إسحق مارديني
/
Aug 30, 2014
دخلَ الحافلةَ بوجهٍ مكفهرٍّ، قد حفَّ شاربَه، وهيّأ لحيتَه ذات الشّعيرات القليلة المتفرّقة، بقدمين عاريتين في حذاءٍ واسعٍ، وثيابٍ تتهدّل بلا كواء، ثُمَّ ألقى نظراتَه المتجهّمة ذات اليمين وذات الشّمال، وجلس. وضعَ سمّاعتيه في أذنين خاشعتين مؤمنتين تأبيان أن تستمعا إلى عريِ الصّباح وجمالِه المليء بالعورات، وفتحَ هاتفَه المحمول على صفحة القرآن بلغته الأمّ تقابل العربيّة لغة إلهِهِ المقدّسة، ومضى يستمعُ إلى آيات مجوّدة تلعن الكفّارَ وتستبيح أهلَ الشّرك! كانَ يحملُ حقيبةً سوداء كلُّ من يراها يفكّرُ في وزنِ المتفجّرات فيها، ثُمَّ يمضي مفكّرًا في لحظات التّفجير المقبلة...
بهذه الصّورة الصّباحيّة التي رأيتُها، سيصنعُ هذا المهاجرُ الآسيويُّ المسلم مستقبلَه في السّويد، بعدَ أن هجرَ بلادَ الإسلامِ والإيمان لأنّه لم يطق العيشَ فيها، إلى بلادِ الكفّار والزّنادقة والمُشركين، بلادِ العلمانيّة التي تمنحه كلَّ حقٍّ يجعلُ منه إنسانًا بحقّ. تمنحه كلَّ أشكال الحريّات ووسائل التّعبير والجمال، كلَّ ما لم تمنحه إيّاه بلادُه، بلادُ الإيمان. هذا المهاجرُ الذي هجرَ بلادَ الإسلام لأنّه لم يطق العيشَ فيها، إلى بلاد الكفر، جاءَها ينشرُ فيها الإسلام ولو بالسّيف، ليصنعَ من مستقبلِها بلادًا لا يطيقُ أحفادُه العيشَ فيها.
الإسلامُ يجعلُ من الإنسانِ غبيًّا معميًّا على قلبِهِ وخاصّة أولئك المسلمون الذين نالهم من عنت الإسلام وظلمِه الكثير ونخصّ بالذّكر المرأة المسلمة. لا يُمكن هذا الإنسان الأعمى أن يقرأَ شيئًا من دروسِ التّاريخ ولا حتّى أن يتعلّمَ من واقعِهِ هو نفسه، مع معرفته بحالِهِ وحال المسلمين غيره في البلاد التي يحكمها الإسلام. أيُّ انفصالٍ يخلقُه الإنسان في الفرد بين المعرفة والإدراك، بين أن يعلمَ وبين أن يعيَ ما يعلمه، وقلّةٌ قليلة هم أولئك الذين استطاعوا أن يربطوا بين الاثنين فيجمعوا المعرفة بالوعي ليتحوّلوا بين يومٍ وليلة إلى "كفرة"!
هذا المهاجرُ الآسيويُّ هو مثالُ غباء المسلم المطلق (المطلق ما دامَ خاضعًا لأحكام الدّين المطلقة)، هربَ من بلادٍ إسلاميّة ليرجو العيشَ الأفضل فجاءَ بلادًا وجدها ليست على الإسلام ولا منه بشيءٍ، بلادًا منحته كلَّ شيءٍ تمنّاه ويتمنّاه، منحته الحبَّ والاحترام والجمالَ والفرحَ (هذا إذا استطاعَ أن يعيَ هذه القيم التي وجدَها)، ومع ذلك لا يستطيع أن يقبلَها ما دامت على غير الإسلام، ولو كانت بلا دين! وسيسعى في السّنوات المقبلة جاهدًا بمالِه وبنيه، بكلّ زينة الحياة الدّنيا التي مُنِحها، أن يقودها نحوَ الإسلام، أن يأسلمَ هذه البلاد ناشرًا المساجد التي تحضُّ على الكراهية والظّلم والعنصريّة والإقصاء كلَّ ركعةٍ وصلاة. محوّلًا هذا الجمال إلى جحيمٍ سيهربُ منه لا بُدَّ أحفادُه لأنّهم لن يستطيعوا العيشَ في بلادِ الجحيم هذه. أيوجدُ مثالٌ أسطع من هذا على غباء المتديّن المسلم؟!
بالإضافةِ إلى الغباء وانقطاع الصّلة بين المعرفة والوعي، يُمكننا أن نضيفَ بكلّ أريحيّة صفةَ نكران الجميل إلى كلِّ مسلمٍ على هذا الشّكل. لأنّه وإن تمتّع بضيافة هؤلاء القوم الأسوجيّين الكفرة، فإنَّ في داخلِه حقدًا عليهم لأنّهم ليسوا مسلمين، وإنّهم ما داموا كذلك فأنفسهم وأموالهم ونساؤهم حلالٌ عليه نهبًا واغتصابًا حالما يتسلّم زمامَ السّلطة وكرسيّها الأحمر! هل يعلم السّويديّون وهل يدركون ماذا يردّد المسلمون في صلواتهم أيّامَ الجمعة في مساجد السّويد ومحافل هيئاتهم واجتماعهم؟! هل يعلمون كمَّ الأكاذيب التي ينشرونها عن دينهم إخفاءً لما سيأتي في القريب؟!
قالَ محمّد: "يا معشرَ قريش، أمّا والذي نفس محمّد بيده، لقد جئتكم بالذّبح" (مصنّف ابن أبي شيبة، مسند أحمد، خلق أفعال العباد للبخاريّ، صحيح ابن حبان، ودلائل البيهقيّ وأبي نعيم). وليست كلمة أصدق وأوقع تعبيرًا من كلمة محمّد هذه في وصفِ ما جاءَ به، ليسَ إلى قريشٍ فحسب، بل إلى العالم أجمع.
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط