لاتحلبوا البقرة

اتصل بي أحد الأصدقاء الذي يعمل رساماً على الزجاج في ورشة يملكها في أحد شوارع صنعاء، وطلب مني المساعدة للتدخل في فض نزاع مع أشخاص إسلاميين متطرفين، بعد أن تلقى تهديداً منهم بترك عمله بحجة أن هذا العمل الذي يمارسه يتنافى مع الشريعة الإسلامية وهو بالتالي حرام.

ذهبت الى ورشته فوجدت عدداً منهم داخل الورشه وهو في وسطهم يتلقى منهم التهديد والوعيد إن لم يترك عمله، فتدخلت لأهدّئ شيئاً من الجو المشحون ودعوتهم لمناقشة الموضوع بروية عسى أن أنقذ صاحبي من هذا المأزق.

قلت لأحدهم الذي كان يبدو من خلال مظهره بأنه كبيرهم .
ما المانع ياسيدي من مزاولة هذا العمل؟
قال إنّ الرسم حرام وهذا يتنافى مع الدين.
قلت: لكنه يرسم زخارف إسلامية جميلة ومناظر سياحية لبعض مساجد المدينه؟
قال: ولكنه يبيع في محله مرايا وهذا حرام لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينظر في حياته الى مرآة؟
قلت: هو كذلك لم يأكل في حياته أيس كريم فهل الأيس كريم حرام؟ ولم يرتدِ سروال جينز فهل ارتداؤنا الجينز حرام؟ ولم يشرب الكوكاكولا وهي من صنع اليهود وأنتم تشربونها أفليست حرام؟
فتدخل أحدهم على الفور وقال لصاحبه أتركهم هؤلاء زناديق كفرة يسخرون من النبي فوالله إن لم يتوبوا سيكون لنا شأن معهم.

انتهى الموضوع عند هذا فخرجت من الورشة مذهولاً ورحت أبحث عن موضوع المحرمات في هذا البلد ذلك لأنني حديث عهد ولا أعلم الكثير عن مثل هذه المواضيع في هذا البلد. فكان الذي حصلت عليه من معلومات وكانت كلها مدعاة للسخرية وألخصها بالتالي:
1 ـ  عند شراء الخيار من سوق الخضار يحرم دخوله الى البيت إلا بعد تقطيعه.
2 ـ يحرم تعليق الصور والمرايا على جدران البيوت مهما كانت .
3 ـ يحرم تناول المخلل لأنه نوع من أنواع الخمور .
4 ـ الدعوة لتشويه جميع صور محلات الكوافيرات النسائية التي تظهر فيها وجوه لنساء حاسرات الرأس .
5 ـ يمنع دخول قناني المشروبات الغازية الزجاجية لأنها مخروطية الشكل فتثير شهوة المرأة (هذا حسب إدعائهم)
6 ـ تمنع المرأة في الأرياف اليمنية من حلب البقرة لأن حلمة الضرع تشبه عضو الذكر وهذا يثير شهوتها (حسب إدعائهم)

والقائمة تطول...! لكن الغريب في الأمر أنهم لم يحرموا مضغ القات على الجنسين لأنهم وقعوا أسيري هذه العادة الكريهة والذي يعتبر من المواد المحظور إدخالها لأي بلد حتى السعودية. اليس في ذلك مفارقة؟

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط