بسام درويش / Mar 11, 2005

نقلت وسائل الإعلام السورية المرئية والمكتوبة، مقتطفات من العظات التي ألقاها بطاركة ومطارنة الطوائف المسيحية في سورية، خلال القداديس المقامة يوم الأحد الواقع قبل ذكرى انقلاب الثامن من آذار. قالت صحيفة تشرين:

"أكّد اصحاب الغبطة والقداسة البطاركة والسيادة المطارنة رؤساء الطوائف المسيحية في سورية أمس ان ثورة الثامن من آذار المجيدة كانت ثمرة النضال والجهاد الثوري الذي خاضه شعبنا ضد الاستعمار والاستغلال وقد ارست مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة واعادة البناء الشامل للحياة الاقتصادية والاجتماعية التي ينعم بها شعبنا اليوم."

"واكدت الكلمات ان ثورة آذار عززت آفاق التعاون والتعاضد والتآلف بين صفوف الامة وعملت على تفعيل دور المؤسسات وتحديث القوانين وتطويرها وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية والمحافظة على الاخلاق الفاضلة والمثل العليا وتعزيز دور القيم الروحية والايمانية."

"وقالت الكلمات: ان السيد الرئيس أوضح في خطابه الحقائق ليطفئ نار الفتنة وليعطي البراهين الساطعة على مواقفه المشرفة من غزو اميركا للعراق ومن حقيقة الوضع في لبنان الشقيق ومن عروبته ووقوف سورية معه وان سورية لم تكن يوما ضد المرجعية الدولية ولن تكون."

************

"الحقَّ الحقَّ أقول لكم!".. عبارةٌ معروفة للمسيح كان يفتتح بها معظم عظاته.

حضرات أصحاب الغبطة البطاركة والمطارنة:

أتحدّى أياً منكم أن يفتتح عظته بهذه العبارة ثم يجرؤ بعد ذلك ان يضع يده على الكتاب الذي يؤمن به ويعلن على الملأ أنه كان يقول الحق!

حضرات أصحاب الغبطة البطاركة والمطارنة، دعوني أقولها لكم بكل صراحة متحملاً مسؤولية ما أقول: إنكم لست صادقين لا مع أنفسكم ولا مع الناس، لا بل أقول، إن النفاق يلبسكم وتلبسونه لبساً!

************

هل منكم مَنْ يؤمن حقاً ومن قرارة قلبه، أن انقلاب البعث الذي تدعونه ثورة، قد "أرسى مبادئ الديموقراطية والحرية والعدالة في سوريا وأعاد البناء الشامل للحياة الاقتصادية والاجتماعية" والتي تقولون بأن "الشعب ينعم اليوم بها؟.."

هل منكم من يؤمن حقاً ومن قرارة قلبه أن الشعب السوري اليوم في "نعيم"؟!! 

هل منكم من يعتقد حقاً ومن قرارة قلبه، أن حركة الثامن من آذار قد "عززت آفاق التعاون والتعاضد والتآلف بين صفوف الامة؟.." وأنها أيضاً قد عملت "على المحافظة على الاخلاق الفاضلة والمثل العليا وتعزيز دور القيم الروحية والايمانية؟.."

يا اصحاب الغبطة:

إن لم تستطيعوا النطق بالحق فعلى الأقل لا تنطقوا بالكذب.

إن خفتم من قول الحق فلربما نفهم موقفكم، على الرغم من أنكم أنتم أولى الناس جميعاً بالجرأة على قول الحق، إذ لن يكون بقدرة حاكمٍ مهما اشتد بطشه أن ينال منكم والعالم اليوم كله أعينٌ مفتوحةٌ عليه!

لكن، أن تقفوا أمام رعاياكم وتكذبوا، فهذا ما لا ندعوه خوفاً.. إنما ندعوه كذبا ونفاقاً.

يتوقع الشعب منكم أن تدعوا إلى ربكم بأن يمنح قادة بلدكم وقادة العالم الحكمة في معالجة الأمور..

يتوقع الشعب منكم أن تطلبوا من هؤلاء القادة إعادة النظر في مواقفهم وتجنب العناد حفاظاً على البلاد والعباد!..

لكن الشعب لا يتوقع أن تقفوا ضده وتصبحوا أبواقاً للنظام.

الحاكم زائلٌ يا حضرات الغبطة.. بكل تأكيد زائل! أما الشعب فباقٍ.. وبكلِّ تأكيدٍ باقٍ!..

نفاقُكم سخريةٌ بآمال الشعب وتطلعاته.

نفاقكم متاجرة بآلامه وفقره وأمراضه. 

نفاقكم دعمٌ للحاكم في ظلمه وانتصارٌ لبطشه.

أنتم من يتوقّع الشعبُ أن يجدَ فيهمُ الملجأَ ساعةَ المحنةِ.. فإن لم يكن بقدرتكم أن تكونوا الملجأ فلا تكونوا العدوّ!

************

أية "ديموقراطية وحرية وعدالة وازدهار اقتصادي واجتماعي" تباركون؟ وعن أي "تعاونٍ وتعاضدٍ وتآلفٍ بين صفوف الأمة" تتحدثون؟

 

أهي ديموقراطية الحزب الواحد والحاكم الفرد والبرلمان المُعيَّن والاستفتاءات المزيفة؟

 

أهي حرية المفكرين الذين يقبعون في السجون، أو حرية الصحافة المملوكة من الدولة، أو حريتكم المزيفة أنتم أنفسكم في اختيار عظاتكم الدينية؟

 

أهي العدالة التي سرقت منكم مدارسكم الخاصة، أم تلك التي جعلت عائلة الأسد بين أغنى عائلات العالم، أم في الحسابات المصرفية الضخمة في بنوك أوروبا التي يملكها أفراد العصابة البعثية الحاكمة؟ أم تراها عدالة الدولة في دفع عملائها للتصدي للمواطنين العزّل الذين يخرجون للشوارع مطالبين بالحريات، وضربهم بالعصي، كما حصل مراراً وكما جرى قبل يومين، أمام قصر "العدالة" بالذات!!!! 

 

أهو الازدهار الاقتصادي والاجتماعي المتمثل بالثلاثين بالمئة من السوريين العاطلين عن العمل، وأساتذة الجامعات الذين يعملون سائقي تكسي في الليل بعد دوامهم النهاري لتأمين رزقٍ إضافي لعائلاتهم؟

 

أي تعاونٍ وتعاضدٍ وتآلفٍ بين صفوفِ أمةٍ أصبحت كل طائفة من طوائفها ـ بفضل هذا الحكم ـ تكره الأخرى وتكيد لها؟

 

تتحدثون عن مواقف الحكم المشرفة من غزو اميركا للعراق ومن حقيقة الوضع في لبنان الشقيق ومن عروبته؟

أراكمُ احترتم بماذا تزاودون في تأييدكم للبعث فأصبحتم بوقاً له ترون في تحرير شعب العراق من صاحب المقابر الجماعية غزواً، وفي مواقف حكامكم مما يجري فيه من قطعٍ للرؤوس مواقف مشرّفة؟!!

وماذا عن الوضع في لبنان يا سادة؟!.. لقد هاجره أبناؤكم وأخوتكم ولم يبقَ فيه إلا أقلية صامدة. أقليةٌ، أسوأ ما تعاني منه هو نفاقكم وجبنكم!

 

أخيراً وليس آخراً: أكاد لا أصدٌّق عينيّ وأنا أقرأ وأسمع تأكيدكم عن "محافظة ثورة آذار على الأخلاق الفاضلة والمثل العليا وتعزيزها لدور القيم الروحية والإيمانية!!!!"

أخلاقٌ فاضلةٌ؟.. مثلٌ عليا؟.. قيمٌ روحانيةٌ وإيمانية أرساها وعززها البعث؟؟!!.. لقد بلغ سيل نفاقكمُ الزبى!!

سوريا لم تعرف في تاريخها فساداً كما عرفته اليوم.. وبالضبط منذ وصول هذه العصابة التي تكليون لها الثناء إلى الحكم!

هل الأخلاق والمثل والقيم بنظركم هي في انتشار الكراخانات التي تباع فيها الفتيات السوريات لأغنياء الخليج وغيرهم؟.. أم أنكم لم تسمعوا بعدُ بها؟!

هل الأخلاق والمثل والقيم تتمثل في أن يخصص المواطن جزءا من ميزانيته لدفع البراطيل لتسيير أموره اليومية؟!!

ألعلّها تتمثل في انتشار المخدرات بين الشبيبة العاطلة عن العمل، ناهيكم عن السرقات والجرائم التي تتستّر عليها أجهزة إعلام الدولة؟!..

لماذا لا تستشهدون لنا ببعض هذه المثل والقيم والأخلاق التي تقولون بأنها ثمرة "ثورة آذار المجيدة"؟!!

إذا كان هذا ما أصبح بنظركم أخلاقاً ومثلاً وقيماً، فيالهُ من منحدرٍ قدِ انحدرتم إليه!

*********

لقد دخل معلمكم إلى الهيكل فقلب موائد الصيارفة وتجار الحمام وطردهم منه قائلاً لهم: مكتوبٌ بيتي بيتُ صلاةٍ يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة للصوص!..

وغداً يا أصحاب الغبطة، سترونه يدخل متمثلاً بشعبٍ غاضبٍ ليقول لكم: اخرجوا من بيتي يا مراؤون ويا تجار السياسة! 

********************

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط