بسام درويش / Aug 10, 2001

جريمة شنيعة ارتكبها المسيحيون الذين يعملون في مراكز الإغاثة في أفغانستان!

تناقلت وسائل الإعلام في الخامس من آب 2001 خبر غارات شنتها قوات الحكومة الأفغانية في كابول على مركز "وكالة الإسكان الآن العالمية" التي تعمل على توزيع المواد الغذائية للفقراء والجياع ضحايا الحرب والجفاف. وتقول التقارير الواردة من كابول أن القوات المغيرة قد وجدت أدوات الجريمة التي كان يخطط العاملون في المركز لارتكابها ضد الشعب الأفغاني.  وجد المغيرون نسخة من الإنجيل وأجهزة كمبيوتر ومواد تفجيرية.. المعذرة.. هل فلتُ تفجيرية؟.. قصدتُ مواد تبشيرية مصوّرة تم تحميلها على جهاز كمبيوتر.  وفوراً، قامت السلطات بإغلاق الوكالة واعتقال أربعة وعشرين من العاملين فيها متهمة إياهم بالتبشير للمسيحية. وهذه التهمة بحد ذاتها هي جريمة في القانون الأفغاني يُعاقب عليها بالموت.

تقول السلطات أن من بين الموقوفين ثمانية من الأجانب، ست نساء ورجلان، وأن الثمانية قد اعترفوا بجريمتهــم وطلبوا العفو عنها!

أعلنت السلطات الأفغانية أيضاً أنها قد داهمت بيوت كل العاملين في الوكالة فعثرت على أسلحة أخرى: نسخ من الإنجيل!.  وقامت السلطات كذلك بإغلاق مدرسة كانت تشرف عليها المنظمة وتضم خمسة وستين طفلا وقد نقل الأطفال إلى مركز إصلاحي لتلقي التربية الإسلامية لتصحيح الخلل الذي طرأ على أدمغتهم من جراء إمكانية تعرّضهم لهذه الإشعاعات النووية الرهيبة.   

وتقول وكالة "الإسكان الآن العالمية" إنها منظمة غير حكومية تتلقى دعما من كل ألمانيا وبريطانيا وهولندا وبرنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة، وهي تدير مشاريع إغاثة في مجالات الإسكان والغذاء وباقي الأمور الضرورية التي يحتاجها الأفغان المتضررين من الجفاف، كما تقوم الوكالة بتقديم العون إلى اللاجئين الأفغان في باكستان. وذكرت مراسلة البي بي سي في أفغانستان، أن وكالة الإسكان الآن العالمية، كانت دائما معرضة لمثل هذه الاتهامات باعتبارها وكالة مسيحية.

************

يالهول هذه الجريمة البشعة. جريمة لا يتورع المسيحيون عن ارتكابها في أماكن مختلفة من العالم!

 

منذ سنوات، ألقت السلطات المغربية على أربعة غربيين مسيحيين لارتكابهم جريمة مشابهة وهي التهريب. المواد التي صودرت من هؤلاء المهربين لم تكن أسلحة أو مخدرات ولم تكن أطعمة فاسدة أو أوراق نقدية مزيفة، إنما مئة نسخة من الكتاب المقدس باللغة العربية وجدت على متن مركبهم وهم يدخلون المياه المغربية!.. صودرت الكتب الخطيرة ثم وبعد فترة شهرين قضاها الأربعة في السجن، أطلقت السلطات سراحهم بعد تغريمهم مبلغاً يعادل اثنين وأربعين ألفاً من الدولارات إضافة إلى قيامها بمصادرة اليخت الذي كان يملكه أحدهم وقيمته 250 ألف دولار.

في دولة الإمارات العربية المتحدة ألقي القبض في العام الماضي ايضاً على عدد من السياح كانوا يوزعون الأناجيل على المواطنين العرب.

ويجدر بالذكر أن هناك دول عربية وإسلامية أخرى تنص قوانينها على معاقبة الذين يهربون الإنجيل إلى أراضيها.

 

هل يتطوع أحد ما فيقول لنا بحق السماء ماذا في هذا الكتاب ما يخيف هؤلاء؟

هناك عبارات عامية يقولها الناس في وصف الجبان كقولهم أنه، "يخاف من خياله" أو "يخاف من الريح".. ولكن عبارة أخرى تُقال، ربما تفي بالغرض أكثر من غيرها فيما يتعلق بموضوعنا هذا. إنها عبارة تقول: "الجبان يخاف من كلمة!"

وفي الحقيقة، ليس هناك عبارة أخرى يمكن أن تصف بشكل أفضل سلطات هذه الدول أو الشعوب الخاضعة لهذه السلطات والتي تقبل أن تُحكم بهذه العقلية.. إنهم حقاً يخافون من كلمة.

لو كانت الكلمة الموجودة في هذا الكتاب تدعو إلى كراهية أو تشجع على الدعارة أو على القتل، لقلنا أن هذه السلطات تقوم بما تقوم به حفاظاً على الأخلاق أو الآداب العامة. ولكن أن تخيفهم كلمة تدعو إلى المحبة والسلام والعطاء والتسامح، فهذا أمر يدعو إلى العجب. لو كان في هذا الكتاب ما يخشاه الحكام على كراسيهم، لقلنا أن مصالحهم تقتضي الخوف منه. ولكنه كتاب لا يتدخل في سياسة هذا العالم، لا بل يدعو إلى عدم الاهتمام بسياسة هذا العالم.  فماذا فيه ما يخيف أو يرعب؟

كيف يمكن لنا أن نصدق أن نظاماً أو شعباً يخاف الكلمة يمكن له أن يقف أمام دبابة ويدّعي البطولة؟..

 

تصورواّ.. في عصر حطت به مراكب الغرب على أرض المريخ. في عصر حطمت فيه الأقمار الصناعية  والشبكات الإلكترونية كالإنترنت وغيرها كل الحواجز والحدود. في عصر أوشكت فيه القردة على تعلم القراءة والكتابة. في عصر أضاء العلم فيه ظلمة الليل على سطح الأرض وسطوح الكواكب ملايين الأميال بعيداً عن الأرض.. لا زال هناك أناس يغلقون حدودهم في وجه الكلمة. لا زال هناك أناس يخافون الكلمة. ولكن مهما عظم خوف الخائفين من الكلمة، لا بد يوماً لآذانهم من أن تسمع ولا بد يوماً لعيونهم من أن ترى.

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط