ديانا نعمة
/
May 13, 2010
-1-
إعادة تأهيل!
طريق مطار دمشق الدولي، يمتدّ لمسافة 20 كيلومتراً بين المدينة والمطار. أقرّت الحكومة وجوب إعادة تأهيله عندما عقدتْ جامعة الدول العربية اجتماع القمة في دمشق، في سعي منها لإظهار طريق مطارنا بصورة حضارية تليق به كأوّل منظر تقع عليه عين الزائر. وبدأ العمل عليه في عام 2007، وانتهى المشروع بسرعة غير مألوفة، حيث تمّ غرس شجر نخيل صغير الحجم، مع فرش جوانب الأوتوستراد بالعشب الأخضر (الكازون)، بالإضافة إلى بعض عناصر الزينة من إضاءة ومرشّات خصصت لريّ العشب والمزروعات، كما تمّ فضلاً عن ذلك الاستغناء عن تحديد الحارات المرورية بواسطة الدهان، واستبدال قطع معدنية مستديرة به تدقّ في الأسفل.
أخي المواطن الطرطور:
على أطراف طريق المطار، تمتدّ البلدات التابعة لريف دمشق مترامية الأطراف، وتستمرّ هذه القرى في التوسع عشوائياً دون نظام يضبط أبنيتها وشوارعها حتى صارت لم يعد فيها مكان يتسّع لرأس دبوس. سكانها يعيشون في بيوت لا تعرف الشمس ولا يجري فيها الهواء، ويسيرون في شوارع تشبه حقول الألغام محاذرين السقوط والطرطشة والغوص في أكوام النفايات؛ ويتقافزون فوق أرتال السيارات المركونة فوق الأرصفة. مشاهد بؤس تصفع نظر المتفرج، ومآس تكاد تدمع لها القلوب، ومع ذلك فإن أنظار مسؤولي محافظة دمشق أو ريفها حادت عن هذه المشاهد والمآسي، فلم تبصر سوى طريق المطار الجميل؟
عجباً منهم كيف لا يرون إليها وهي قريبة من أبصارهم!؟
ولنا من بعد هذا التعجب أن نتساءل: ما الحاجة إلى إعادة تأهيل طريق المطار وهو الأفضل بين جميع الطرقات السريعة في المدينة؟
فلنفترض جدلاً أن فكرة العمل على تحسين طريق المطار جيدة صائبة، أفلا يحقّ للمواطن الطرطور مع هذا الافتراض أن يتساءل: ما الداعي لدقّ مسامير معدنية في الأرض عوضاً عن الدهان، في دولةٍ تعاني عجزاً اقتصادياً؟ وما هو المبرر لزراعة الكازون الذي يحتاج إلى العناية الدائمة المستمرة، وليس في هذا البلد – كما يعلم الجميع - شيء كهذا الكازون يمكن الإنفاق الدائم على صيانتة والعناية المستمرّة به؟
ألا يحقّ لك أخي المواطن الطرطور العطشان أنت الذي يضطر يومياً إلى شراء المياه الملوّثة بالبراميل (خصوصاً في ريف دمشق) أن تتساءل عن دواعي وضع المرشّات لمزروعات طريق المطار؟ ألا تشعر أنّك طرطور حقيقي وأنت ترى برك المياه المهدورة من المرشّات المنسية المخرّبة في الوقت الذي تلهث فيه وراء شاحنات بيع المياه المتجوّلة في الطرقات وتنادي: ميّ بقين.... ميّ بقين....؟!
-2-
شحّاد وتنكة مازوت
أخي المواطن:
- حتى تؤمّن لنفسك وعائلتك دفء الشتاء، عليك أن تتحمّل حرّ الصيف بصبر البعير، فإن تجاوزت فاتورة الكهرباء الخاصة بك مبلغ 3500 ليرة، فأنت محروم من قسائم المازوت المدعوم ذي السعر المخفّض، إذ لا يعقل أن تمضي فصل الصيف - وأنت تتمتّع ببرودة المكيّف - وتطالبَ بالدفء بعد ذلك.
- إن كنتَ مرفّهاً تافهاً، وأرستقراطياً يأكل (جاتوه) ماري أنطوانيت بدل الخبز، وتمتلك سيارة أقوى من 1600 cc (حتى لو كانت موديل الستينات أو السبعينات)، فأنت غير مؤهّل حتماً للحصول على قسائم المازوت آنفة الذكر، فمن لديه رمزٌ من رموز الرفاهية في بلدنا، لن يكون سعر تنكة المازوت عبئاً عليه، ولن تعجز رفاهيته عن سداده.
- إن كنتَ ثرثاراً فارغاً، وتجاوزت فاتورة هاتفك الأرضي وهاتفك النقّال 1500 ليرة سورية، فأنت حتماً لا تستحقّ القسائم، إذ باستطاعك أن تستغلّ وقتَ الكلام في العمل للحصول على المازوت بطرق أخرى.
- إن كان مدخول أسرتك أكثر من 400 ألف ليرة سورية سنوياً، أي أكثر من 33 ألف ليرة سورية شهرياً، بما يعادل 8500 ليرة سورية شهرياً أو تزيد من دخل الفرد الواحد في عائلتك "المثالية" المكوّنة من 4 أفراد عاملين لا أكثر، فأنتَ رجل (عظامك من ذهب) ولستَ ممن هم بحاجة لقسائم مازوت مدعوم بسعر مخفّض.
أخي المواطن:
نحن حكومتك الأدرى بمصلحتك. وبعدَ أن طبّقنا قانون قسائم المازوت في العام الماضي، من دون أن نستثني عائلةً واحدة من العائلات، من حقّ الحصول على دفتر يخوّلها الحصول على ألف ليتر مازوت بسعر مخفّض، قامَ ذوو الذمة الواسعة ببيع القسائم والمتاجرة بها وسرقتها. وكان بينهم من (شرب) مازوت البلد كلّه؛ كي يؤمّن التدفئة الملائمة للمسبح المغلق في مزرعته الخاصة. لذا قررنا –نحن الحكومة- أن نضيّق الخناق عليك قليلاً أخي المواطن الطرطور، فلعلك تصبح ملزماً أن تثبتَ أنّك شحّاذ مستعطٍ ؛ فنمنّ عليك بقسائمنا الثمينة، وإلا: Hard Luck لكَ ولأسرتك هذا الشتاء!
-3-
أغنية نطرونا كتير...
وكم يسعدني أن تصغي معي أخي الطرطور إلى هذه الأغنية؛ فعساك أن تغيب معي في عالم الخيال البهيج!
الطرطور ناطر...
شو ناطر...
ناطر الباص... ناطر المكرو
ناطر الانترنت ليشبك.. وناطر الداونلوود ليخلص...
ناطر ليجيه الدور. بس مو ع شباك المخبز الاحتياطي، هي قديمة! ناطر ع شباك الصراف الآلي ليقبض.
ناطر المعاملة لتخلص. ناطر الموظف ليجي...
ناطر بيت الجمعية ليخلص. ناطر القرض ليخلص...
ناطر ابنو ليكبر. ناطرو لينهي خدمة العلم، بعدين ليتجوّز ويسكن ببيت الجمعية المذكور (أوعا تكونوا فكّرتوا بيت الجمعية ألو؟)
ناطر المازوت، ناطر قنينة الغاز، ناطر الكازية، وناطر كلّ شي في ثروات باطنية...
لك ناطر حتى الطاقة النظيفة العلمية! حدا بستنّى الشمس والهوا؟ حتى الشمس ما عاد بدّا تطلع علينا، والهوا قرف منّا وتسمّم من شوفتنا!
ناطر الفواتير، وناطر الرسوم، وناطر بفرع المرور ليدفع المخالفة.
ناطر بنت المدرسة، ناطر ع الشباك، ناطر عالمفرق، ناطر مواعيد الأرض وما حدا نطرو...
هالطرطور يا حسرة! مالو مين ينطرو...
ما حدا بينطرو، الكلّ بيدفشوه وبيكمّلوا بطريقهم..
بتعرفو مين بيستناه؟
ما عرفتوا...
ما حدا بيستناه؟
امبلا، رادارات مراقبة السرعة بالطريق بتستناه!
=============
========
المقالات المنشورة على هذا الموقع تعبر عن آراء أصحابها فقط