ومسائل أخرى
مجدي خليل / Mar 27, 2004

كتبت من قبل في هذا المكان عن خطف البنات القبطيات في مصر واغتصابهن وإجبارهن على التحول إلى الإسلام، وقلت أنها ظاهرة بمعنى أنها تتكرر، وقلت أيضاً أنها محدودة بمعنى أن عدد حالات الخطف المباشر متكررة ولكنها محدودة عددياً، ولكن ظاهرة استهداف البنات القبطيات أوسع بكثير من عمليات الخطف المباشر وهي تقدر بالآلاف سنوياً.

ويشكل استهداف البنات القبطيات ظاهرة منظمة وواسعة. وتمثل العملية جزءا من استباحة كل ما هو قبطي في العقود الثلاثة الأخيرة وبتواطؤ من الأجهزة الأمنية وفي بعض الأحيان بتحريض أو مشاركة مثلما حدث في قرية الكشح، ولدي شكوك في أن زيادة مسألة استهداف البنات القبطيات مؤخرا وراؤها تحريض أو مشاركة من بعض الأجهزة الأمنية في إطار خطة لقمع الأقباط والضغط عليهم وإذلالهم حتى يكونوا تحت السيطرة الكاملة في ظل الظروف والتغيرات الدولية الدراماتيكية الراهنة والمقبلة. وظاهرة "استهداف" البنات القبطيات تتم عبر أدوات منظمة وليست ظاهرة تلقائية، ومن هذه الأدوات الإغراءات العاطفية والجنسية، والضغوط، والاستدراج، والخطف الفعلي..

تمثل عملية الاستدراج أحد أخطر الأدوات في استهداف البنات القبطيات، وعملية الاستدراج أخطر من الخطف وهي عدة جرائم متداخلة كما أنها ظاهرة أوسع بكثير من الخطف الفعلي المحدود كما ذكرت.

لقد كتبت وحاضرت من قبل عن استهداف البنات القبطيات وفي كل كلمة كنت أراعي الدقة العلمية والبحث المدقق عن كل رقم أو حرف وأنا على استعداد كامل لأي مناظرة علمية حول ما يحدث للأقباط في مصر. وفي الفترة الأخيرة انتشر الهلع بين الأسر القبطية في مصر بعد الكلام عن استدراج البنات القبطيات في عدد من المحلات العامة للإيقاع بهن ووصل الرعب إلى كافة البيوت القبطية بعد حديث البابا شنودة نفسه في محاضرته الأسبوعية الجماهيرية وتحذيره للدولة من خطورة هذه الأفعال الإجرامية. ولخطورة الموضوع ننقل نص ما قاله البابا في محاضرته حيث قال:

"جالي أوراق كثيرة جدا عن البنات اللي بيروحوا محلات السوبر ماركت وبعيدن يقولوا ليكوا جوائز ونجحتم في مسابقات، اتفضلوا اطلعوا فوق علشان تأخذوا الجوائز. وما نعرفش يطلعوا فوق يجرى لهم إيه، وأنا شايف كلام كثير بيتقال. الموضوع هيعمل فتنة طائفية. ياريت البوليس ياخذوا موقف حازم، لأن جايلي جوابات لا حصر لها في هذا الموضوع. وماتقولوش أسماء أو غيره لأنهم يمكن خدوهم وودوهم في أي حته ما نعرفش هما فين.

ما يتخدش الأمن بهذه السهولة وعدم المبالاة. أنا بقول كده وأنا عارف إيه خطورة الموقف ومش عايزين بلاوي تاني تحصلنا كفاية إللي فات.

يعني نلاقي كام شاب بيسافروا بلد معين معاهم شوية أناجيل قبضوا عليهم وفضلوا 15 يوم ونيابة وهيصة لمجرد معاهم شوية أناجيل. أمال دول البنات اللي طلعوهم فوق ومنعرفش يحصلهم إيه. إحنا مش هنسكت على كده أبداً".

وقد وصلني منذ فترة عدد كبير من الرسائل بأسماء عدد من المحلات التجارية ولكنني لم اخذها كوثائق يمكن الاستناد عليها ولم أؤكدها أو انفيها ولكن ما أستطيع تأكيده بضمير علمي خالص هو وجود وسائل متعددة لاستهداف البنات القبطيات. أما حديث البابا شنودة الصريح وهو فى موقع المسئولية فيعنى ان لديه وثائق وحقائق يمكن أن يحاجج بها، وهو قليل الكلام عن أوضاع الأقباط ومعنى حديثه الواضح الصريح أن في الأمور شيئا خطيرا.

الجدير بالذكر أنه في كل مرة يفتح فيها البابا فمه شاكياً تفتح أجهزة الدولة النار عليه، وهو ما حدث بالضبط بعد المحاضرة حيث سلطت الأجهزة الأمنية المصرية أحد صبيانها وهو مصطفى بكري فكتب في مطبوعته الأمنية الفاشية تقريراً خياليا ملفقا عن الشرق الأوسط الكبير زعم فيه أن من أهداف المشروع "إنشاء برلمان للأقباط يتم انتخابه من كل الأقباط، وأن هؤلاء يعينون فيما بينهم رئيس برلمان الأقباط في حين يظل البابا محتفظا بمكانته كرئيس لحكومة الأقباط في مصر"!!!!

تصوروا كيف وصلت الأمور إلى حد نشر مثل هذا الكلام المعتوه!!!

نفس الهجوم على البابا شنودة حدث العام قبل الماضي من هذا الصبي أيضا عندما طالب البابا بتمثيل عادل للأقباط في السلطة التشريعية والهيكل الإداري للدولة.

وهو كلام يعيد للأذهان أكاذيب السادات وأذنابه عن الدولة القبطية والتي استخدمها للانقضاض على البابا شنودة والأقباط من قبل.

وتكرر ما حدث في "الأسبوع" في عدد من المطبوعات الأمنية الأخرى حيث حملوا الأقباط المسئولية، وهى عادة إعلامية مصرية لازمت كل ما حدث للأقباط من حوادث وجرائم، فالقاتل إما مجنون أو الحادث فتنة مستوردة أو مشاجرة عادية، أو أصابع صهيونية بل وصل الاستخفاف بتصوير المجني عليه بأنه السبب لأنه استفز القاتل، فوجود القبطي أصبح استفزازا في ظل ثقافة التعصب المقيت والتواطؤ المخزي للدولة وأجهزتها ضدهم.

لقد وصلت الأوضاع القبطية بالفعل إلى مأساة. وكما يقول محرر جريدة الفيجارو الفرنسية في عدد 3 يناير 2004 : "زيارتي الأخيرة لمصر كشفت لي الأوضاع الحقيقية من تزييف ومظاهر خادعة لأوضاع مؤسفة بائسة يعيشها سبعة ملايين قبطي كمواطنين من الدرجة الثانية، لا يمر شهر في مصر بدون حوادث قتل وحرق الكنائس واعتداءات على كهنة ونهب محلات ومتاجر للمسيحيين وتعتيم كامل من السلطات وتجاهل وإنكار لكل ما يحدث من شركاء الوطن. لا يجد الأقباط من منصت لهم ويشاركهم آلامهم. آباء الصحراء الرهبان تحت أعين رقباء الشرطة، أديرتهم كقلاع محاصرة يعيشون كغرباء في وطنهم. هل أصبحت صلاة هؤلاء المتعبدين خطرة على الأمن ومثيرة للكراهية إلى هذا الحد بالرغم من حرص الكنيسة على المحبة والتسامح ومناداتها دائما بهذا في كل المنتديات. ومن الحرص الزائد للعيش في سلام تنازل الأقباط باستمرار عن حقوقهم حتى أصبحت المشكلة (مأساة) في إنكارهم أن هناك ظلم، وصمتوا عن البوح بآلامهم، وأصبح من الوطنية أن لا يبوح القبطي بالظلم الواقع عليه"!!.

نعم أنها مأساة فعلا أن تقاس وطنية القبطي بإنكاره للمظالم التي تقع عليه. ورغم أن أجهزة الأمن والمخابرات تحكم البلد بالكامل كما قال سعد الدين إبراهيم في حديثه مع إيلاف، وأنها تعرف كل شيء في مصر حتى دبة النملة كما يعلم الجميع إلا أنه ويا للأسف يتواطأ ضد الآلاف من البنات القبطيات اللواتي يستهدفن للدخول في الإسلام سنوياً.

إن الأقباط ضحايا الإرهاب المتأسلم قبل أحداث سبتمبر ومازالوا ولكنهم تحت قمع شديد، يتهمون بالخيانة والعمالة وباقي القاموس المعروف إذا تجرأ أحدهم وعبر عن هذه المشاكل الواضحة وضوح الشمس في كبد السماء.

في جريدة وول ستريت جورنال كتب جوناثان لويس بتاريخ 24/12/2003:

"بينما أدرك الأمريكيون خطر الإرهاب الإسلامي في 11 سبتمبر، عانى الأقباط من حملة من الترويع والعنف خلال التسعينات عندما استهدف الإسلاميون المدنيين الأقباط. وإذا كان من المسلم به أن الإسلاميين المصريين هم آلة التفريخ للإرهابيين والحاضنين لتنظيم القاعدة، ندرك علي الفور أن الأقباط كانوا ضحايا نفس الإرهاب الإسلامي الذي طال الأبرياء من نيويورك إلي بالي".

إنني أؤكد وبشكل علمي خالص أننا أمام مأساة تستوجب تكاتفنا جميعا مسلمين وأقباط، حكام ومحكومين لوضع حد لهذه المهازل. وحول هذه الظاهرة هناك عدد من الملاحظات الهامة:

أولا: وفقا لتشريح علمي دقيق لظاهرة سقوط الفتيات القبطيات ودخولهن غير الطبيعي في الإسلام يمكن حصر أهم الأسباب في الإغراءات العاطفية والجنسية، الضغوط، الاستدراج عبر أساليب قذرة وإجرامية من الدهاء والمكر والخداع وأخيرا الخطف المباشر والذي يمثل حالات محدودة.

ثانيا: إن الضمير الإنساني والوطني والمصري يأبى قبول ويتفق على بشاعة هذه الظاهرة، وعندما حكيت لبعض أصدقائي المسلمين عن بعض هذه الممارسات كان رد فعلهم الاشمئزاز من هذه الممارسات اللاأخلاقية والجنائية في نفس الوقت. وقال لي بعضهم إن الأقباط يتحملون جزءا كبيرا من المسئولية لأننا لا ندري شيئا عن مثل هذه الأفعال، فلماذا الصمت عن مثل هذه الجرائم ولماذا لا يكون هناك فريق مصري وطني يضم مسلمين وأقباط للتصدي لمثل هذه الظواهر الشاذة؟، وقال لي صديق مسلم هل تتصور أن ضميري الإنساني يقبل مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية وضد شركاء الوطن؟. إن التعتيم يؤدي إلي زيادة هذه الجرائم فالأمر يحتاج إلي رأي عام وطني إنساني يقف ضدها وهذه مسئولية كل الوطنيين الأحرار.

ثالثا: حظرت شخصيات وطنية مصرية في الثمانينات مثل المرحومين فرج فودة وأنطون سيدهم ورفعت السعيد وغيرهم من ظاهرة حل أزمة تمويل الجماعات الإرهابية عن طريق قتل الصاغة الأقباط ونهب محلاتهم، وبتهاون الدولة أمام هذه التحذيرات وتراخيها أمام هذه الجرائم تم تمويل العمل الإرهابي الذي أستهدف مصر كلها بعد ذلك من هذه الأموال بالإضافة إلى الأموال الوافدة من الدول الأصولية ودفعت الدولة المصرية كلها ثمنا باهظا لأنها لم تأخذ هذه التحذيرات بشكل جاد ووطني. ونحن نحذر من محاولة البعض حل أزمة الكبت الجنسي عن طريق الفتيات القبطيات. أنني أؤكد كباحث أن هناك استهداف مخطط ومنظم للإيقاع بالبنات القبطيات، ونحذر من تنامي تأثير هذه الظاهرة علي مستقبل الوطن كله وسمعته ورصيده الحضاري.

رابعا: لماذا لا تعقد ندوة علمية في إحدى جمعيات المجتمع المدني المصري حول هذه الظاهرة ؟، وأنا مستعد لتقديم بحث شامل يتناول الأبعاد المختلفة، صونا لوحدة الوطن وتماسكه ومستقبله. أين الجمعيات النسائية المصرية من هذه الظاهرة المريعة؟، أين نشطاء حقوق الإنسان؟، أين منظمات المجتمع المدني؟.. هناك 16800 منظمة أهلية في مصر ألا توجد منظمة قادرة علي كسر طوق الصمت والارتقاء بمستوانا الإنساني والوطني لمعالجة مثل هذه الجرائم الشاذة؟

خامسا : هناك ما يسمي "بالأمن الوقائي" وهناك "الأمن القانوني الرادع". وكلاهما غير متوفر بشكل كاف في حالات الفتيات القبطيات المستهدفات، فلم تقدم الدولة متهما واحدا للمحاكمة بمثل هذه الجرائم خلال العقود الثلاثة الماضية، بل ويؤسفني أن أقول أنه في كثير من الحالات هناك تواطؤ مؤسف مع الجناة.

لقد رأينا مأساة قرية النخيلة حيث تفاعل غياب الأمن الوقائي والأمن القانوني وتواطؤ بعض رجال الشرطة المنحرفين مما أدي إلي استفحال بؤر إجرامية أصبحت تشكل دولة داخل الدولة وكأننا في كولومبيا وليس في بلد شديد المركزية وشعبه مسالم مثل مصر.

سادسا: من متابعة وتحليل ظاهرة الأسلمة عموما وسقوط الفتيات القبطيات خصوصا خلال المائة سنة الأخيرة يلاحظ أنها ظاهرة سياسية أكثر من كونها ظاهرة دينية وأخلاقية. فهي ظاهرة سياسية تتبع درجة حياد أو عدم حياد الدولة، وهى ظاهرة سياسية تزداد مع التدهور العام في أوضاع الدولة المصرية وتراجع أوضاع الأقباط بها، وهي ظاهرة سياسية تتبع علاقات مصر الإقليمية والدولية وتزداد مع تشابك العلاقات المصرية مع الدول الأصولية الإسلامية في المنطقة في حين تتراجع مع انفتاح مصر علي المجتمعات المتقدمة والراقية، وهي ظاهرة سياسية تتبع درجة الانفتاح والديموقراطية فتزداد مع تعاظم الاستبداد وخاصة الديني وتتراجع مع الانفتاح الديموقراطي والحريات، وهي ظاهرة سياسية تتبع التكوين التعليمي والعقلي والوجداني للإنسان المصري، فالارتقاء بالتعليم والإعلام والثقافة هو ارتقاء بإنسانية الإنسان، أما عندما يعامل المجرم كأنه بطل ديني فنحن أمام قمة المأساة والملهاة، التي تعكس تكوين ثقافي وفكري شاذ ووجدان مريض.

سابعا: عن وسائل الاستدراج حدث ولا حرج فهناك العجب العجاب والذي لا يمكن حصره في هذه المساحة الضيقة، فهناك مثلا الاستدراج الناعم عن طريق صديقة مقربة، وهناك الإمضاء علي أتوجرافات للذكري تتحول إلي ورقة زواج عرفي ضاغط، وهناك توقيع بحسن نية علي أوراق تتحول إلى أوراق لإعلان إسلام الفتاة، وهناك التخدير والاغتصاب، وهناك التصوير بعد سقطة عاطفية ناتجة عن ضعف إنساني، وهناك الغزل المكثف المركز المدروس، وهناك التداخل العائلي والاختلاط الزائد، وهناك التعاطف مع مشكلة يتحول إلي مأساة في إطار خطة مدروسة ومستهدفة، وهناك الاختراق عن طريق معرفة الأسرار والمشاكل العائلية والتسلل من خلالها، وهناك العبث واللهو عن طريق الانترنيت، وهناك الدعوة لمقابلة عمل في مكان مغلق وهى استدراج جنسي مخطط، وهناك الدعوة للحصول علي جائزة وهي أيضا استدراج جنسي، وهناك الخطف وهناك الكثير والكثير.. ما أود أن أؤكده هو وجود "وسائل منظمة للاستهداف" يلزمها "وسائل منظمة للوقاية". إن مجرد التحرش بالأنثى يشكل جريمة في المجتمعات المتحضرة، أما وسائل الاستدراج هذه فهي تشكل عدة جرائم مركبة.

ثامنا: تشكل الأسرة الخلية الأولي والأساسية للوقاية، فيجب أن يكون هناك معرفة دقيقة بتفاصيل حياة الأبناء عبر حوار أسري يتناول كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، يجب أن يكون هناك حب واحتواء وصداقة وفضفضة، وتحديد صارم لحدود الاختلاط، والحذر الحكيم وتحديد ماهية الصداقات وحدودها وإطارها ومعرفة تفاصيل الحوار بين الصديقات والمواضيع المثارة، مطلوب معرفة كل كلمة تقال للفتاة ولو كلمة مدح صغيرة، فقطرة وراء قطرة يمكن أن تفتت الصخر. مطلوب حوار متواصل ودقيق بين الزوج وزوجته والاستماع إلي كافة تفاصيل حياتها حتى الأشياء التي تبدو غير مهمة، مطلوب الإنصات باهتمام، مطلوب زرع الثقة في البنت والزوجة والأخت فمهما كانت الخطية ومهما كان الابتزاز فكل شئ يمكن علاجه إلا شيئا واحدا وهو ترك الأسرة والدين، فهذه هي الخطوة التي يصعب معها الرجوع.

تاسعا: وهذه هي جوهر رسالتي التي أوجهها بصورة عاجلة للأقباط: انتم مستهدفون،مستباحون، والدولة وأجهزتها جزء من المخطط الموجه ضدكم، ومصر مقبلة علي سنوات عجاف قد تؤدى إلى انفجار المجتمع كله، إن لم تسارع بإصلاح حقيقي للأوضاع، ودائما تدفع الأقليات ثمنا باهظا في حالة سيادة الفوضى، وهذه هي وصايا عشر لكم في هذه الأيام الصعبة.

1 ـ كونوا جزءا من حركة الإصلاح المقترح، تحالفوا مع الإصلاحيين المصريين، فالديموقراطية والحريات والإصلاح هي السبيل الوحيد لإخراج مصر وإخراجكم من محنتكم.

2 ـ المواطنة تعنى المشاركة والمساواة وتعنى أيضا الاندماج والاحتجاج، والذي لا يحتج علي انتهاك حقوق المواطنة لا يحق له الشكوى والتذمر. آليات الاحتجاج السلمي كثيرة ومتنوعة ولكن يلزمكم التنظيم والتحرك والتنفيذ.

3 ـ كونوا جزءا من حركة حقوق الإنسان الدولية وهذا حق لكم يتيحه الدستور المصري والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر. لم تعد عناوين وتليفونات والبريد الإلكتروني لمئات من جمعيات حقوق الإنسان الدولية ووسائل الإعلام العالمية سرا، هي متاحة بسهولة ويسر الآن، اكتبوا شكواكم وحالات الاعتداء المتكررة لهذه الهيئات بلغة إنجليزية واضحة وابعثوها بالبريد الإلكتروني وهى طريقة سهلة وميسورة وبدون تكاليف، ومن يعرف عليه مساعدة من لا يعرف في إيصال هذه الجرائم للضمير العالمي، والمؤكد أن العمل المنظم والمستمر له نتائجه الإيجابية.

4 ـ اخرجوا من العزلة السياسية التي فرضت عليكم أو أجبرتم عليها، اندمجوا في الحياة السياسية والثقافية في مصر بشكل كامل، فاكبر عدو للحقوق هو الانسحاب والعزلة.

5 ـ لا تجاروا المجتمع المريض في رفض كل ما هو غربي، فحقوقكم السياسية حصلتم عليها عندما انفتحت مصر علي الغرب، وقبل مجيء نابليون كنتم تعاملون كالعبيد في ظل الجزية والذمية. حقوق كل الأقليات في الشرق ارتبطت بظهور الدولة الحديثة وبفكر المواطنة وكلها إسهامات غربية.

6 ـ لا تنافقوا المجتمع في الابتذال والغوغائية والعداء للغرب وللسلام، فالكثير من المتحدثين باسمكم هم يتحدثون بلسان الدولة أو الثقافة المجتمعية المريضة فلا تكترثوا بكلامهم ولا تصدقوهم، دوركم الحقيقي قنطرة تربط الغرب بالشرق وتنقل التقدم والقيم الإنسانية الرفيعة إلى المجتمعات الإسلامية المريضة. كونوا صادقين مع أنفسكم وتراثكم، فالتلون ومجاراة المجتمع لن يجلب لكم الاحترام بقدر ما تتحولون إلى جزء من مجتمع مريض. في مجالسكم الخاصة تقولون كلاما جميلا ولكن في المجتمع تتسمون بالحذر وفي كثير من الأحيان تجارون المجتمع بالنفاق الرخيص، وهذا لن يجلب لكم السلام ولا الاحترام وإنما الذي يجلب لكم الاحترام والأمان هو الأخذ بيد المجتمع للأمام وتنمية قوتكم وقدراتكم والاحتفاظ بشخصيتكم الذاتية المميزة.
7  ـ في ظل تقاعس الدولة من حقكم تامين حقوقكم وبناتكم بكل الطرق، فالحاجة للأمن مطلب إنساني طبيعي، أما تسامحكم المفرط فهو شئ معيب وليس ميزة.

8 ـ في دراسة أوضاع الأقليات يشكل أعلى معدل على استثمار الدولار بالنسبة لفائدته للأقلية ككل في استثمار هذا الدولار في التعليم والإعلام والعمل السياسي، والمؤسف أنكم لا تقدرون دور الإعلام ولا السياسة ولذلك لا تستثمرون شيئا يذكر فيهما، فكيف تنمون قوتكم الذاتية والسياسية؟ لقد تقابلت مع عدد كبير من أصحاب الملايين الأقباط وصدمت بضحالة تفكيرهم ورؤيتهم الضيقة القاصرة، مجرد شكوى بدون رؤية حقيقية ولهذا لا توجد وسيلة إعلام أو مركز دراسات سياسي قبطي ذو قيمة تذكر لا في الداخل ولا في الخارج. شئ مستغرب من شعب بهذا الثراء المادي والعلمي وفي نفس الوقت بهذا القصور في الرؤية بالنسبة للعمل السياسي والإعلامي.

9 ـ لن تستطيع قوة في العالم مساعدتكم إن لم تساعدوا أنفسكم، لا الغرب ولا الشرق يستطيع أن يمد العون لكم إلا إذا كانت رؤيتكم واضحة وتتعاونون مع المجتمع الدولي، فليس من الوطنية في شيء إنكار الحقوق والمظالم وإنما ذلك هو طريق الانتحار الذاتي. الوطنية الحقيقية هي التمسك بالحقوق والدفاع عنها وشكر من يتقدم لمساعدتكم والتفاعل الإيجابي معه، أما إذا كنتم تنتظرون معجزة فنحن لسنا في عصر المعجزات، ولو كانت هناك معجزات لما تقلص عددكم من 100% إلى15% لأنكم لم تحافظوا على شعبكم.

10 ـ تحتاجون إلى رؤية جديدة للنهضة داخل كنائسكم فالمسألة ليست بناء كنائس بمئات الملايين ولكن في بناء الإنسان نفسه وهذا موضوع مؤلم ويحتاج إلى تفصيلات.

هذه هي الوصايا العشر للخروج من المحنة فهل نبدأ؟

magdikh@hotmail.com

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط