بفضل الله، ثم بدعمكم، أسلم أمس الجمعة بمكتب الدعوة بالجبيل 13 شخص (9 فلبيني، 1 سيرلنكي، 1 هندي، 1 نيبالي، 1 صيني) فلله الحمد.
بفضل الله، ثم بدعمكم، أسلم أمس الجمعة بمكتب الدعوة بالجبيل 9 اشخاص (4 هندي، 2 فلبيني، 2 تايلندي، 1 نيبالي) فلله الحمد.
بفضل الله، ثم بدعمكم، أسلم أمس الجمعة بمكتب الدعوة بالجبيل 8 اشخاص (3 فلبيني، 3 هندي، سيرلانكي، 1 نيبالي) فلله الحمد.
تلك نماذج من رسائل نصية تتدفق بانتظام، وبلا انقطاع إلى جوالي كل أسبوع، لم احذف بعضها بعد، ربما لأنها ستكون مادة لكتابة هذه المقالة. يخيل إليّ أن من صاغ تلك الرسائل قد خلط بين جنسيات وأعداد المؤمنين الجدد وبين عدد ونوع أطباق البيض والفول والكبدة التي يطلبها أثناء جلوسه في مطعم شعبي. مبدئياً، لا اعرف كيف عثر هذا المكتب الدعوي النشط على رقم جوالي حتى يزف إلي مطلع كل أسبوع خبر اعتناق مجاميع أسيوية مهمشة دين الإسلام...طبعاً بنسخته الوهابية المتشددة. وشخصياً، لم أكن اتخيل أن أكبر مدن الشرق الأوسط الصناعية، أي مدينة الجبيل، ستجد الوقت الكافي وسط ضجيج المكائن للتبشير بالإسلام بين أوساط العمالة الأسيوية ذات المرجعيات الهندوسية والبوذية. لكن من المؤكد أن المؤسسة الوهابية بتمدداتها الأخطبوطية لا تريد تفويت فرصة اجتذاب أكبر عدد من الفقراء القادمين من أحراش الهند والفلبين للعمل في المدينة الساحلية المكتضة بمصانعها دون أن تستميلهم إلى "دين الحق"، حتى ولو اقتضى الأمر التلويح بورق البنكنوت! ولا اتصور أن حمرة الخجل ستكسو وجوه القائمين على مراكز الدعوة فيما لو وجهت لهم تهمة شراء إسلام العمالة الأسيوية بالمال. فالإسلام في انطلاقاته الأولى، قد خصص جزءاً من حصيلة الزكاة الشرعية من أجل شراء ذمم وولاءات من أطلق عليهم بالمؤلفة قلوبهم. ولهذا كان صفوان بن أمية بن خلف يقول: " أعطاني رسول الله يوم حنين، وأنه لأبغض الناس إليّ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ". وبسبب تلك العطايا النبوية الكريمة، فقد أسلم صفوان وحسن أسلامه(!)
أتساءل باستغراب: إذا كانت شباك مركز الدعوة بالجبيل، الصغير نسبياً، ستخرج لنا كل أسبوع ما بين سبعة إلى إثنى عشر معتنق جديد للإسلام، فماذا عن باقي المراكز الدعوية الأخرى الممتدة عبر فيافي السعودية؟ إننا إذا سلمنا بأنَّ كل مركز سيسهم في استمالة سبعة مسلمين جدد كل أسبوع فهذا يعني أن عدد من يعتنقون الإسلام في كل عام سيصل إلى عشرات الآلاف، وهذا ما لا يمكن بلعه بسهوله. بإيجاز شديد، تلك الأرقام الواردة في تلك الرسائل النصية تدخل ضمن خانة الأحلام والأمنيات الوردية! ثم لنكن ولو لمرة واحدة صادقين مع ذواتنا لنسأل: أي إغراءٍ يحمله دين الإسلام للغير؟ ما الذي جاء بالهندي والفلبيني والسيلاني طواعية إلى مكتب الدعوة كي يشهر إسلامه؟ أهي التفجيرات الدموية والممارسات الإرهابية لجماعات التطرف الإسلامي؟ أم هي وجوه الملتحين العابسة وسلوكياتهم الفظة؟ أم هي شوفونية أكثر السعوديين ونظرتهم الفوقية؟ أم هي خشونة رجال الأمن والشرطة وظلم وإجحاف القوانين والأنظمة؟ لا شيء على الإطلاق يغري بالنطق بالشهادتين، باستثناء المال... والمال فقط.
هل يبدو كلامي هذا جارحاً بعض الشيء؟ تذكر أننا لا نمل دوماً من ترديد العبارة القائلة: يوجد في بلدان الغرب مسلمون بلا إسلام، ويوجد لدينا هنا إسلام بلا مسلمين. هذا العامل البسيط جاء من أجل لقمة العيش، لا لكي يتعرف على الإسلام عن كثب. وهذا العامل البسيط سيكتشف جوهر الإسلامه ومنظومته القيمية من خلال تفاعله واحتكاكه اليومي مع المسلمين وليس من خلال انكبابه على قراءة النص الديني القابع في الكتب. وبما أننا المسلمين، وباعترافنا فيما بين انفسنا، أكثر شعوب الأرض كذباً، ونفاقاً، وغشاً، وحسداً، وظلماً، وتسلطاً، فأي شيء سيحفز هؤلاء على الانطواء تحت راية الإسلام الخضراء؟!
لا تحدثوني أرجوكم عن الظمأ الروحي الذي سيطفئه معتنقو الإسلام بمجرد إعلان الشهادتين، فتلك لعمري أكذوبة صنعناها وآمنا بها كباقي الأكاذيب الأخرى. إذ لا فسحة للروح في ديننا المثقل بالماديات. أركان الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج كلها مادية. نعيم الإسلام من جنان ونساء وولدان وخمور ونخيل كلها مادية. عذاب الإسلام من حريق ومطارق وأفاعي وتعطيش كلها مادية. لا مسارب للروح في دين صحراوي ولد في شعاب مكة الحارقة، وترعرع في فلوات الحجاز الظمآنه. اتذكر في أول أيام رمضان المنصرم، بعث مركز الدعوة برسالة يبشر فيها بإسلام ما يزيد عن عشرين أسيوياً بعد تناول وجبة الأفطار في مخيم تابع للمركز! ترى هل تكفي وجبة افطار كي ينسلخ من دينه ويستبدله بدين آخر؟! كل الكنائس وكل المعابد تمنح قاصديها الغذاء والكساء والمأوى، فهل يكفي هذا لتغيير الديانة؟ المشكلة أن رسالة المركز فسرت التحول الجماعي للإسلام بما كان يحف المكان والمناسبة من أجواء روحانية! تلك وبنظري محاولة غير موفقة في الربط بين طعام مادي وروح هلامية. ولو أن مجرد بضع تمرات وبعض اللبن يكفي لإضاءة القلوب بنور الإسلام لكان من المتيسر علينا تحويل كل المسيحيين والبوذيين والهندوسيين وغيرهم إلى دين الإسلام بلا جهد يذكر.
ثمة سؤال يبقى مفتوحاً: ما الذي يدفع بهذا المركز لممارسة الكذب كل مرة؟ فمما هو معروف، أن الكذب في الإسلام محرم، لكن هناك استثناءات ثلاث رخص الإسلام فيها الكذب، وهو ما جاء على لسان أم كلثوم إذ قالت: " ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرخص في شيء من الكذب، إلا في ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها ". (أخرجه مسلم.( أما الخلف فقد توسعوا في الرخصة فصار لديناً أنواع وافرة من الكذب الأبيض والمسموح به، بقصد خدمة الإسلام ونصرته بالطبع! لدينا الكذب على العالم الغربي بقصد تلميع صورة الإسلام، واجتذاب البسطاء إليه، مثل نفي التحريض على القتل، وعلى وجود المساواة بين الرجل والمرأة، وعلى احترام الأقليات الدينية وصيانة حقوقهم. ولدينا الكذب على الليبراليين والعلمانيين، بقصد تشويه صورتهم، وتنفير العامة منهم، وربما التحريض على إيذائهم، مثل اتهامهم بالإتصال بالسفارات الغربية، واسقاط الشرائع، وإشاعة الإباحية والتهتك. ولدينا الكذب على الدهماء، بتخويفهم بالعذاب والنار والموت لضمان انصياعهم لعصا المتدين، مثل تأليف قصص ساذجة عن موت مأساوي حل بفتاة تخلت عن الحجاب وبشاب رفع صوت الموسيقى فوق صوت المؤذن، وما إلى ذلك من تلفيقات مضحكة.
حسناً، لكن ماذا عن رسائل مركز الدعوة هذا؟ أين تتموقع من خارطة الأكاذيب "الإسلامية" المترامية الأطراف؟ الحقيقة أنها أقرب ما تكون إلى نوع استثنائي ونادر من الكذب، وهو الكذب الموجه للذات قبل أن يكون موجهاً للآخرين. كذب يزدد حضوراً وتغلغلاً كلما ازداد المسلمون هشاشةً وتحللاً وضعفاً. إنها محاولات يائسة لاقناع الذات بأنَّ الإسلام مازال محتفظاً بألقه وعنفوانه رغم ما لحق به من تصدع وتهدم تسبب به ابناءه قبل الأخرين. أكاذيب كمثل القشة التي يتعلق بها المسلمون للتمويه على الذات بأنّ الإسلام مازال بخير وعافية، وأنه مازال قادراً على اكتساب مزيد من الأتباع والمؤمنين، وأن السماء لم تزل تمطر معجزات. أرقام هذا المركز لا تختلف في سذاجتها عن أرقام بن لادن لأعداد الأمريكيين الذين تحولوا إلى الإسلام بعيد التفجيرات الإرهابية في أيلول 2001. رسائل هذا المركز لا تختلف في طفوليتها كثيراً عن صورة المسجد الذي لم يقتلعه اعصار تسونامي في اندونيسيا، ولا عن سجادة الصلاة التي فوجئَ بها المصلون وهي تصلي - صدق أو لا تصدق - الفجر في أحد المساجد، ولا عن الطائر الغريب الذي حط فوق كفن رجل صالح مسجى في سيارة الموتى، وظل يهز رأسه طيلة الطريق بخشوع أثناء تلاوة القرآن، ثم لم يلبث أن شق الفضاء بشكل رأسي حتى ذاب في السماء! لا أعرف حقاً ما إذا كان من المفترض أن نرثي حال عقل كهذا، أم نضحك على هذا السفه والجنون. الحقيقة أنه لا الرثاء، ولا الضحك، ولا ربما سكب الملح على الجروح سيوقظ هؤلاء من رقدتهم الطويلة. فلنتركهم ينامون، ولندعهم يحلمون كما يشاءون...وأحلام سعيدة!
=====================
affkar_hurra@yahoo.com
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط