بسام درويش / Jul 07, 2002
  

ذكر أحد عناصر مكتب المباحث الفدرالي الأمريكي في مقابلة تلفزيونية مؤخراً أن مسلماً يعمل هو الآخر في المكتب الفدرالي رفض أن يحمل جهازاً لتسجيل أحاديث لمسلمين تشتبه بهم السلطات. وقد علل رفضه بقوله أن المسلم لا يتجسس على المسلم.

وفي اليوم نفسه، أجرت "ريتا كوزبي" حواراً مع مسلم يعمل أستاذاً في جامعة نيويورك NYU  اسمه أكرم يسري يسعى لترشيح نفسه للكونغرس الأمريكي عن المقاطعة الخامسة في نيوجرسي. وقد حاول السيد يسري أن يظهر بمظهر الحريص على مستقبل أميركا، مؤكداً خلال الحوار، أن المسلمين في أمريكا وخاصة الجيل الناشئ، تهمهم مصلحة هذه البلاد لأنهم ينظرون إليها على أنها بلادهم، ولذلك فإن كثيرين منهم قد سارعوا للتطوّع أو لإشغال الوظائف المفتوحة والتي تتطلب ناطقين باللغة العربية. وحين تساءلت مقدمة البرنامج عما إذا كان يمكن حقاً الثقة بهؤلاء المسلمين، وبأنهم سيقومون بواجباتهم الموكلة إليهم بعد أن تبين مما قاله عنصر المخابرات الفدرالي أولوية الرابطة الإسلامية فوق كل مصلحة أخرى؛ جاء جواب الأستاذ المسلم، ليس فقط تأكيداً على موهبة الخداع التي يتمتع بها المسلمون وهم يتعاملون مع الأحداث ومع كل سؤال يُطرح عليهم، بل أيضاً على مدى حاجة الإعلام الأمريكي لمعرفة المزيد عن الإسلام؛ ولو كان لمقدمة البرنامج معرفة أفضل بالإسلام، لما أنهت لقاءها مع الأستاذ المذكور دون أن تعلق عليه بالرد المناسب. فقد قال الأستاذ مجيباً على تساؤلها، أن هناك في الدول الإسلامية نفسها مسلمون يقومون بتسجيل أحاديث لمسلمين!!.. قبلت مقدمة البرنامج بالجواب شاكرة، ولكن فاتها أن تعلق بالقول أن المسلمين هناك لا شك في انهم يقومون بذلك بضمير مرتاح لأنهم يقومون به لصالح حكومة إسلامية، بينما يختلف الأمر هنا والسلطات ليست فقط غير إسلامية بل هي بنظر المسلمين سلطات عدوة لهم وللإسلام.   

************ 

يوماً بعد يوم، تتصاعد شدّة التحذيرات حول إمكانيات وقوع أعمال إرهابية كبيرة ضد الشعب الأميركي.

الشعب الأميركي برمته مهدد بجراثيم الجدري.

الشعب الأميركي برمته مهدد بالسقوط ضحية الأسلحة النووية.

الأميركيون أينما كانوا مهددون بالسقوط ضحية تفجيرات يقوم بها انتحاريون إرهابيون.

الطائرات المدنية أصبحت غير آمنة. كذلك هي المجمعات التجارية والمجمعات السكنية والجسور والمرافئ والمطارات والمدارس ومصادر المياه وحقول الخضار وأشجار الفواكه. 

أما مصدر الخطر فلم يعد بخافٍ على أحد. مصدر الخطر، بدون لف ودوران، هو الإسلام وكل مسلم يؤمن بحرفية تعاليمه وبصلاحها لكل زمان ومكان.

الشيوعية لم تشكل في يوم من الأيام خطراً على الغرب أو على العالم بقدر ما شكله ولا زال يشكله الإسلام والمسلمون. لا بل إن خطر الإسلام يتفاقم يوماً بعد يوم ليهدد ليس الغرب أو كل الأمم التي لا تدين بالإسلام فقط، بل الحضارة الإنسانية برمتها.

إن عبارة صراع الحضارات هي في الحقيقة أسخف عبارة أفرزتها جريمة الحادي عشر من أيلول. هذا الصراع ليس في الحقيقة إلا صراعاً بين الحضارة وأعداء الحضارة.

*************

كيف تتعامل أميركا مع هذا الخطر المحدق بها؟..

آباء هذه الأمة العظيمة الذين رسموا مستقبلها بأقلامهم وبعقولهم الواعية ونظرتهم الثاقبة إلى المستقبل، فاتهم وللأسف أمر واحد. لقد خططوا وأرادوا لهذا البلد أن يكون ملجأ للمظلومين وخاصة الهاربين من التعسف الديني، ولكن فاتهم أن يفهموا حقيقة الإسلام وأنه هو بحد ذاته وفي جوهر تعاليمه دستور للظلم يحمله أتباعه أينما رحلوا وحلوا. لو عرف آباء هذا البلد العظام ذلك آنذاك، لما أصبحت أبواب هذا البلد مشرعة على مصاريعها لهذا الخطر الذي أصبح يهدد أسسها من الداخل، والذي نراه يستفحل يوماً بعد يوم. 

خطر الإسلام يهدد كل دولة له من أتباعه فيها أقلية. أقليـَّـةٌ ما أن تقف على قدميها حتى تصبح أمةً داخل أمةٍ وجيشاً منظماً داخل دولةٍ مستقلةٍ يهدد كيانها ووحدتها. ولكن، ما يمثله هذا الجيش من خطر على الولايات المتحدة، هو أعظم بكثير مما يمثله على أية دولة أخرى في العالم رغم عدم جواز التهاون بأمره أينما كان. فسقوط الولايات المتحدة الأمريكية يعني سقوط العالم لأن الولايات المتحدة هي بدون شك رأس العالم الحضاري بكل نواحيه، علمية كانت أو ثقافية أو سياسية أو عسكرية أو إنسانية.

سقوط الولايات المتحدة يعني العودة بالإنسان إلى القرن السابع الميلادي، عصر تأسيس الإسلام الذي كان بحقٍّ أخطر دولة ظهرت على وجه الأرض في تاريخها المعروف.  

ولكن، هل تقف الولايات المتحدة وهذه الأمة الخلاقة عاجزة عن تحجيم هذا الخطر ومن ثم القضاء عليه على الأقل داخل حدودها؟..  

الجواب على هذا السؤال هو، "نعم"، إنها ستكون عاجزة إذا كان العمل من أجل ذلك سيبدأ غداً!..

*************

اليوم وليس غداً يجب أن تبدأ الأمة بإعادة حساباتها.

اليوم وليس غداً، وبأقصى سرعة، يجب أن تبدأ حكومة الولايات المتحدة بإعادة النظر في ملفات كل مسلم وعربي مقيم على أرضها. ربما يقف من يقول بأن هذا لا يتفق مع إنسانية الدستور الأميركي، ولكن هذا الدستور نفسه لن يصمد ليدافع يوماً عن حقوق هؤلاء المجانين أنفسهم الذين يقولون بعدم جواز القيام بذلك. ألم يكن الذين قاموا بأسوأ عمل إرهابي في تاريخ أميركا والعالم بأسره كلهم من المسلمين؟.. ألم يحاولوا تفجير البناء نفسه عام 1992 ثم برهنوا بعودتهم إليه في الحادي عشر من أيلول أنهم مصممون على تنفيذ جريمتهم كاملة غير منقوصة وحتى النهاية؟.. لذلك يخطئ من يعتقد بأن التحذيرات التي تطلقها الحكومة بخصوص أعمال إرهابية متوقعة هي تحذيرات تنتهي بانتهاء توقيتها. كل ما هنالك أن العمليات التي لم يقم الإرهابيون بتنفيذها البارحة أو اليوم، قد أجّلوا القيام بها إلى وقت لاحق.

من على منابر مساجدهم، وعلى صفحات صحفهم، وفي مدارسهم، وفي شوارعهم، نرى وجوههم الداكنة المليئة بالبغض، ونسمع كلماتهم المشحونة بالســــمّ، يهددون ويؤكّدون بأنهم سيجعلون من أميركا بحيرة دماء. فكيف لأي إنسان فيه ذرة عقل أن يقف ليقول بأن على هذه الأمة أن تتمسك بمثالياتها السياسية والأخلاقية.  هذه المثاليات السياسية والأخلاقية ستزول هي أيضاً حين يزول الدستور الذي يحميها. 

**************

سبعةُ ملايين مسلم في أميركا، يصعبُ معرفةُ الإرهابيِّ منهم أو ذاك الذي يحمي الإرهابي، أو ذاك الذي يسكت عن إرهابي بسبب الرابطة الدينية التي تجمعه به. سبعة ملايين مسلم، منهم من ينافق وهو يعلن ولاءه لهذا البلد، ومنهم من يشهر عداءه غير عابئ بأحد، ومنهم مَن ربما يكون صادقاً في ولائه لا يحمل من الإسلام إلا اسمه لا لشيء إلا لأنه قد ولد عليه.

كيف لنا أن نعرف العدو منهم من الصديق؟..

سبعة ملايين مسلم عربي، لا بدّ من إعادة فتح ملفاتهم واحداً واحداً، لا بل يجب أيضاً فتح ملفات كل عربي حتى المسيحيين منهم، إذ وللأسف الشديد هناك بينهم من هو أشد عداوة لهذا البلد من المسلمين.

هل هناك خطأ أخلاقي في أن تقوم حكومة الولايات المتحدة بإعادة فتح ملفات كل عربي؟.. الأمة في خطر. وواجب الحكومة هو أن تحمي مواطنيها من الخطر. لقد أصبح كل مواطن في هذا البلد يعيش على أعصابه، والسبب في ذلك هو الإرهاب الإسلامي. وعندما يتصفح الواحد منا جريدة عربية لا يقرأ فيها إلا التشجيع على كراهية وعداء هذا البلد. إذاً ما الخطأ في إعادة فتح ملفات كل عربي متواجد في هذا البلد ومن ثم إخضاعه لامتحان صارم يجيب فيه على أسئلة معينة ودقيقة لمعرفة مقدار ولائه. ما الخطأ في الطلب من كل عربي سبق له وأن أقسم يمين الولاء لهذا البلد حين حصل على الجنسية الأمريكية، أن يؤدي هذا القسم مرة أخرى بعد أدائه الامتحان. وما الخطأ بعد ذلك، في ترحيل كل من يفشل في هذا الامتحان وأيضاً كل من يرفض أداء القسم أو لا يردده من أعماق قلبه. إننا حين نتأمّل في عظمة الخطر المحدّق بهذه الأمة فلا بدّ لنا آنذاك أن ندرك بأن التعلّق بالمثاليات الأخلاقية والسياسية هو بحد ذاته جريمة بحق الأمة وأجيالها القادمة.    

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط