بسام درويش / Feb 08, 2007

منذ عملية الحادي عشر من أيلول الإرهابية، أصبح المسلمون بنظر الغربيين ـ حكوماتٍ وشعوباً وإعلاماً ـ فئتين لا ثالث لهما: مسلمون متطرفون، ومسلمون معتدلون.

والمسلمون المتطرفون هم: إما إرهابيون نشطون، أو إرهابيون مُحتَملون!  Potential Terrorists

هذه النظرة، لا تعجب المسلمين بكل تأكيد، لأنها قد تشمل كل صاحب لحية، أو كل مسلمٍ محافظ على تقاليده، أو حتى كل مسلم يتردد على مسجد. لكنْ بصراحة، أرى أنّ على المسلمين أن يكونوا سعداء بهذه النظرة، لأنها في الحقيقة نظرة كريمة جداً، وكرمها انعكاس لجهل الغرب بالإسلام جهلاً مخيفاً.

******

هل هناك حقا "مسلم متطرف" و "مسلم معتدل"؟

هاتان التسميتان تتضمنان قاسماً مشتركاً واحداً وهو كلمة "مسلم". ولمعرفة ما تعنيه كلمة "مسلم" ما علينا إلا أن نفتح القرآن لنطّلع على الشروط والمواصفات التي يتطلبها الله من المسلم كي يكون مسلما حقيقياً.

المسلم، سواء دُعيَ متطرفاً، أو متشدداً، إسلامياً، محافظاً، متديناً، معتدلاً، أو بأيّ إسمٍ آخر، لا بل، حتى ولو كان من رواد الحانات وكازينوهات القمار والمطاعم التي لا تقدم إلا لحم الخنزير؛ يؤمن أولاً واخيراً بكتابٍ اسمه القرآن، وأن هذا القرآن، بكل ما فيه كلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، وحيٌ إلهي لا جدال في قداسته.

هؤلاء كلهم، على اختلاف تسمياتهم، إرهابيون ما داموا يقدسون كتاباً يأمرهم بقتالي، مسيحيا كنت او يهودياً أو ملحداً.

هذا الكتاب إرهابيّ لأنه لا يأمر المسلمين بقتالي دفاعاً عن أنفسهم وممتلكاتهم إنما دون ذنب اقترفته. ذنبي الوحيد في نظرهم هو أنني لا اؤمن بنبوة محمد وبإلهه!

******

هاكُمُ ما يأمرهم به القرآن في سورة التوبة 29 بشكل واضح لا لف فيه ولا دوران.

"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله":

ليس في هذه العبارة من غموض ولا حاجة لها إلى مفسرين وفقهاء. إنها واضحة وضوح الشمس في منتصف نهار لا غيمة في سمائه.

كلمة "قاتلوا" هي فعل أمر وليس فعل تخيير. إنه يأمرهم بقتال الذين لا يؤمنون بالله، وأنا واحد منهم. على الأقل هذا الله الذي يؤمنون به!

وكلمة "قاتلوا" ليس فيها مزاح. إنّ الله لا يعني بها مصارعة يابانية بل قتالاً حتى الموت.

وتتابع الآية فتقول:

"ولا باليوم الآخر":

أي قاتلوا كل الذين لا يؤمنون بيوم الحساب في الحياة الأخرى!. وأنا من هؤلاء أيضاً.

"ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله":

يأمرهم بقتال الذين يمارسون أو يتعاطون أي شيء حرمه إلههم ونبيهم، وأنا ايضا من هؤلاء. فأنا أستمتع بكأس وسكي أو كأس نبيذ بين فترة وأخرى، وأحب لحم الخنزير، لا بل إذا عرفت أن البقرة التي آكل لحمها قد ذبحت على الطريقة الإسلامية فإنني أرفض أكلها؛ كيف لا وقد ذكروا وهم يذبحونها اسم هذا الله الذي يكرهني ويأمر بقتالي"!!

"ولا يدينون دين الحق":

هنا يوضّح الله للمحمديين الأمر بشكل أفضل. يقول لهم إن دين الإسلام دين الحق ولذلك عليهم أن يقاتلوا كل من لا يدين به: ودين الحق بناء على تفسير الجلالين هو: "الثابت الناسخ [أي الذي ألغى] لغيره من الأديان وهو دين الإسلام!".

ن الذين أوتوا الكتاب":

ومنعاً لأي التباس على عقولهم، فإنه يحدد لهم فئتين معينيتن وهما المسيحيين واليهود، بناء على تفسير الجلالين وابن كثير وغيرهما.

"حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.":

أما هنا، وفي نهاية هذه "الآية" التي هي بمثابة إعلان حرب ضدي دون ذنب اقترفته، فإن هذا الله يتحول إلى حرامي قاطع طريق حيث يفاوضني على حافظة نقودي لقاء تركي وشأني.. إلى حد ما طبعاً. أقول إلى حد ما، لأنه، وكما تقول هذه "الآية" يشترط عليّ أن أبقى خاضعاً له وأن أعود إليه بـ "جزداني" دائماً لأدفع له الضريبة، وإلا فإنه سيعود إلى تهديدي وقتالي. لا بل إنه يشترط عليّ أن أدفع هذه الضريبة وأنا أشعر بالذل: أذلاء منقادون لحكم الإسلام. حسب المصدر السابق نفسه!

******

ربما يظن البعض أن هذا الله كريمٌ تجاه الذين يدعوهم بأهل الكتاب، إذْ أنه على الأقل يمنحهم الحق بأن يبقوا على دينهم إذا دفعوا ضريبة حياتهم، بينما يُبدي تشدداً أكثر مع غيرهم ممن يدعوهم بالمشركين، أي الذين يؤمنون بإله آخر إلى جانب الله أو بعدّة آلهة سواه. وهؤلاء أعطاهم خيارين فقط: إما اتّباع دين النبي أو الموت.  لننظر:

"فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" (9 : 5)

يقول للمسلمين إنّ عليهم، بمجرد انتهاء أشهر الاستراحة من القتال التي يسميها بـ "الأشهر الحرم"، أن يهبوا إلى قتال المشركين فيقتلوهم حيث وجدوهم!.. نعم، حيث وجدوهم.. أي، في مطعم.. في دار سينما، في مدرسة، في باص، في طيارة ركاب، في كباريه، في كنيسة.. ليس هناك مكان محدد!.. حيث وجدتموهم اقتلوهم!

"وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم." (9 : 5)

فاقبضوا عليهم، واحصروهم في القلاع والحصون حتى يُضطّروا إلى الإسلام أو يُقتلوا، وتربصوا لهم في كل الطرق والمسالك، فإذا تابوا وآمنوا بما تؤمنون فآنذاك خلوا سبيلهم لأن الله غفور رحيم!.. (تفسير الجلالين)  وياله من رحيم!!

وفي حالات أخرى يأمرهم بقطع رقابهم بمجرد أن يلاقوهم:

"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب" (47 : 4)

"حتى إذا أثخنتموهم" (47 : 4)

أي، فإذا أشبعتموهم قتلاً، فآنذاك:

"شدّوا الوثاق فإما مَنًّا بعدُ وإما فداءً" (47 : 4)

أي فأسروا من تبقّى منهم ولكم الخيار بعد ذلك في أن تطلقوا سراحهم أو تبادلوهم بأسرى من المسلمين أو مقابل فدية.

أما بالنسبة للذين يستسلمون ويتوبون عن إشراكهم، فالله يطلب من المسلمين أن يتركوا عيونهم مفتوحة (عشرةً عشرة!) عليهم، لأنه يعرف بأنهم قد يعودون عن هذا الدين بمجرد أن تسمح لهم الفرصة:

"فإن تولَّوا" (4 : 89)

أي فإذا أعرَضوا وابتعدوا عن الإسلام ـ حسب تفسير الجلالين

فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً." (4 : 89)

*******

قلت من قبلُ إنّ البعض يظن بأن هذا الله كان كريما مع المسيحيين واليهود، إذ سمح لهم أن يحافظوا على دينهم إن أرادوا، شريطة ان يدفعوا ويعيشوا بذل؛ لكن، ولأنّ هذا الله الإسلامي عظيم المكر كما يصفه القرآن لا بل لا يبزه في مكره أحد: "الله خير الماكرين" (آل عمران: 54)

فإنه ولما يتميّز به من مكرٍ عظيم قد ترك للمسلمين منافذ كثيرة في نصوصه المقدسة  holy loopholes!  لتكون لهم ذريعة لتصفية المسيحيين واليهود إن أرادوا ذلك. فالقرآن يسمي أيضاً المسيحيين بالكفار والمشركين في مواضع عدة، وهكذا لا يعود هناك ما يميزهم عن أي فئة أخرى من غير المسلمين الذين يتوجب تصفيتهم.

"لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنَّة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار." (5 : 72)

"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلاَّ إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم." (5 : 73)

"وقالت اليهودُ عُزيرٌ ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنَّى يؤفَكون" (9 : 30)

وهذا يعني إن وضع المسيحيين واليهود ليس أفضل من وضع أي أمة أخرى لا تؤمن بالإسلام. أي، كل الناس بنظر المسلمين كفار ومشركون، كلهم مقصودون بهذه النصوص الإلهية الإرهابية. وكلهم معرضون لإرهاب الإسلام. 

*********

المسلم، متطرفاً كانت صفته أو معتدلاً، هو إرهابيٌّ طالما اختار أن يكون أو أن يبقى مسلماً، وما دام يقول بأنه يؤمن بالقرآن كتاباً مقدساً. هذا الكتاب دستورٌ مُعلَنٌ للمسلمين ينص بصراحة وبوضوح أن عليهم واجباً مقدساً وهو قتال كل من لا يدين بالإسلام.  لذلك، فإنه لا فرق بين الإسلام وأية منظمة إرهابية أخرى، لا بل، ولكونه يشتمل على عنصرين من أعظم العناصر تأثيرا على العقل البشري، العنصر القومي والعنصر الديني، فإنه دون منازع أعظم خطراً من أيّة منظمة إرهابية في العالم كله.  

منذ تأسس الإسلام والمسلمون يُعتبرون كلهم جنوداً في نظامه الحربي. ولننظر إلى ما يقوله كتاب "نظام الحكم في الإسلام"(1)

"وأما الجيش فإن الرسول عليه السلام (!!) جعل جميع المسلمين جنداً لأن الجهاد فَرْضٌ على جميع المسلمين للقتال، وكان الرسول إذا غزا استنفر المسلمين فكانوا ينفرون خفافاً وثقالاً ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، ولم يكن هنالك جيش مخصص، وظلّ الحال كذلك في أيام أبي بكر، إلى أن جاء عمر فخصص من المسلمين جنداً جعل لهم أرزاقاً في بيت المال يكونون دائماً في عمل الجندية للجهاد، وكان باقي المسلمين كالجيش الاحتياطي يُستنفرون للقتال كلما دعت الحاجة."

اليوم، وبعد ألف وأربعمائة سنة، لا زال الأمر كما كان. ما تغيّر هو أن هذا الجيش الاحتياطي أصبح ينتشر في كل مكان في العالم وأصبحوا يشكلون خطرا عظيماً على كل الأمم. لقد رأيناهم كيف يلبّون النداء حين يُسْتَنْفَرون. رأيناهم كيف يخرجون إلى الشوارع يحملون اللافتات التي تدعو لقتل كل من يسيء إلى نبيهم، في لندن وباريس وهولندا والدانمرك والمانيا وتركيا (العلمانية) وفي كل الدول الإسلامية.  كلمات قليلة يطلقها شيخٌ من على منبرِ مسجدٍ، يردد صداها بضعة شيوخ آخرين في مساجد أخرى، يمكن أن تحرك هذا الجيش الاحتياطي في كل أرجاء العالم.

********

لا شكّ في أن هناك من سوف يتساءل: هل يعني ذلك إنه ليس على الإطلاق من مسلمٍ معتدلٍ بين هذا البليون من المسلمين؟  

إلى هؤلاء أقول: عرّفوني على هذا المعتدل وسأثبت لكم أنه إما منافق، أو أنه قد طلّق الإسلام ولكن تمنعه الظروف عن المجاهرة بذلك!

*******************

 1 ـ نظام الحكم في الإسلام، تقي الدين النبهاني، منشورات حزب التحرير ـ القدس 1953

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط