بسام درويش
/
Apr 05, 2011
ماذا وراء الإسلاموفوبيا؟
من أرشيف الناقد:
5 أبريل 2011
تحت هذا العنوان كتب خالد القشطيني المقالة التالية في صحيفة الشرق الأوسط في 3 أبريل 2011
==========
أثارت البارونيس سعيدة حسين وارثي، العضو في مجلس اللوردات ورئيس حزب المحافظين، ضجة في الأيام الأخيرة بقولها إن الجمهور البريطاني أصبح معتادا في كلامه على الإساءة إلى المسلمين. وجرت الضجة إلى التدقيق في موقف الأوروبيين عموما تجاه الإسلام والمسلمين. تبين أن معظم الأوروبيين أخذوا يتخوفون وينزعجون من المسلمين.
الموضوع في رأيي لا يتعلق بالإرهاب بقدر ما يتعلق بالسلوك. فنحن جئنا من عالم معتاد على الفوضى وتجاهل النظام والقانون وحقوق الآخرين. نتصرف من هذا المنطلق في محيط مختلف قائم على احترام النظام والقانون والآداب العامة وحقوق الآخرين. وبتصرفنا هكذا نزعج مضيفينا ونثيرهم ضدنا. أبسط مثال على ذلك، قيام بعضنا بقتل بناتهم أو ضربهن ضربا شديدا أو اضطهادهن لوقوعهن في حب أحد، ولو من ملتها.
أنا شخصيا احتجت لسنوات طويلة لأتأقلم على سلوك الغربيين. وما زلت أقع في كثير من الإساءات التي أرتكبها عفويا أو جهلا مني. ولكنني أصبحت أشارك هؤلاء القوم في انزعاجهم من سلوكياتنا. شعرت بهذا القرف في الأسبوع الماضي عند مراجعتي للعيادة الطبية المسجل لديها. كل أطبائها ومرضاها إنجليز. أنا العربي المسلم الوحيد بينهم. ولكن انضم إلي مؤخرا نفر من الآسيويين.
لهذه العيادة موقف مخصص لسيارات الأطباء والإسعاف. كلنا نعرف أنه موقف خاص فلا ندخله. والأطباء والإسعاف يحتاجونه لعملهم وخاصة للتحرك السريع عند الطوارئ. أنا أذهب بالبايسكل أو بالباص للعيادة. ودفعت غرامة كبيرة عندما جئت بسيارتي وتركتها في الشارع.
كنت جالسا في العيادة عندما رأيت نفرا من الآسيويين المسلمين يقتحمون الموقف الخاص، لا بسيارة واحدة وإنما بسيارتين؛ واحدة للمريض والأخرى للأصدقاء المشجعين! تركوا السيارتين في الموقف حتى انتهاء الفحص والمراجعة. سيلومني أحد إذا شعرت بالتقزز والتفتيش عن عيادة أخرى لا يوجد بين مراجعيها مسلمون آسيويون؟
هذه هي المشكلة السلوكية التي تجعل الغربيين يكرهوننا. والمطب هنا أن الإنجليز أيضا يتحملون مسؤوليتها. فأدبهم يمنعهم من تنبيه المقصر وتعليمه. »اسمع يا ولد، هذا مكان يحتاجه الأطباء والإسعاف لسياراتهم. و(يا غريب كن أديب)!». المغترب الآسيوي يأتي لأوروبا من دون أي أحد يوجهه ويعلمه. ويستقر ويتجنس من دون أي توجيه. ويستمر على سابق ما تعلمه من سلوك في وطنه الأصلي، ويجلب لنفسه ولقومه وملته الملامة ثم الكره ثم الاضطهاد. المفروض أنه بمرور الزمن يلاحظ كيف يسلك الآخرون ويتعلم منهم، عملا بالمثل اللاتيني: »في روما افعل ما يفعله الرومان!»، ولكن ذلك قلما يحصل. هذه هي الرسالة التي ينبغي أن يتلقاها المغترب المسلم من الوعاظ في المسجد، والمعلم في المدرسة، والموظف في سفارته.
الأدهى من كل ذلك، أن كثيرا من الدبلوماسيين العرب يقضون سنوات في الغربة ولا يتعلمون شيئا من سلوك الغرب، ويتصرفون كما لو كانوا في أحيائهم الشعبية في علاوي الحلة أو العجوزة، بل وأكثر من ذلك، يستغلون حصانتهم الدبلوماسية في تجاهلهم لكل الأنظمة والمتطلبات القانونية للبلد الذي يعملون فيه.
http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=615436&issueno=11814
==============
تعليق بقلم بسام درويش
هكذا إذًا...! الكاتب يرى أن تخوّف الغربيين من الإسلام والمسلمين، لا يتعلّق بالإرهاب بقدر ما يتعلّق بسلوك المسلمين.
هل حقًّا إن سلوك المسلمين في أوروبا أو أمريكا أو دول الغرب الأخرى، هو الأمر الذي يحتل المرتبة الأولى على قائمة أسباب "التخوّف من الإسلام"؟
كلمة "فوبيا" التي أصبحت ترتبط في هذه الأيام بالإسلام والتي لم نسمع عن ارتباطها بدين من الأديان عدا الإسلام، هي من الكلمة اليونانية phobos أو اللاتينية phobus ومن ثم الفرنسية phobe وهي في كل هذه اللغات تعني "الخوف من" أو "التخوّف من"، وتقابلها بالعربية كلمة رهاب.
وتفسر الموسوعة العربية العالمية كلمة الرهاب بما يلي:
الرهاب خوف متأصل شديد، على نحو مفرط من شيء معين أو موقف. وتشمل أنواع الرُهاب الشائعة، الخوف من الزحام والظلام والأماكن المرتفعة، وبعض الحيوانات مثل القطط والثعابين أو العناكب. وقد يؤثر الرُهاب بشدة على حياة المرء، ولربما يقضي المصابون كثيرًا من أوقاتهم قلقين في مخادعهم، وقد يتملكهم الهلع الشديد من القيام بالأنشطة العادية.
سلوك المسلمين الذي يتحدث عنه الكاتب يثير التقزز في النفس بكلّ تأكيد، ولكنّ التقزز وحده لا يؤدّي بالضرورة إلى شعور مفرط بالتخوّف، أي إلى "فوبيا". إنه لأمر يبعث على السخرية أن يعتقد أحد بأن الغربيين يتملكهم الهلع الشديد وأنهم يفقدون النوم لمجرد التقزز من المسلمين، أو الشعور بالقرف كما يقول الكاتب.
كلمة "إسلاموفوبيا" تعني "التخوّف من الإسلام" وليس التقزز من المسلمين.
التخوّف من الإسلام والمسلمين هو نتيجة الأعمال الإرهابية الإسلامية التي عانى الغرب وما زال يعاني منها.
ليس هناك كالغربيين شعب يتفهم الخلفية الاجتماعية والثقافية للمهاجر، وقد اعترف الكاتب بذلك بنفسه حيث قال إن أدب الإنكليز يمنعهم من تنبيه المقصّر وتعليمه بالطريقة التي اعتادها المسلمون في بلادهم.
تصرفات المسلمين التي تبعث على التقزز، كتلك التي يتحدث عنها الكاتب، ليست بالأمر الجديد على الغربيين، وأنا إن أنسَ، لا أنسى منظرًا لعربٍ مسلمين في حديقة الهايد بارك في لندن، خلال رحلة إليها في السبعينات، وهم يجلسون على العشب يأكلون البطيخ ويرمون القشور خلف ظهورهم لا يهمّهم أين تقع أو على من تقع! كان منظرًا يبعث على التقزز حقًّا. لا أنسى أيضًا عربيًّا كان بصحبتي في باريس ذات يوم لم يستطع الصبر لحظات كي يدخل إلى الفندق، فقام بالتبوّل في موقف السيارات. تصرفات كهذه تثير التقزز أكثر من تلك التي يتحدث عنها الكاتب، ولكنها ليست ولم تكن في يومٍ من الأيام مصدرًا للفوبيا التي تسيطر على الغربي في علاقاته مع المسلمين، لا في الماضي ولا في هذه الأيام.
حتى الحادي عشر من سبتمبر، لم تكن كلمة إسلاموفوبيا شائعة بين الناس. لكن منذ ذلك اليوم السيّء الذكر، ظهر شعور الخوف من الإسلام وبدأ الناس يتساءلون عما يمكن أن تضمّه هذه الايديولوجية من تعاليم تدفع أتباعها إلى ارتكاب جريمة كتلك الجريمة.
قبل ذلك، كان الغربيون بشكل عام لا يعرفون شيئًا عن الإسلام. وبعد الحادي عشر من سبتمبر أصبح القرآن محط دراسة للكثير منهم ليزداد الإقبال عليه بشكل أكثر مع كل عمل إرهابي إسلامي جديد. ومما يبعث على السخرية أن كثيرين من المسلمين أخذوا يفسرون الإقبال على شراء القرآن على أنه إقبال على الإسلام وقبوله!
يتابع الكاتب ويقول: "وبتصرفنا هكذا نزعج مضيفينا ونثيرهم ضدنا..."!
أهذا هو كلّ ما يعتقد الكاتب بأنه يزعج اليوم مضيفيه المؤدبين ويثيرهم ضد المسلمين ويخلق في قلوبهم موجة "التخوّف من الإسلام"؟
ماذا عن المسلمين الذي يخرجون في بريطانيا وغيرها من دول أوروبا، يحملون اللافتات التي تهدد بقطع رؤوس الغربيين أو التي تتنبأ بسيطرة قريبة للإسلام على الغرب...؟!
ماذا عن دماء وأشلاء مئات الضحايا من المدنيين التي تناثرت في محطتي القطارات في لندن ومدريد، ومبنى التجارة العالمي في نيويورك، وفي بومباي وإندونيسيا وغيرها...؟! وماذا عن المؤامرات الإرهابية الإسلامية التي يُكشَف عنها كل يوم في العالم، والتي لو لم يجرِ الكشف عنها قبل حدوثها لكانت قد أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين أكثر من كل العمليات الإرهابية السابقة بمجموعها؟!
ماذا عن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها مسلمون ضدّ مسلمين، وأعمال جلد الأطفال والنساء والمعلمين أو ورجمهم حتى الموت...؟! هل هذه الأعمال كلها يستثنيها الكاتب كأسباب وراء الإسلاموفوبيا بقوله إنّ موضوع الإسلاموفوبيا برأيه لا يتعلق بالإرهاب بقدر ما يتعلق بسلوك المسلمين.
الأدهى من ذلك، يركّز كاتبنا على سلوك "المسلمين الآسيويين" وكأن سلوك المسلمين العرب يرفع الرأس حقًّا.
يقول الكاتب إنّ "المغترب الآسيوي يأتي لأوروبا من دون أي أحد يوجهه ويعلمه. ويستقر ويتجنس من دون أي توجيه. ويستمر على سابق ما تعلمه من سلوك في وطنه الأصلي، ويجلب لنفسه ولقومه وملته الملامة ثم الكره ثم الاضطهاد".
أهذا حقاً يا سيد قشطيني هو كل ما ترى بأنه يجلب الملامة لملّة الإسلام؟ ألم يخطر بفكرك وأنت تكتب هذه الكلمات بأن تعاليم هذه الملّة هي بحد ذاتها المصدر الرئيس لخوف الغربيين من الإسلام، أي الإسلاموفوبيا؟
أية ملامةٍ يجلبها لملّة الإسلام أكثر من تعاليمها هي نفسها!
أليست تعاليم هذه الملّة هي التي تأمر المسلمين بقتال كل من لا يتبعونها ولا يؤمنون بها؟
أليست تعاليم هذه الملّة هي التي تحرّض على كراهية الغير ورفضه؟
أليست تعاليم هذه الملّة هي التي تعلّم المسلم أن لا يصادق غير المسلم وأن يعتبر أرض غير المسلم دار حربٍ كل ما فيها مباح له وحلال عليه؟
أليست تعاليم هذه الملّة هي التي تعلّم احتقار المرأة وتعتبرها بأنها مخلوق أدنى من الرجل وتسمح للرجل بضرب امرأته ورجم ابنته؟
الغرب يا سيد قشطيني لم يعد جاهلاً بهذه التعاليم وكلما ازدادت معرفته بها ازدادت إسلاموفوبيته!
لقد أصبح الغرب واثقاً بأن هذه التعاليم هي أكبر خطر لا يشمل فقط أمن مجتمعه أو اقتصاده، إنما حضارته والإنسانية كلها. ولم يعد يجهل أن المساجد التي يتكاثر عددها على أرضه ليست إلا بؤراً لتخريج الإرهابيين الذين يعملون على تدميره. أوَ بعد كل ذلك تتحدث عن رسالةٍ ينبغي على وعّاظ هؤلاء المساجد أن يبلّغوها للمغترب المسلم؟
أية رسالة سيبلّغها هؤلاء الوعّاظ غير الرسالة التي تتضمنها تعاليم الإسلام التي قال عنها محمد بأنه ما بُعِث للناسِ إلا بالرعب وما جاء العالم إلا بالذبح وأن جنته التي يسعى إليها هي تحت ظلال السيوف؟
********
يقول السيد قشطيني إنه أصبح يشارك هؤلاء القوم في انزعاجهم من سلوكيات المسلمين...!
مشاركتهم الانزعاج...؟ آن لك يا سيد قشطيني أن تشارك القوم إسلاموفوبيتهم كي تكون صادقًا معهم ومع نفسك.
*********
*****
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط