لا أحد يستطيع أن يتنكّر لما قامت به الكنائس الغربية والمنظمات الدينية التابعة لها خلال سنوات عديدة من إنشاء مدارس ومستشفيات ومؤسسات إجتماعية كثيرة في الدول العربية والإسلامية، خاصة في دول إفريقيا الشمالية. غير أن نشاطها لم ينجح كثيرا في تعريف روّادها وكل المستفيدين من خدماتها برسالة السيّد المسيح، أي "سيدنا عيسى"، كما يدعوه القرآن . لقد قيل إن الشعوب الإسلامية بحكم طبيعتها عصيّة على تقبّل الفكر الديني المسيحي. كذلك وُصفت عقول هذه الشعوب بالمغلقة على كل ما من شأنه أن يثنيها عن عقيدتها الصامدة بقوة وكبرياء أمام أية إيديولوجية أخرى غريبة عن تراثها. غير أن الروح القدس لا يحتاج إلى وسطاء ولا يهاب جبهات الرفض والصمود ولا يرتعب من فتاوى الأئمة وأحاديث الأنبياء، بل ينفذ مباشرة إلى قلوب وضمائر الآلاف والملايين من المسلمين ليتعرّفوا إلى المسيح المخلّص ومدى حبّه لبني البشر. هذه الظاهرة تتجسّد اليوم بكثرة في مناطق عديدة من العالم الإسلامي وتكشف أن لا شيء مستحيل في نظر الربّ، كما هو الحال مع "رشيد أوجيبو".
في فرنسا يتفاجأ روّاد المكتبات هذه الأيام برؤية كتاب يتصدّر واجهاتها وعلى غلافه صورة صاحبه المدعو "سعيد أوجيبو". هذا المغربي الأصل والفرنسيّ الجنسيّة، يعلن على الملأ بجرأة خارقة: أنا عربي ومسيحيّ، وهذا مصدر فخري واعتزازي.
عنوان لا يترك أحدا يمرّ عليه مرور الكرام. يستوقف كل فضولي أقلّه للنظر إليه أو لتصفّحه إن لم يكن لشرائه حالا وقراءته سريعا. وهذا ما حصل مع كثيرين من الفرنسيّين وكذلك مع السيّاح العرب الذين يتكاثرون على الأراضي الفرنسيّة.
لم يكتب سعيد هذا الكتاب، بل أجاب عن أسئلة الصحفيّ الفرنسي "بول أوهلوت" الذي حاوره حول طفولته ودوافع هجرته مع والدته وإخوته وأخواته العشر من المغرب إلى فرنسا في سبعينات القرن الماضي إلتحاقا بالوالد الذي كان يعمل هناك، ثم عن طريقة عيشه في مرحلة الطفولة والمراهقة وانحرافه والمآزق النفسية التي عانى منها. ثم توقف معه طويلا حول عملية اكتشافه للمسيح وكيفية انخراطه في الطريق التي رسمها لمحبّيه وأتباعه، بالإضَافة إلى الرسالة التي كرّس نفسه لها بمشاركة "زوجته فاطمة أوجيبو" والكثيرين من المغاربة الذين تعرّفوا أيضا مثله إلى المسيح واختاروا الطريق وراءه، حاملين رسالة المحبة والسلام في البيئة التي يعيشون فيها.
في الواقع، بين ليلة وضحاها وجد سعيد نفسه في غربة رهيبة وتمزّق نفسيّ مؤلم، وذلك كنتيجة طبيعية لمغادرة قريته النائية في المغرب وتركه رفاق الطفولة والأقارب والجيران وانقطاعه نهائيا عن تلك البيئة التى أبصر النور وترعرع فيها، ثم انتقاله مع كامل أفراد الأسرة للعيش في قرية "شارم" الواقعة في جنوب منطقة "اللوران" شرق فرنسا.
تعرّض سعيد خلال طفولته في وطنه الجديد ومرحلة المراهقة لاضطرابات نفسيّة دفعته إلى التمسّك بالممارسات الدينيّة الإسلامية كتراث يذكّره ببلده الأم ويحتمي في كنفه في مرحلة من العمر يعاني فيها كل مهاجر من أزمة ضياع وغربة وشعور بفقدان هويته الحقيقيّة، خاصة عندما يصطدم بوقائع إجتماعية متناقضة تزيد من معاناته وتمزّقه النفسي بين الشعور بعداوة المواطنين الغربيين له ولبني قومه المغاربة وبين ضغوط الحركات الإسلاميّة المتغلغلة في أوساط المهاجرين. وهذا ما حدا به إلى الإنحراف سريعا نحو أعمال العنف والممارسات الشّاذة التي غالبا ما يلجأ إليها عدد كبير من أولاد ومراهقي الجاليات المغاربية المهاجرة في أوروبا، خاصة أبناء الجيل الثاني والثالث، الذين يغرقون في حالات من اليأس المميت أمام أبواب مسدودة فيتخبّطون في واقع إنحداريّ مرعب.
ما أن بلغ سعيد سنّ الحادية والعشرين حتى وجد نفسه تعبا منهكا من هذه الحياة المليئة بالضوضاء والمشاجرات وأشكال العنف. فاستسلم للكآبة والتشاؤم المفرط كما انسدّت معظم الآفاق في وجهه. فما كان منه إلا الإنغماس في ارتياد علب الليل وفي استهلاك الكحول والمخدّرات والمتاجرة بها. غير أن هذا النمط من العيش لم يرو عطشه الروحي كما لم يضمّد جروحه النفسية المتكاثرة. فأخذت الدوّامة الجهنمية تتعمّق في حياته وسلوكه وتدفع به إلى الحضيض.
في هذه الحالة بالذات، ودون أي توقّع يذكر، اكتشف سعيد أن الربّ الذي كان بنظره وفي معتقده بعيدا عنه ومن المستحيل الوصول إليه، جاءه في تلك الفترة الأليمة المضرجة بقساوة الكآبة ومرارة اليأس والازدراء. جاءه الربّ بنوره فدعاه إلى الحياة معه من جديد وطيّ صفحة الماضي والعمل في كرمه. سمع النداء ولبّى حالا الدعوة. فكانت المفاجأة "المضنية والكارثيّة" لوالديه وإخوته ورفاقه ومعارفه في الأوساط المغاربية، فتعرّض للإضطهاد في بيئته الإسلامية ومن بني قومه، كما هو الحال مع كل المسلمين العابرين الذين يختارون طريق يسوع الناصريّ واتّباع تعاليمه.
لم يكترث سعيد لكل ما تعرّض له من مضايقات، بل انتهج طريقا جديدا في حياته. انكبّ على دراسة الإنجيل وتعمّق في اللاهوت والدراسات الإسلامية، حتى اصبح قسّا في الكنيسة البروتستانتية واحد كبار العاملين تحت رايتها.
إذا كان عدد المسلمين الذين اختاروا طريق المسيح قد تجاوز اليوم عشرات الآلاف في فرنسا، فعددهم كان ضئيلا جدّا قبل عشرين سنة. أما سعيد فيعتبر نفسه من رعيل المغاربة الأول الذين تركوا الإسلام وتعاليمه المضلّلة وتوجّهوا لخدمة السيّد المسيح.
كيف حصل ذلك؟ هذا الكتاب الصغير الذي لا يتجاوز عدد صفحاته المائة وثلاثين صفحة، يكشف لنا عن مختلف المراحل التي مرّ بها سعيد، عن الصعوبات والمآسي التي عانى منها، عن إيمانه القوي بالسيّد المسيح وعن اندفاعه القويّ لإعلان بشارته ونقلها إلى المسلمين. يكفي الاستماع إليه عندما يخطب أمام الشباب والشابات في ضواحي المدن الفرنسية "الساخنة"، ليشعر المرء بأنه مهما اشتدّت حالات الضيق والعذابات والمآسي، تزداد القلوب انفتاحا أمام رسالة السيّد المسيح. كم من مرّة أنذر سعيد المسؤولين السياسيين والدينيين بأن الضواحي الفرنسية "الساخنة" لا تحتاج إطلاقا إلى زيادة في عدد رجال الشرطة للحفاظ على الهدؤ ولا إلى تكثيف الإجراءات الأمنية المتنّوعة فيها لتثبيت الأمن، ولا إلى المساعدات الإجتماعية والمالية التي لم ولن تجدِ نفعا ولن تغيّر شيئا. كل هذه التدابير لم تفلح إطلاقا بل تثير الإمتعاض والرفض والتمرّد، كما تفرز شعورا بالتهميش والعزلة. فالغضب يتعمّق والأحقاد تتزايد والكراهية تتراكم في قلوب وعقول المحرومين وتدفع بهم إلى الخروج عن الشرعية وإلى ممارسة الإجرام على مختلف أنواعه. إن ما تحتاج إليه فعلا ضواحي المهاجرين بنظر سعيد ليس إلا كنائس ومرسلين يبشرون برسالة المسيح ويُسمعون الشباب الضائع في الضواحي صوت من قال للبشرية جمعاء: أنا هو ينبوع النور والحقّ والحياة. لا شيء غير الإنجيل بنظره يستطيع تأليب القلوب وإصلاح النفوس ونزع الأحقاد والكراهية وزرع السلام مكانها. هذا هو الطريق الذي أنقذ سعيد قبل عشرين سنة وساعده في الرسالة التي اختارها لنفسه كرسول لسلام المسيح.
هل سيكون سعيد بولس القرن الحادي والعشرين؟
هذا المربّي المتخصّص في مواجهة العنف المديني المتصاعد، هذا الخبير في الدراسات الإسلامية، هذا العامل النشط منذ خمسة عشر عاما في الأحياء السكنية الصعبة، هذا المسلم الذي حلّ عليه الروح القدس فاهتدى إلى نعمة الرب، لا يرى سوى الإنجيل أملا وحيدا لتغيير قلوب وعقول سكّان الضواحي الفرنسيّة "الساخنة" التي تسكن فيها جاليات مغاربية مهاجرة تعيث فيها الحركات الإسلامية فسادا. إنه فعلا الرسول بولس في هذا القرن، يؤمن بعامل التربية الصحيحة وبسياسة مستوحاة من القيم المسيحية. فهو أدرى من أي مسؤول سياسي بمشاكل الضواحي وأبناء المهاجرين المتعطشين إلى قيم الصدق والاستقامة والسلام والتعاون والاحترام المتبادل. فهو مقتنع بأن هذه القيم الإنسانية لا يمكن تنشقها واكتسابها إلا عبر محو أميّة الأمهات وتثقيفهن ومرافقة الأولاد في مسارهم التعليمي، وتلقينهم المبادئ الإنجيلية القائمة على محبة الآخرين.
هذه هي رسالة "سعيد أوجيبو"، فهو يعمل ويتنقل باستمرار في معظم الضواحي الفرنسية حاملا إلى سكانها بشارة السيد المسيح أي بشارة المحبة. فالمتتبعون لنشاطه يدركون جيّدا أن زرعه أينع ثمارا وافرة وما زال. والدليل على ذلك، المؤتمر الأوروبي الأول للمسيحيين من أصول مغاربيّة أو شرق أوسطيّة الذي دعا إليه في أيار 2009. فقد أثبت هذا اللقاء بشكل ملموس ثمار الرسالة التي يمارسها "رسول القرن الحادي والعشرين، سعيد أوجيبو" في ضواحي المدن الأوروبية المكتظّة بالمهاجرين المغاربة والمسلمين، كما كشف عن دور الكنائس التي أقامها هؤلاء المسيحيّون الجدد في هذه المناطق.
من يدري؟ هل تعود شعوب المغرب، إنطلاقا من فرنسا، إلى سابق عهدها وتراثها المسيحي الذي حطّمته فلول الغزاة والمحتلين المسلمين بالسيف وسفك الدماء؟!
عنوان الكتاب.
Fier d’être Arabe et Chrétien
Par Saïd Oujibou, en collaboration avec Paul Ohlott,
Editions Première partie, Paris, France, 2010, 126 p.
يستطع القارئ الإطلاع أيضا على الروابط التالية التي تعطيه تفاصيل أكثر عن سعيد أوجيبو ونشاطه ورسالته
Vidéos correspondant à Saïd Oujibou
Interview exclusive de Saïd Oujibou, le nouvel évangéliste
topchretien.jesus.net/topinfo/view/10749/ -
Saïd Oujibou ~ Pour que tu croies
pour-que-tu-croies.blogspot.com/.../sad-oujibou.html -
[audio] Saïd Oujibou : de l'islam au christianisme
www.bivouac-id.com/.../audio-said-oujibou-de-l’islam-au-christianisme/ -
Lumière 101 : Blog Archive : Saïd Oujibou : de l'Islam au ...
lumiere101.com/.../said-oujibou-de-lislam-au-christianisme/ -
Dailymotion - Complement d'enquete france 2 saïd oujibou - une vidéo
www.dailymotion.com/.../x3hihb_complement-d-enquete-france-2-said -
Saïd Oujibou, l'évangéliste marocain des banlieues.Les Arabes ...
www.yabiladi.com/.../said-oujibou-evangeliste-marocain-banlieues-66-1469482-page=1.html –
Interview de Pasteur Said OUJIBOU
vimeo.com/10332582 -
Said Oujibou : de l'Islam à Jésus Christ
langedeleternel.centerblog.net/935510-Said-Oujibou-de-l-Islam-a-Jesus-Christ -
Dieu, j'ai osé l'appeler Père [ Pasteur Saïd Oujibou Réf: E001243 ...
www.exultet.net/.../pasteur-sad-oujibou-dieu-jai-ose-lappeler-pere.html -
FlashInfo – France 5 : le pasteur Saïd Oujibou face au chroniqueur ...
actualitechretienne.wordpress.com/.../flashinfo-france-5-le-pasteur-said-oujibou-face-au-chroniqueur-eric-naulleau/ - he
S'édifier - Pasteur Said Oujibou - Eglise Evangélique Paris Bastille
www.monegliseaparis.fr/page/.../pasteur-said-oujibou.html -
Saïd Oujibou, fier d'être arabe et chrétien - Croire - Œcuménisme ...
www.famillechretienne.fr/.../said-oujibou-fier-detre-arabe-et-chretien_t9_s56_d56876.html -
Saïd Oujibou - « Beur et chrétien »
www.reforme.net/archive2/article.php?... -
Le spectacle témoignage de Saïd Oujibou “Liberté, égalité ...
www.gospelprodservice.com/tv/video.php?a=7&id=88 -
Saïd Oujibou, un témoignage très fort - Le blog de Librairie 7ici
librairie7ici.over-blog.com/article-said-oujibou-un-temoignage-tres-fort-51305983.html -
Saïd Oujibou, de mahomet à Christ : musulmans Convertis par Jésus!!!
musulmansconvertisparjesus.20minutes-blogs.fr/.../said-oujibou-de-mahomet-a-christ.html -
Saïd Oujibou | Facebook
fr-fr.facebook.com/pages/Said-Oujibou/124861777536614 -
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط