حسين ديبان / Jan 19, 2006

من جديد، تحمل لنا الأخبار أنباء حزينة ومؤلمة عن هجمة إسلامية جديدة على بيوت المسيحيين في إحدى القرى المصرية، وذلك على خلفية استخدام أحد منازل المسيحيين للصلاة لعدم وجود كنيسة يقيمون صلاتهم بها. وكأنّ المسيحي لم يعد يملك حق التصرف حتى في داخل بيته وأملاكه الشخصية، وهي حقيقة للأسف رسخها هذا الحادث الذي خلف مالا يقل عن أربعة جرحى حتى الأن.

 

 كيف يمنح المسلم حق إقامة الصلاة في بيته وربما تحويل هذا البيت الى مسجد في كثير من المناسبات ويحرم من ذلك المسيحي؟.. كيف يسمح للمسلم أن يحول عدداً من المطاعم والمقاهي والأماكن العامة ومنها بعض الحدائق وأماكن العمل، بل وحتى السيطرة على الأرصفة وتحويلها الى أماكن للصلاة أيام الجمع، ويحرم المسيحي من هذا في بيته أو على ما يملك، وهو حق شخصي لا يؤدي الى ايذاء الغير؟.. كيف يحقّ لأيّ كائن كانَ أن يتدخّل في شؤونه ويحرمه من هذا الحق؟.. كيف يسمح للمسلمين بأن يسيطروا على تلك الأماكن العامة ليقيموا صلاتهم فيها، وليشتموا من أرادوا من المسيحيين واليهود، وليهددوا وليدعوا بالموت على كل من يخالفهم وبأعلى أصواتهم وأحيانا بتغطية إعلامية متلفزة ومباشرة، بينما يحرم على المسيحي أن يقيم صلاته في بيته وبصمت وسكينة؟..

ماحصل بالتأكيد يؤشر على أن المجتمع الإسلامي يصر على ممارسة سياسته الإقصائية الإستئصالية التي رسختها نصوص مقدسة لم تترك للآخر المختلف خيارا، اللهم إما أن يدخل دين الإسلام أو يقتل أو يدفع الجزية عن يدٍ وهو صاغر.  الغاية من ذلك واضحة، وهي تهجير المسيحيين بعد إتمام عملية تهجير اليهود، لأن المسيحي لن يعود أمامه إلا خيار الهجرة وهو الخيار الأضمن من تلك الخيارات التي حشره بها الفكر الإسلامي والتي تمس دينه ودمه وماله. خيار الهجرة الى بلاد يجد فيها الأمن والأمان، وهو خيار للأسف لا يملكه الا المقتدرون من هؤلاء المسيحيين، أما من لايملك القدرة على الرحيل فله الله وسيف القتل والأسلمة الإجبارية ونهب مالديه من قروش قليلة تحت مسمى الجزية.

 

إن استمرار هذه السياسة الهمجية العنصرية ضد الأخوة المسيحيين وغيرهم من النوبيين والشيعة، والصمت المطبق من جانب الحكومة المصرية ورأس الدولة تجاه هذه الأفعال، سيؤدي حتماً الى مانبهنا وحذرنا منه دائما بأن اليوم الذي سنقول فيه كان هناك أقباطٌ وربما نوبيون وشيعة هنا ليس ببعيد، وهو ما سيفضي الى ماحذر منه الأستاذ جورج كتن في مقالة نشرت قبل أيام من أننا سنكون قريباً أمام مشرق خالٍ من سكانه الأصليين. إنه لأمرٌ يثير الفزع حقاً ويستدعي تظافر الجهود المخلصة من أجل وقف مسلسل الإبادة والتهجير العنصري البغيض، حفاظاً على حياة لن يكون لها معنى إلا بهذا الخليط الجميل من المكونات العرقية والدينية والمذهبية، وهو ما لن يتحقق إلا بالعمل على التخلص من هذه الأنظمة القائمة على إلهاء شعوبها بالنزاعات الطائفية والعرقية، وقيام دولة علمانية تعتمد مبدأ المواطنة، وليس الدين. إنه هو حلم صعب ولكن ليس مستحيلاً في ظل التوجه العالمي لبناء أنظمة ديمقراطية حرة توفر لشعوبها الحرية والكرامة والمساواة.

حسين ديبان  hdiban69@yahoo.com

المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط