بسام درويش
/
Nov 07, 2014
مع تزايد الأعمال الإرهابية الهمجية التي يقوم بها مسلمون في الدول الغربية، أصبح لزاماً على حكومات هذه الدول أن تتعامل مع هذه الظاهرة بشكل أكثر جدية. فحتى الآن، لا زال يُنظر إلى معظم هذه الأعمال على أنها جرائم عنف تُعزى إمّا إلى مشاكل تتعلق بالعمل أو إلى خلل عقلي. هذه السياسة في التعامل مع الإرهابيين هي ما يسمى بسياسة النعامة.
هذه السياسة الخرقاء يجب أن تتغير اليوم قبل الغد، والشعب في الغرب لن يصفح لحكوماته هذا التساهل إذا ما حمل الغد يوماً آخر كالحادي عشر من أيلول أو حدثاً أسوأ منه.
الخطوة الأولى
الخطوة الأولى والأكثر أهمية تبدأ بتسمية الأمور بأسمائها الصحيحة، إذ أنه لا يمكننا معالجة مرضٍ نرفضُ الاعترافَ بوجوده وتسميته باسمه.
إنّ الأمر الثابتَ الذي لا جدال فيه هو أنّ كل الهجمات الإرهابية التي جرت في أوروبا وأمريكا على منشآت أو أفرادٍ، والتي قام بها مسلمون، هي أعمال إرهابية أججتها كراهية دينية. ليس بين هذه الأعمال عمل واحد يمكن أن يوصف بأنه جريمة عنف مرتبطة بالعمل أو يمكن أن يقال عن فاعله بأنه مصابٌ بمرضٍ نفسي. هذه التسميات والأوصاف هي في الحقيقة خداعُ للنفس وللأمة علاوةً على كونها إهانة بحق ضحايا الإرهاب. لذلك، فإنّ الواجب يقتضي تسمية هذه الأعمال والقائمين بها بإسمها: "أعمال إرهابية إسلامية" والفاعلون "مسلمون." بدون هذا التحديد الصريح الذي لا مواربة فيه يكون التعامل مع الإرهاب والإرهابيين يشبه معالجة مريض بالسرطان بحبة أسبيرين.
الخطوة الثانية
الخطوة الثانية هي في تحديد المحرضين والممولين لأعمال الإرهاب وتسميتهم بأسمائهم الصريحة أيضاً. فالقول بأن معظم الإرهابيين أفرادٌ تطرّفوا على أيدي جماعات إرهابية خارج البلاد وعن طريق الانترنت ليس صحيحاً تماماً. ليس بين الإرهابيين الذين نفذوا جرائمهم المروعة، أو أولئك الذين فشلوا في تنفيذها من لم يكن من مرتادي المساجد أو أنه قد أصبح يرتاد المساجد بعد تجنيده. كل واحد منهم كان يتردد على مسجدٍ من المساجد يصلي ويستمع فيه إلى خطب ومحاضرات الأئمة القائمين عليه. هذه المساجد، لو كانت حقاً بيوت عبادة فقط، ولو كانت تعلّم التسامح وتشجّع المصلين على حب البلد الذي يقيمون فيه وتقدير النعمة التي حصلوا عليها بإيوائه لهم، لكان بإمكانها التأثير على عقولهم وتغيير مسارهم الإرهابي. لكنّ الواقع هو على العكس من ذلك تماماً، فمعظم المساجد، إن لم نقل كلها، تتلقف الإرهابيين وترحب بهم وتغذّي تطرّفهم بشكل أو بآخر. معظم الخطب والمحاضرات التي تلقى في هذه المساجد هي ذات طابعٍ تحريضي على كراهية الغرب والمسيحيين واليهود، سواء كانت الإشارة إليهم مباشرة أو مواربةً تحت اسم الكفار والمشركين. لذلك، طالما بقيت المساجد على هذه الوتيرة، فإنها ستبقى تستقطب المتطرفين ليتخرجوا منها بعد ذلك إرهابيين أخصائيين ومرخّصين بجدارةٍ.
إنّ المساجد في الدول الإسلامية تخضع كلها لرقابة الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر. ليس هناك من إمام مسجد في دولةٍ إسلامية يجرؤ على الترويج لفكرة تهدد أمن الدولة أو سلامة شعبها. وكل أئمة المساجد في الدول الإسلامية يحتاجون إلى تراخيص خاصة للعمل والخطابة.
لذلك، فإنّ الخطوة الثانية هي في إصدار تراخيص خاصة لأئمة المساجد لممارسة عملهم بعد التدقيق في خلفية كل واحد منهم. كذلك يجب أن يكون هناك عقوبات صارمة بحق المساجد التي تروج للفكر المتطرف بشكل مباشرٍ وغير مباشر. فإذا كانت الحكومات الإسلامية تخشى على نفسها وأمنها مما يجري ويقال داخل المساجد، فلماذا علينا أن نكون نحن أكثر تسامحاً أو اطمئناناً لما يجري أو يقال وراء جدرانها؟
ربما يقول قائلٌ نحن نختلف عن العالم الإسلامي لا بل وعن العالم كله... نحن نحترم حرية الأديان ونكفل حرية التعبير...! لكنّ الإرهاب في الحقيقة لا يهدد سلامتنا وأمننا واقتصادنا فقط. إنه يهدد النظام نفسه الذي يكفل لنا حرياتنا الدينية والسياسية والفكرية وطريقتنا في الحياة. لذلك، فإن تنظيم العمل في المساجد ووضع مؤسساتها والعاملين فيها تحت الرقابة ليس تعدياً على الحريات الدينية أو حرية التعبير، إنما هو لحماية هذه الحقوق نفسها والتي يعيش المسلمون أنفسهم في ظلها. هذه الحقوق التي تضمن لهم الحق بممارسة دينهم على الرغم مما في هذا الدين من تعاليم تتناقض مع القيم والقوانين الغربية الحضارية.
هاتان الخطوتان لن تأتيا بحل للإرهاب الإسلامي في الغرب، ولكنهما بكل تأكيدٍ خطوتان لا غنى عنهما تمهدان الطريق لخطوات أخرى ستُصبح أكثر سهولة لاحتوائه والخلاص منه.
====================
(الموضوع مترجم إلى الإنجليزية)
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط