز وجل - في كتابه، قال الله تعالى: ”وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ” [التوبة : 30] . فدل ذلك على أنهم مشركون، وبين الله تعالى في آيات أخرى ما هو صريح بكفرهم:
”لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ” [المائدة: 17]
”لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ” [المائدة: 73]
”لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ” [المائدة: 78]
”إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ” [البينة: 6]
والآيات في هذا كثيرة، والأحاديث، فمن أنكر كفر اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد، صلى الله عليه وسلم، وكذبوه، فقد كذب الله - عز وجل - وتكذيب الله كفر، ومن شك في كفرهم فلا شك في كفره هو.
ويا سبحان الله كيف يرضى هذا الرجل أن يقول: إنه لا يجوز إطلاق الكفر على هؤلاء وهم يقولون: إن الله ثالث ثلاثة؟ وقد كفرهم خالقهم - عز وجل - وكيف لا يرضى أن يكفر هؤلاء وهم يقولون: إن المسيح ابن الله، ويقولون: يد الله مغلولة، ويقولون: إن الله فقير ونحن أغنياء؟!
كيف لا يرضى أن يكفر هؤلاء وأن يطلق كلمة الكفر عليهم، وهم يصفون ربهم بهذه الأوصاف السيئة التي كلها عيب وشتم وسب؟!
وإني أدعو هذا الرجل، أدعوه أن يتوب إلى الله -عز وجل- وأن يقرأ قول الله تعالى: ”وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ” [القلم: 9] وألا يداهن هؤلاء في كفرهم، وأن يبين لكل أحد أن هؤلاء كفار، وأنهم من أصحاب النار، قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة ـ أي أمة الدعوة ـ ثم لا يتبع ما جئت به، أو قال: لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار).
فعلى هذا القائل أن يتوب إلى ربه من هذا القول العظيم الفرية، وأن يعلن إعلانًا صريحًا بأن هؤلاء كفرة، وأنهم من أصحاب النار، وأن الواجب عليهم أن يتبعوا النبي الأمي محمدًا، صلى الله عليه وسلم، فإنه مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل ”يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” [الأعراف: 157] وهو بشارة عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام.
فقد قال عيسى ابن مريم ما حكاه ربه عنه: ”يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ” [الصف: 6] .
لما جاءهم من...؟ من الذي جاءهم....؟ المبشر به أحمد، لما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين، وبهذا نرد دعوى أولئك النصارى الذين قالوا: إن الذي بشر به عيسى هو أحمد لا محمد، فنقول: إن الله قال: ”فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ” [الصف: 6]. ولم يأتكم بعد عيسى إلا محمد، صلى الله عليه وسلم، ومحمد هو أحمد، لكن الله ألهم عيسى أن يسمي محمدًا بأحمد لأن أحمد اسم تفضيل من الحمد، فهو أحمد الناس لله، وهو أحمد الخلق في الأوصاف كاملة، فهو عليه الصلاة والسلام أحمد الناس لله، جعلًا لصيغة التفضيل من باب اسم الفاعل وهو أحمد الناس، بمعنى أحق الناس أن يحمد جعلًا لصيغة التفضيل من باب اسم المفعول، فهو حامد ومحمود على أكمل صيغة الحمد الدال عليها أحمد.
وإني أقول: إن كل من زعم أن في الأرض دينًا يقبله الله سوى دين الإسلام فإنه كافر لا شك في كفره، لأن الله - عز وجل - يقول في كتابه: ”وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” [آل عمران: 85] ويقول - عز وجل - : “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا” [المائدة: 3].
وعلى هذا ـ وأكررها مرة ثالثة ـ على هذا القائل أن يتوب إلى الله - عز وجل - وأن يبين للناس جميعًا أن هؤلاء اليهود والنصارى كفار، لأن الحجة قد قامت عليهم وبلغتهم الرسالة ولكنهم كفروا عنادًا.
ولقد كان اليهود يوصفون بأنهم مغضوب عليهم لأنهم علموا الحق وخالفوه، وكان النصارى يوصفون بأنهم ضالون لأنهم أرادوا الحق فضلوا عنه، أما الآن فقد علم الجميع الحق وعرفوه، ولكنهم خالفوه وبذلك استحقوا جميعًا أن يكونوا مغضوبًا عليهم، وإني أدعو هؤلاء اليهود والنصارى إلى أن يؤمنوا بالله ورسله جميعًا وأن يتبعوا محمدًا، صلى الله عليه وسلم، لأن هذا هو الذي أمروا به في كتبهم كما قال الله تعالى : ”وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” [الأعراف: 156: 157]
”قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” [الأعراف: 158]
وليأخذوا من الأجر بنصيبين، كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: (ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، وصلى الله عليه وسلم). الحديث .
ثم إني اطلعت بعد هذا على كلام لصاحب الإقناع في باب حكم المرتد قال فيه ـ بعد كلام سبق ـ : "أو لم يكْفر من دان بغير الإسلام كالنصارى، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم فهو كافر".
ونقل عن شيخ الإسلام قوله:
"من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يعبد فيها، وأن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه أو أعانهم على فتحها، وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر".
وقال أيضًا في موضع آخر:
"من اعتقد أن زيارة أهل الذمة في كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد".
وهذا يؤيد ما ذكرناه في صدر الجواب، وهذا أمر لا إشكال فيه. والله المستعان."
***********
وسئل الشيخ: عن وصف الكفار بالصدق والأمانة وحسن العمل فأجاب بقوله:
"هذه الأخلاق إن صحت مع أن فيهم الكذب والغدر والخيانة والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية وهذا معلوم، لكن إذا صحت هذه فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام، والمسلمون أولى أن يقوموا بها ليكسبوا بذلك حسن الأخلاق مع الأجر والثواب. أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمرًا ماديًا فيصدقون في المعاملة لجلب الناس إليهم.
لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور فهو يريد بالإضافة إلى الأمر المادي أمرًا شرعيًا وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله - عز وجل - وهذا هو الفارق بين المسلم والكافر.
أما ما زُعِم من الصدق في دول الكفر شرقية كانت أم غربية فهذا إن صح فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم أنكروا حقَّ مَنْ حقُّه أعظم الحقوق وهو الله - عز وجل – “إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ” [لقمان: 13] . فهؤلاء مهما عملوا من الخير فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم، وكفرهم، وظلمهم فلا خير فيهم."
*************
تحذير قبل النقر على هذا الرابط:
زيارة موقع الإيمان هذا قد تعرض جهاز الكمبيوتر خاصتك إلى مشاكل فادخل على مسؤوليتك.
http://www.al-eman.com/islamLib/viewchp.asp?BID=353&CID=28