عصام وجدي / Jan 30, 2005

مقدمة اولى

احتفل العالم يوم 27 ـ  1 ـ 2005 بالذكرى 60 لمذابح الهولوكوست الشهيرة التي اودت بحياة ستة مليون انسان معظمهم من اليهود. وذلك في احد تلك المخيمات الاشهر المسمىAuichwitz   في بولونيا حيث تم في غرف الغاز والمحارق الخاصة به قتل وحرق مليون ونصف انسان اطفالا ونساء ورجالا وكهولا معظمهم من اليهود الذين كانت تجمعهم وحدات الموت النازية من المدن الاوربية المحتلة وترسلهم بقطارات الموت الى معسكرات الغاز والحرق.


وبالطبع لم تأتِ وسائل الاعلام العربية الاسلامية على هذا الحدث الذي تغطيه الاخبار العالمية منذ ايام، بل انه لايعجب العرب والمسلمين ان يكون هناك رقم بحجم ستة مليون يهودي قد تم قتلهم لذا يحاولون دائما تقزيم الرقم ليصل الى المليون حسب الاحصاءات العربية؟؟؟ لعلهم لايريدون ان يسبقهم هتلر فهم قد سجلوا رقما قياسيا بثلاثة ملايين ارمني قتلتهم النازية الاسلامية العصملية، ودائما نسمع من الاعلام الاسلامي العربي عن استغلال اليهود للهولوكوست من اجل التعاطف معهم وكأن هذا غير طبيعي. ان من يتابع التقارير الاخبارية  والافلام الوثائقية عن هذه المجازر لابد ان يعرف حجم الفاجعة التي حصلت بسبب الاختلاف في الدين والتي تبنتها النازية الامانية الهتلرية التي ارادت صنع الانسان الاري المتفوق على غيره فبدأت بازالة كل المخالفين بالرأي او الدين مبتدئة بيهود اوربا ولو تم لها الاستمرار لانتهت بالعرب والمسلمين.


ان الهولوكوست وصمة عار في جبين الانسانية وان قلبنا البشري لايمكن الا ان يذرف دموعا على ضحاياها وورودا على رمادهم وان يخلق فينا احساسا برفض لاي مجازر اخرى تتم على اساس عنصري او عرقي او ديني صغيرة كانت ام كبيرة. ولايمكن ان ننسى في السياق نفسه مجازر الارمن والعلويين التي راح ضحيتها ثلاثة ملايين بريء قتلتهم السلطنة الاسلامية العصملية. ولكن مايفلج الصدر قليلا هو انتهاء النازية ومحاكمة رموزها محاكمة عادلة بحيث انتهت خلال اقل من عشرين سنة بفضل تضافر البشرية لمعالجة هذا الوباء. وتبقى ذكرى الهولوكوست دافعا لرفض اي قتل جماعي بسبب العقيدة او الفكر او العرق او الدين.


مقدمة ثانية

وبنفس اليوم تطالعنا جريدة السياسة الكويتية بان شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي  قال في اجتماع مع وفد يضم مختلف الكنائس الامريكية ان السلام احد مبادئ الدين الحنيف مشيرا الى ان الاعتداء على النفس الانسانية عدوان على الناس جميعا وقد رفض صراع الحضارات واكد وجود  لجنة دائمة في الازهر للحوار بين الاديان مهمتها ان تلتقي مع اهل الديانات الاخرى وتتفق على منهج معين. وانتقل من جريدة السياسة الى موسوعة الفتاوي في موقع الازهر. ولنقرأ هذا الرابط

http://www.alazhr.org/Ftawa/Default.asp?Lang=a&Doc=Doc1&n=3989

في الفتاوي المتعلقة بالشيعة واليزيدية والامامية والاسماعيلية والدروز والنصيرية الموضوع رقم ستة وعشرة حيث ان الخلاصة ان الاسلام الازهري لايحل اقرار هذه الطوائف الاسلامية (؟؟) في ديار الاسلام بجزية ولابغيرها (نحسد الاقباط هنا حيث تقبل جزيتهم ولاتحل مناكحتهم ولا ذبائحهم!!!)


اتركك ايها القارئ العزيز تتصفح في فتاوي القرون الوسطى ولكني اريد ان اصل الى حقيقتين:


الاولى: هناك مجانبة للحقيقة في وصف هذه الطوائف وادعاءات غير صحيحة في حقها من مثل تحليل الزنا الخ.. بلغة اهل الشوارع لا العمائم ويفترض بمن يعرف الله اكثر من غيره الا يقول الا الحق.

الثانية: ان الفكر البشري في تطور دائم لذا وجدت الطوائف حيث تتبنى كل واحدة وجهة نظر تعتبرها صحيحة وتتشبث بها وليس هذه حال الاسلام فقط بل جميع الديانات السماوية وغير السماوية ولايجوز منطقا ان تعتبر فئة او طائفة انها الحق والباقي باطل. ويتجلى لنا هذا الفهم في المسحية واليهودية بالمصالحة بين الطوائف والاعتراف بحقها وطقوسها دون تكفير. بل ان المسيحية قدمت دفعة حضارية الى تراثها عندما برأ البابا اليهود من دم المسيح حيث تقمص شفاعة وتسامح السيد المسيح ليبرئ اليهود لا بالمعنى التاريخي للحدث انما بمعنى التفاعل بين الديانتين ونبذ التخالف للانطلاق الى الامام بدون حقد او ضغينة واصبحنا نسمع اليوم الحضارة اليهودية المسيحية ويتجلى هذا على الواقع بانسجام حضاري بين الاثنين ونفسره نحن المسلمون بعدائيتنا على انه تحالف ضدنا لعقدة المؤامرة اياها؟؟


اعود الان الى ذاك المفتي الذي لبس قبعة هتلر بدل عمامته واقول له وللازهر: ياسادة انتم تتحدثون عن بشر مسلمين وتعدادهم بالملايين فماذا تقصدون؟؟ هل ستهجّرونهم وهذا مستحيل لانهم ببساطة لن يقبلوا بذلك وببساطة لايوجد من يستقبلهم. اذن هي دعوة لتكفيرهم وقتلهم طالما لاتقبل حتى الجزية منهم.. قد يتساءل احدكم ان شخصا لم يقل شيئا ولم يطرد احدا ولم يقتل احدا؟ اقول انها فتوة نائمة وفي ظل هذا الانطلاق الصاروخي نحو التطرف الاسلامي في كل البلاد الاسلامية ومع وجود النص الجاهز والفتوى الجاهزة بالقتل فان المسالة خطيرة جدا على الاقليات الدينية لان امثال صاحب الفتوة ومريديه كثر ولايقبلون الا بهولوكوست جديدة في حق كل من يحمل فكر مخالف عندما يصبح الامر لهم ومن يقرأ واقع المنطقة يجب ان يدرك الخطر والا لماذا يجهد الازهر نفسه بالافتاء.. تسلية؟؟؟


من هذه الحقائق ارى من الضرورة ان يقوم الازهر بالاعتذار الى الطوئف المذكورة اذا اراد ان يكون داعية للسلام وغير مصاب بانفصام الشخصية والمواقف. ان من يريد الحوار بين الاديان عليه ان يتقن الحوار داخل بيته اولا لذا عليه كذلك ان يقوم بشطب مثل هذه الفتاوي التي لاتنسجم الا مع القرون الوسطى. ويجب على كافة المهتمين بشؤون الحوار بين الاديان الامتناع عن محاورة الازهر حتى يقوم بما سبق حيث لانريد حوارا مع وجود خناجر الغدر بين تلافيف الدماغ والعباءة. ويجب على كافة المهتمين بمكافحة العنصرية وحق الانسان في حرية الفكر والدين والعقيدة والمذهب اتخاذ الاجراءات القانونية لمكافحة كل مؤسسة ذات اطار عنصري او تدعو الى قتل الاخرين على اساس فكري او ديني اوعرقي او.. او مذهبي وامام الضحايا الكثر للعنصرية وخاصة الدينية فاننا نستغرب كيف يقوم العالم بمكافحتها بقطع ذيلها فقط وترك راسها وفكرها ينتشر بلا رقيب على الانترنت وغيرها لذا ندعوا المؤسسات الانسانية الحقوقية المختصة الى حجب اي موقع يدعو الى الهولوكوست لاي سبب كان لان حياة الانسان هي اولا.

ارجو الا تدفن النعائم راسها بالرمل ..والحوار دائما.

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط